سرد

كل يوم يحير بهما … لا يعرف أين يضعهما وهو ينام .. أيشبكهما على بطنه كمن يصلي، أم يضعهما تحت رأسه، من الخلف، أم يعقدهما على جبهته ………. أتحت اللحاف أم فوقه .. أيسبلهما على جنبيه ؟ أيكتفهما فوق صدره ؟ يضايقه هذان الوجودان الأفعوانيان اللذان يلتفان عليه في الليل، ولا يعرف أين أو كيف يتخلص منهما ………...
الليلةَ عازفي حزين. سَوّى أوتاره على نغمات متجذرة الأسى، صَباهُ والنَّهاوَنْد.. وَشَدَّ وثاقي بإحكام لطقس يسود هذا الفضاء الذي لا يبدو أنه صانعه. لم أعترض على اختياره ولم ألمّح له بذلك، إذ تهيأ لي أنني في انسياب عفوي مع كل شيء حزين. لحناً، موقفا، إحساسا وانفعالا وتفاعلا. وكأن الجدوى، أنت حزين...
أحيانا أعجب لوزير لف في لقاء حملته الانتخابية عشرات المهاجرين، الكثير منهم يبدو أنه تحزم بربطة عنق كأنما يتعوذ برب الفلق من شر الغربة والأرق: "سأحضر لقاء يترأسه "وزيررر... (طول بها فمك) وعلي بمقام يليق به أن أضع له ربطة عنق، مشنقة بمعنى ما، شنقا لتلك الظروف القديمة"، تصور هذه القفزة العارمة: من...
تلك الليلة كنت مجرد دمية من قطن، بساقين نحيلتين، خفيفة جدا، ولي وجه طفلة بريئة. يحملني رجل عجوز في جرابه الكبير، بصحبة دببة وقرود ، وخراف صغيرة. يدللني فيجعلني أعتلي كيسه المليء بالدمى، ربما لإنني أجمل دُماه وأكبرها حجما . لذلك جعلني مرئية للجميع. فأجذب إليه كل من يراني ...
عندما يجذب أنفاسا عميقة من الهواء المحيط به، ثم يعيدها مرة أخرى فى هدوء وترو، فلابد أن تكون إصبعه على الزناد ومؤخرة البندقية فوق كتفه، وألا تمر أكثر من ثوان قليلة بعد اتخاذ القرار حتى يتمزق الهدف المحدد امامه، الذى يكون فى هذه الحالة منتصف جبهة أحد الخصوم الاقوياء، طلقة واحدة هى كل ما يحتاج...
سمعنـا من الراديو، أن جحـافل جراد أخضر ، يزحف زحفـاً من الشرق نحو ديارنـا وحقولنـا ، يـأكل اليـابس قبل الأخضر ، قال كبيرنـا وحكيمنـا بصوت متعب من تدخينه الكثير للكيف ، وهو يتكئ عل العصـا ( طيب الله ثراه إن كـان من الأموات وغفر الله له إن كان من الأحيـاء ) : من سمع لـيس كمن رأى، الصبر يا رجـال ،...
على هذه الجزيرة لا يوجد أحد سوانا، نحن ثلاث عائلات كبرى . جدهم وجدنا وجد الآخرين أبناء رجل واحد لم يعد أحد من الأحياء يعرف أصوله، كل ما يحكيه لنا الكبار أنه جاء من الشرق قبل قرون خلت، ومعه ثلاث زوجات، وثلاثة عبيد، ونوق ونعاج وضأن كثير، وكتب صفراء مغلفة بجلد الغزلان لم يجرؤ على فتحها أحد في حياته...
بعد ان انزلق شعاع الشمس من الافق واجتاح المدى .. ثلة من الاطفال في طريقهم إلى المدارس ، تجمعات بشرية في المقهى الوحيد في الحي يجلسون في شكل مجموعات صغيرة ويتناقشون في الواقع المرير الذى يعيشه البلد والمستقبل المبهم الذى سيؤول له .. وفي مقعد جانبي وحيد يجلس شاب عشريني بوجه لا يخلو من الوسامة...
"يا ميسلون"... الاسم الرقيق والذي فاح دماء في الشرق من جسد يوسف العظمة واجساد المقاومين... هكذا ينادي ابنته ذلك الأسود ذو الأنف المفلطح وعيناه تبرقان بماضي عروبته الزائفة. يقول له ذلك صديقه الغضبان دائما الحاقد على العروبة والمتمسك بأفريقية لا يجد لها أي رائحة سوى جلد أسود ومع ذلك فهو يتمسك بها...
بمستشفى المجانين وقع المجنون الملقب بالعصفور بحب الممرضة الشابة اللعوب التي كانت تمر عليهم لتعطيهم الدواء ، كانت جميلة بيضاء ، و كانت شفتاها مكتنزتين و تضع عليهما أحمر الشفاه ، فأصبح يطاردها من مكان لمكان و يتوسل لها أن تمنحه قبلة٠ لكي تتخلص منه قالت له : ـ لكي أمنحك قبلة ، يجب أن تعطيني مائة...
(1) كثيرًا ما كنت أراه على شاشة التلفاز، لا يمر يوم دون أن تطل صورته على الملايين من داخل هذا الجهاز السحري، الذى لا يعرف فضيلة الصمت؛ حتى ساد لدىَّ اعتقاد بأنه يقطن داخله، كنت ألمحه فى المباريات، يكون هناك دائمًا فى الثلث الأخير من المدرجات تجاه مرمى خصوم فريقه المفضل، حيث يحاصر لاعبوه هذه...
ها هو جد لويس رفقة جدتها، في الصورة؛ من حيث تعارفا يافعين بمزرعة مستوطن بلجيكي كانا عاملين فيها أيام الاستعمار بأجر زهيد ووفق منظومة عمل صارمة لا مجال لأي تهاون في تطبيقها. حتى أتى ذلك اليوم المأساوي عندما جمعت جدة لويس أقل من نصف الكمية المفروضة على كل عامل يوميا خلال حصاد ثمار البن، وذلك للمرة...
تركت زوجتى كوب الليمون وقامت لتشاهد صور الممثلات المعلقة على جانبي مدخل المسرح. تابعتها وأنا أرشف القهوة. فجأة إنقضت على : _ أنظر، أنظر. أليست هذه شاهندة؟ _ شاهندة؟ من تقصدين ؟ _ وهل نعرف ألف شاهندة؟ الممثلة طبعا، أنظر، ها هي تخطو باتجاهنا. نظرت بحسب إشارة يدها، رأيت عجوزا متصابية، تمشى متمايلة،...
أحاول أن أبدو عاديا.. تلتقي عيناي بأعين آخرين يحاولون أن يبدوا عاديين... أتسكع في الأرجاء و دقات القلب تماثل عدو عقرب الثواني الواحدة ظهرا.. انطلقت الجموع... هتافات... آمال... ضحكات و دموع.. الأدرينالين تشتم رائحته ( إن كانت له رائحة) من عدة أميال... و الوطن كاليوم السابق للعيد.. ينفض عنه أدران...
أعلى