ملفات خاصة

فى سنة ١٩٨٢، أى منذ ثلث قرن، تلقيت دعوة من مدير جامعة صنعاء (الدكتور عبدالعزيز المقالح) للقدوم إلى صنعاء، لألقى بضع محاضرات عامة، أقوم أنا باختيار موضوعها. والدكتور المقالح شاعر معروف، ومثقف كبير، تلقى تعليمه الجامعى فى القاهرة، وعاد إلى صنعاء ليشترك فى بناء نهضة جديدة فى بلاده بعد ثورة ١٩٦٢،...
لم يكن يدور فى ذهن طه حسين، فى سنة 1938 عندما كان يكتب كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر» أن أحد الأخطاء الكبرى التى تهدد هذا المستقبل هو خطر «التعصب الدينى». وعندما كتب عبدالعظيم أنيس ومحمود العالم كتابهما فى «الثقافة المصرية» فى سنة 1954، لم يكن هذا أيضا أحد الأخطار التى يحذر منها الكتاب. لم يكن...
ليس من السهل أن نتصور ظهور يوسف إدريس وقصصه ومسرحياته، لو لم تحدث ثورة 23 يوليو 1952، فى حين أن من السهل تصدر نجيب محفوظ ومعظم قصصه ورواياته بدونها، حتى ما كتبه منها بعد الثورة. كان يوسف إدريس بلا شك «ابن ثورة 1952»، وان كان قد كتب أشياء قبلها. لم يكن غريبا إذن أن يتوقف يوسف إدريس عن كتابة القصص...
منذ كتب طه حسين «مستقبل الثقافة فى مصر» فى سنة 1938، أى منذ 76 عاما، ومنذ كتب عبدالعظيم أنيس ومحمود أمين العالم، كتاب «فى الثقافة المصرية» فى 1954، أى منذ ستين عاما، حدثت أحداث كثيرة ومهمة فى مصر وفى العالم، لم يكن طه حسين ولا أنيس ومحمود العالم يستطيعون التنبؤ بها، بل وأكاد أقول إنها لم يكن من...
الشعور بـ«الاغتراب» غير «الغربة». فكلنا «نتغرب» إذ نترك المكان الذى نشأنا فيه أو اعتدنا عليه، ولكن الشعور بالاغتراب معناه أن تشعر بأنك غريب حتى وأنت بين أهلك ولم تغادر وطنك. واحتمال الشعور بالاغتراب يزيد فى المجتمع الصناعى عنه فى المجتمع الزراعى، وفى المدن الكبيرة عنه فى القرية الصغيرة. لا أذكر...
لابد أن زوجتى وأولادى قد لاحظوا علىّ، مع تقدمى فى السن، أنى أعود، المرة بعد الأخرى، إلى تكرار وصف حادث حدث لى، واعتبره طريفا، أو جملة بليغة قرأتها فى كتاب أو سمعتها من شخص ما، وأعجبتنى، أو إلى وصف منظر من فيلم أو مسرحية أثر فى نفسى، وأحيانا إلى تكرار نكتة قديمة سمعوها منى من قبل أكثر من مرة...
أنا الآن في غرفتي وحيد ولا أحد معي إلا الله و الأثاث المحيط بي من كل جانب، فمنذ أكثر من أسبوعين وأنا هنا محاصر بشبح غير مرئي يقال له شبح « كورونا «، وبسببه فأنا لا أتحرك إلا عند الضرورة، أو إلى ذلك المكان الذي يذهب إليه الجميع أو الوقوف تحت « الدوش « البارد للاستحمام ولتسخين عضلات الجسم...
التناص كمفهوم إجرائي، أداة من الأدوات النقدية الرئيسة في الدراسات الأدبية المعاصرة، يتغيا الكشف عن النصوص المستدعاة إلى المتناص لجهة البرهنة على الغنى والثراء المعرفي، ولجهة الوقوف على كيفية اشتغال النصوص المتفاعلة المتداخلة وهي تبني المعنى، وتعمق الدلالة. إنه البحث اللذيذ عن مصادر النص، وعن...
