قصة قصيرة

-1- رفع الولد لي رأسه فرأيت خطين أبيضين يصنعان مثلثا تحت أنفه، فحولت رأسي عنه ولكني لبثت أفكر فيه (منذ ذلك الحين كانت البراءة بالنسبة لي وجها مستديرا شاحبا يعلوه المخاط). ولكن الولد كان يجلس في ميدان وبجانبه كانت أخت له أصغر منه ترتدي بنطالا كاحلا باهتا به ورود زرقاء متربة. وكانت البنت تتعلق...
في الخيمة المعتمة ، حيث رقد الجند علي الأسرة السود ، يتصاعد لحن الحياة ، خليطا من الأصوات المتباينة المتداخلة ، شادي الصغير ، يغني بصوت الطفل: ياحنينة يا عيني.. عيني يا حنينة. التقطها من أفواه الصبية في عرس إحدى القريبات ، ضجة المذياع في مقهى الأقرع ممزوجة بالسيمفونية الكلاسك منطلقة من مذياعي ،...
ألقته في حجر أمي وخرجت.. قطعة لحم طازجة، لا يصرخ ولا يتململ.. لم يكتشف المصيبة التي وردت في قدومها.. تلك التي حملته في رحمها محصلة لمقدمات استغرقتها في حضن أبي.. نعم أبي.. ذلك الصلد الذي أوقع اللقمات في مرات كثيرة من فمنا.. وصادر الدموع في أعيننا.. نحن الصغار جدا.. الهلعين جدا.. التعساء دائما...
" أود لو يموت حبيبي ويتساقط المطر على المقبرة وعليّ كذلك وأنا أذرع الطرقات حداداً على أول وآخر من أحبني ". - صمويل بيكيت حلّ الليل بعد أن توارت شمس المغيب بجدائلها الحمراء الوحشية ليهبط صباح جديد، ينتابني إحساس غريب ـ لم أعهده وأنا معها هنا ـ حين يفد إليّ برد الليل ليفك عني سوار برد العزلة...
ما بين المغرب والعشاء الوقت كان . والمساء ضيف لا مفر من أن يستقبله ، والمدى شارع معتم يطول ، ومصابيح " صوديوم " وهاجة .. لا تضئ ، وبنايات كابيات جاثمات طالعات تجرح قلب الفراغ ، وعربات جامحات تمرق ، وحافلات للنقل العام توغل في الشراسة . والمدى أناس - لا تبدو ملامحهم يسيرون . الشباك ذراعان منطفئان...
زرقة بحر أخضر حلمت البارحة، قبل النوم بقليل… خلعت حذائي, وتر?ت أصابعي تغوص في حقل الرمل، توهَجتْ ?شموع. تقدَّمت بطيئا ?سلحفاة، فقست تواً، تحاول أن تهتدي إلي الرحم الذي انبثقت منه. ?نت الآن علي حافة البحر، تسربت إلي راحة قدمي، برودة لذيذة سرت في ساقي وتسلقتني حتي رأسي. س?رت، أترنح، البحر! غفوت،...
إلى: روح ((ك )) في تذكر المكان تنشط الذاكرة، قال ذلك لجاره الذي ينشر غسيله فوق حبل موتور في أعلى البناية الشاهقة قالها بحرقة الذكرى وهما يهبطان السلم، نحو الشقة المعلقة في الطابق الأخير. ذلك الهواء الرائع يثير حقا ولم يكن كذلك قبل نقل أمتعتي، فوق الأريكة الخشبية المغطاة بشرشف أزرق، شرع يتكلم...
ماذا لو قلت لها .."هل لكِ أن تسكنيني , تجري مع دمي في شراييني .. تتخلليني .."... أو بمعني أخر .." هل تسمحين لي أن أدخل حياتكِ , لأقاسمكِ العمر, والخبز, والكتابة ..".. فلنفترض قلت لها ذلك ..؟!.. ولنفترض أيضاً أنها رفضت ..؟! .. ماذا سيحدث ..؟! .. " هل تعتقد أنها سترفض ..؟! .. ربما ... دعنا ألان من...
كانت عيناه الزائغتان تحذرانى بشدة! كنا فى أول شارع أحمد سعيد من إتجاه العباسية، داخل الباص. صعد شاب مارقاً فى سرعة مثل السهم، وجلس على الكرسى بجوار الشباك خلف السائق. وعندما نظرت نحو الجالس إلى جوار الشاب، لمحت فى يده أسورة حديدية مربوطة فى يد الذى جلس إلى جواره، اليد اليسرى للعسكرى فى اليد...
لأصل إلى حجرة الانتظار، كان علىَ أن أجتاز ممراً يعج بالراغبين في مقابلته. هذا هو المقعد الذي أعتدتُ الجلوس عليه في زاوية صالة بيتي. هنا لاشىء آخر غيره، وعلىّ أن أجلس في انتظار أن يُسمح لي بالدخول. هكذا أبلغني سكرتير مكتبه، ثم طلب مني أن أخلع نظارتي، فليس لأحد أن يدخل عليه بنظارة. الأرضية...
عانق الدم الثرى، فاستحال الثرى طينا نقيا، وصار الطين حمأً زكيا، وأصبح الحمأ صلصالا عفيا، وأضحى الصلصال نورا دريا، وأُلقي النور إلى الرحم العنيد، ليحمل قبطانا – يشبهنا – صغيرا ٠ – أهو قادر؟ القبطان ياصغيرتي قادر على الإبحار، فهو يعشق السفائن ويصاحب الأنواء، يسافر في الخرائط ويحاور الأعماق، يهدئ...
أجبت على تساؤل أحد المسئولين عن ذاك المعرض الفني الجماعي بوسط القاهرة: «نعم إنها لي». كانت لوحتي تتوسط الجدار المواجه للباب الكبير؛ فزاد فرحي.. تكوينات اللون فيها حتماً ستشد أعين الزوار، كما أن شخوصها النابضة بالحياة تدعو للتفاؤل بذاك النور المنبعث برتقالياً شفافاً، والذي ركّبته من أكثر من لون...
أيقظه صوته وهو يصرخ منفلتا من كابوس لاملامح له. رأى الظلمة، وكانت صفوف كتبه أول ما لفت نظره فى غرفته الصغيرة شبه المعتمة. كان هناك شىء ما يزهق صدره. شىء ثقيل آخذ فى التضخم وموشك على الانبثاق. شىء أشبه ببئر تمتلئ وتوشك أن تطفح. تمتلئ بتسارع يخنق الروح فيسرع إلى الحمام ويطفح. وما يكاد يعود منهكا...
انظروا إليه، يتحدث كممسوس، يختبئ خلف نظارته الطبية كوطواط، ما الذي سيحدثكم عنه؟ امرأته تجلس في صحن مكسور، وأطفاله الأربعة، يسكنون في ثلاجة يسميها غرفة، ولديه سقيفة مليئة بالكتب والمجلات العتيقة، والفئران. فئرانه قرضت كل المجلات التي لم يستطع قراءتها في حياته، حتى كتبه الفلسفية الضخمة لم تسلم،...
الألقاب الطيبة لا تلتصق إلا بمن يستحقها، وأنا استحق لقب مهاتما، لذلك كانت أمامي مهام كثيرة، دخلت دكان الحلاق وأنا أهتف هتافا حماسيًا : أنا المهاتما رامز...! لم أجد من الحضور الكريم زبائن الحلاق إلا نظرات بلهاء وأفواه مفتوحة، تركوني أردد هتافي دون أن يسألني أي واحد عن معنى كلمة مهاتما التي...
أعلى