سرد

أن يكون لك حرم، لا تسمح للآخرين باقتحامة، ليس فقط ضرورة أمنية، تحمي بها نفسك من تعديات الآخرين، ولكنه أيضا سلوك غريزي. نعم.. سلوك غريزي مازال مقيما في نفوسنا. نحن نرث كل السلوكيات الناشئة عن الغرائز من أجدادنا الأوائل، من إنسان الهوموسبينس، أول كائن قرر أن يقف على قدمين، ليستفيد من يديه، وهكذا...
كان الموظف الغلبان يبذل جهدا كبيرا للعبور إلى منزله دون أن يراه الجزار...وقد نجح عدة مرات -بشق الأنفس- في الإفلات منه ؛ غير أنه في ذلك اليوم ونتيجة للارهاق لم يكترث إلا للوصول إلى منزله حاملا كيسا به عشرة أرغفة فلم يبرح حتى وجد كف الجزار الثقيلة تهبط على كتفه النحيل. - الديييين...الآن وليس بعد...
آخر مرة رأيت فيها الذئب كان حلما في ليلة ماطرة. و انا اتحدث هنا عن ذئب حقيقي بفروته الناعمة و التفاتاته المتسارعة المتتالية يمنة و يسرة و في كل الاتجاهات كأنه يخاف من أن يغدر به أحد من بني ذؤبان!؟ قلت في نفسي، كم انا محظوظ ، إذ الصورة التي كنت اتمنى ان أراه فيها قد تحققت لي: ذئب حقيقي، على...
قالت لي نادية عندما كانت تودعني بمطار الخرطوم وهي تغالب نوبة ضحك مباغت : ( بالله يا راجل بقى عمرك أربعين سنة والزول البشوف صلعتك دي بقول عمرك ستين سنة !! .. شوف ليك علاج ليها في القاهرة ما ترجع لي بخلقتك العاملة زي دكتور تروتر !!!)... ضحكت بصوت عالي ولم انتبه إلا لسائق التاكسي وهو يحادثني : (...
تحكي اسطورة هندية قديمة جدا ، أن أول من سكن الأرض كانوا ذكورا فقط. وكان الذكور يستمنون على الأرض فتنبت أزهار أوركيد داخلها أجنة صغيرة ، وفي الربيع تنفتح أفواه الأوركيدات ليخرج أطفال ذكور أيضا. كان الذكور كلهم يعيشون في قرية واحدة وينتجون ما يكفيهم جميعا للحياة ، لم يملكوا أي مخططات للمستقبل ،...
من مراية تبدو واسعة لكنها قد لاتعكس الزوايا الحقيقية. في حال الانتباه للطريق.كانت انظار سائق الحافلة القادم من ” البلقاء” تحدق بإهتمام ناحية صعود الوفد الشبابي من ” مخيم السلط” وكان الشبان الذين يعلقون الباجات على صدورهم من غير بلد عربي. ” إنتهى الصعود. ولم يتبق أحد ” قالت “عروب”. مشرفة...
بكهفه المظلم تمدّد أيوب مهموما يدغدغد كوابيسه ، بعدما أرسل أحلامه في رحلة اقتناص لأشعة الشمس، حين اندلعت شرارة أضاءت عالمه المظلم ،،، بروميتيوس كان كريما وهو يمنحه شعلة المعرفة وينير كل العتمة المحيطة به، عانق أيوب ظلّه أخيرا و أحلامه المتشبعة بالنور وتوجه لمدخل الكهف حيث صخرة العبث والبلاهة تسد...
... نعم سيدي الرئيس اغتصبت زوجي، اغتصبته مع سبق الاصرار والترصّد! لا يربكك اعترافي سيدي، المرأة أيضا تَغْتَصِبُ وبكل جنون الشبق... أذكر أنها كانت ليلة خميس من شهر افريل في بلد أقل ما يقال عن طقسه في هذا الشهر " النار الحمراء" كنت أغادر الحمام.... طقطقات قبقابي كراقصة طانقو، نصف عارية، جدائلي...
التحق الراضي بعمله ساعي بريد . على دراجة زرقاء بلون بذلته يوزع " المانْـدة " وإنذارات المحكمة و رسائل الاتصال ... يدق الأبواب وينقر الأجراس ليوصل الأمانات والضمانات ... نصف سنة على هذه العادة اليومية ، كانت كافية للتعرف على أهل حي الكدية ، وكان المقدم كثيرا ما يستفسره عن ذوات " الماندات"...
في البدء (للمدينة وجه رجل وللقرية وجه أنثى وللخيانة وجه قرد) (رحيل امرأة يوازي رحيل عشرة رجال) (نذهب إلى الطبيب ليعالجنا ولا ندري أننا نعالجه).. الموسيقا التركية تنبعث من جهاز التسجيل القديم، صورة الفريق الوطني التركي لكرة القدم ملصقة على أحد الجدران، دخان التبغ يظلل وجوه المغتربين المجهدة،...
الخمسيني المطلوب .. يُحكى أنّ مجموعة من الجند في فجر يوم من الأيام، ذهبوا بأسلحة مشبعة بالذخيرة، طرقوا باباً لأحد المطلوبين، ولم يجب أحد، طرقوا أخرى ولم يفتح أحد، انتبهوا لامرأة تنظر إليهم من نافذتها، فشعورا بكثير من السخرية والانتقاص في نظراتها، شدّ أحدهم قبضته وأمرهم صارخاً: - اكسروه...
هـــي قضت عشرين سنة تصغي إليه يعزف وعينُها مظلمة. تدفق الألحان من حناياه نهرا من الجمال قدسيّا، وترجّع الأوتار خريرها السّماويّ. تنبسط لها حينذاك مركبة الخيال، وتعرج بها في ثنيّات السّماوات حتى العُلا. تجد هناك أبواب الجنان السّبع مشرعة فتدخل من أيِّها شاءت. وكانت كلّما دخلت جنّة وجدت العازف في...
لم تكن هناك أي مؤشرات في الصباح أنها سوف تمطر. استيقظ بعد الفجر مباشرة، حمل أدواته وانطلق بسيارته نحو المكان الذي حدده مسبقا للتصوير، حسب بدقة درجة ميل الأشعة وتباين الظل والنور في هذه المنطقة البكر في الصحراء، لم ينس أن يسمع توقعات الأرصاد وبدا كل شيء مواتيا. آخر موعد للمسابقة غدا وهذا يوم...
دقت الساعة منتصف الليل. سقطت منها دمعة وقطرات دم، لملمت جراحها، وحمالة نهديها على أسفل الدرج، وانطلقت تعدو في أزقة المدينة النائمة إلا من وجعها. كان ظلها يتبعها ناكساً رأسه، مثخناً بالجروح. ابتسم القمر حزينا في صدر السماء، وأشار لها أن تسند ظلها المعطوب. خففت من سرعة جريها، تباطأت خطواتها،...
كانت عيناها، ممتلئة بالدموع، وتصرخ كالطفل الرضيع، توقا، لثدي أمها، ونظراتها القلقة، لم تفارق تلك اللوحة، المعلقة على الجدران الممزقة من هول الرطوبة، التي كادت ان تنخر أحشاء البيت... كانت الأمطار الغزيرة، تهطل كأفواه النوافير، وتتسرب عبر ثقوب النافذة العتيقة، لتحول إطار النافذة، الى ساقية...
أعلى