أذعنت للحجر الصحي، ولأول مرة أسكن بيتي ليل نهار، لا أخرج إلا لماما. كشفت بعض العادات السيئة التي تمضغنا بمهل وبكياسة لا حد لها، كما لو كنت في إقامة إجبارية. استغللت الوضع وانخرطت في اللعب مع حاسوبي النقال، أدور عليه كما يدور الحاج على الكعبة مرتقبا ما يتلوه الله في عالمه، ولأني كنت منشغلا...
كان قد غادر مدينته في السابعة صباحاً، ووصل إلى المحطة الكبرى بعد ساعة ونصف عبر طريق تملأها الحفر والمنعطفات، اعتاد سائقو حافلات السفر السير عليها ببطء قتل في الركاب كل حلم بوجود مركبة تقطع المسافات الطويلة بيسر ذات يوم قريب أو بعيد، بل كل قدرة على تصور وجود دنيا أبعد مما تصله حافلات عمومية شائهة...
(1) فِي الْبَدْءِ كَانَتِ الْمُغَامَرٓةُ: كُلُّ حَدِيثٍ، عَنِ الشّاعِر أحْمد المجّاطي، يطْرح الكثِير من الأسْئلة المتعلّقة بالكتابَة الشّعرية ومَآلاتِها، تحوّلاتِها وإِضَافَاتِها، دُون إهْمال الطّروحات النّقدية، الّتي كانَت تُميّز المراحِل الأُولى لِولادَة القَصيدَة المغربيّة المُعاصِرة ذَاتِ...
ربما تكون عادة السرقة "البريئة" إحدى عادات الطفولة المتأخرة الشقية، أو المراهقة الأولى المرحة. ففي السرقة ـ كما نعلم ـ جرأة واندفاع، و»شجاعة» غير محسوبة ولا ملجومة، وعدم خوف مما سيقع غِبّها، وعدم تقدير لما سيترتب عنها كأن تؤول بصاحبها إلى ما لا ينتظر، وما لا يحمد عقباه. ومن تلك السرقات البريئات...
١ خلافًا لما يوحي به عنوان هذه القصة، فأنا لا أحب الضياع بتاتًا. إنني مخلوق ميَّال، أو صرت ميالًا إلى السكينة والاستقرار، لا أغادر الحي الذي أقيم فيه إلا لمامًا، ومن أبنائه من يضبط الساعة على مواقيت ظهوري. من كثرة ما امتلأ كوكب الأرض بالبشر، واكتظت الطرق بالسيارات والحافلات، بتُّ أخاف من...
ليس بيرة ما في كأسي ولكن بحر إيجة . والدليل : ثمالتي هذه ، هل أختصر ؟ إذن ، في شعر أبي نواس : النبيذ أبجدية . وفي شعري : أرخبيل ، ويخوت . هذه ثمالتي ، وهكذا هي، حين لا استعارات ، ولا نعوت . فقط هيولى نائمة . والظلال ، من حولها : طروس ، ومرايا هذه ثمالتي . وهكذا هي : شرسة ، وعالية ، منذ ان...
في الذكرى الخامسة والخمسين لاختطاف واغتيال الشهيد المهدي‮ ‬بنبركة لا قبر‮.. ‬لا تابوت لانه حلم،‮ ‬هل الحلم‮ ‬يموت؟ في‮ ‬كل شارع‮ ‬يخلد اسمه في‮ ‬هافنا وفي‮ ‬باريز في‮ ‬القاهرة‮…‬ وفي‮ ‬الرباط في‮ ‬دمشق او بيروت الذكريات لا تموت الذكريات لا تموت في‮ ‬كل عام،‮ ‬عند نهج سان جرمان نسترجع الزمان...
أعلى