قصة قصيرة

-4- رأى في المنام الخليفة سليمان بن عبد الملك، في حلة صفراء، ثم نزعها ولبس بدلها حلة خضراء، واعتمّ بعمامة خضراء، وجلس على فراش أخضر، وقد بسط ما حوله بالخضرة، ثم نظر في المرآة فأعجبه حسنه، وشمر عن ذراعيه وقال: أنا الملك الشاب. نهض الشيخ من فراشه، هجر دفء الفراش واشتهاء أصغر زوجاته وأجملهن: اللهم...
ثمة أنثى مطلقة تحوم بروحها بين الكلمات، وترف بأجنحتها حول قامات الحروف، تلويها، انغلاقها، انبساطها، تحوم الروح الأنثوية فاعلةً. في النصوص الموغلة في القدم نجدها الغاوية، فهي من دجنت أنكيدوا جوار نبع الماء وأخرجته من التوحش إلى التحضر في مهمة نبيلة، وهي في النصوص الدينية من دلت آدم على الشجرة...
كان هذا هو اليوم الوحيد الذي جلسْت فيه خارج مكتبي، فقد كان العمال يقومون ببعض الإصلاحات في أثاثه، وقفَت أمامي بهامتها المديدة، سألَت زميلة تجلس بجانبي عن إجراءات تسوية للمعاش المبكر. فقد فتحت الحكومة الباب لمن يريد الخروج قبل سن التقاعد، نظرْت إليها بعمق، هذه الملامح ليست غريبة عني! حينما...
لم أرَ جدي، مات قبل أن أولد، لكن سمعت أبي يقول: إنه لم يمتْ، ولقطع الطريق على تفشي فضيلة السؤال والحوار بين أبنائه.. أستدرك متسائلاً: كيف يموت من مسَّه قبسٌ من روح قدسية؟ ظلت صورة جدي في أذهاننا مبعثرة، تتقاذفها ريحٌ، شاء أبي دائمًا أن تظل تعصف بالصورة، فتبقى في التيه بعيدة عنّا، ويبقى أبي وحده...
بصوت جهوري صاح حنورة التختوخ صعلوك القرية فى الميكرفون : أبشري يابلد المبروك صاحب الكرامات وصل بعلمه الساطع وعمله الباهر، أسموه بالتختوخ لسمنته المفرطة، فهو لا يكف عن الأكل وهو الحاضرعلى كل موائد القرية دون دعوة، ولا يكف عن سباب طارديه، فيتركونه مخافة لسانه، أجاد فصاحة الكلم، من كثرة جلوسه فى...
كان لوالدي، حمله طويلا في عجاف سنينه التي رامته حزن متجدد، لم يشرع قط في تغيير حرفته رغم كثرة مآسي حكايا الصندوق... الصندوق الاسود، هكذا كان يطلق عليه حينما سألته فقال: اسمع يا بني هذا الصندوق فيه اسرار لو تفشت لربما احدثت كارثة.. لم اصبر فقلت على عجالة لكنه صندوق حكايا للأطفال.. اشار لي باصبعه...
وقفت في مكتبتي أكثر من ساعة أقلب النظر في أوراق قديمة يعود بعضها إلى أكثر من ثلاثين سنة . ثقارير تفقد، صور فردية وأخرى جماعية. جداول أوقات، شهادات طبية بعضها لأطفالي وأغلبها لزوجتي، دفاتر مدرسية، شهادات شكر، شهادات تقدير، دعوات أفراح، كشوفات لحسابات بنكية من فروع مختلفة، تحاليل طبية من مخابر...
أستيقظ آدم مرعوبًا بعد قيلولة قصيرة، رأى فيها صورًا غريبة في منامه.. نادى على زوجته ليقص عليها ما رأى، ولتعد لهما شاي العصر، فليست هناك طريقة يغير بها مزاجه غير الشاي مع فطائر البرقوق التي يفضلها. مرت دقائق، لم يأت له بالشاي، ولم يشم رائحة الفطائر بالقرفة. أين حواء؟! سأل نفسه متجهًا صوب السلّم...
تواجه القناة الضَّيِّقَةُ صفًّا من دور النَّجع، بينما تلامس حافَّتها الأخرى سياجًا شائكًا من أشجار السَّنط، يمتدُّ بطولها، ويخفي ما ورائه من الحقول. حينما تكون القناة خاليةً من الماء، يلهو الصّبيان في مجراها، تنبش أظفارهم قاعها الرَّخْوَ؛ فتتلطَّخ أيديهم بالطِّين والرَّمل، وتصبح الضَّفادع، و...
كل يوم أنتظر حديثها، الذى يستمر لساعات، المستشفى خانقة الصوت، يسمع فيها رنين سقوط الإبرة، حتى أحاديث الأطباء والمرضى هامسة، المريضة التي حجرتها تلاصق حجرتي، تحادثني عبر الجدران عن شرفتها الأشبه بالتلفاز، كيف تصافح من خلالها الناس والكائنات والأشجار والأزهار، وكيف يغمرها ضوء الشمس، كانت بالنسبة...
فشلت فى طلاء وجهها، بطلاء يمنع العمر من التقدم، أمام زحف التجاعيد والحفر التي داهمتها، حتى قوامها الأبنوسي الجميل، الذى كان يخطف الأنظار، أوشك أن يغادر هيكله، تعيش الوحدة ومواسم الوجع، تقاوم الإحتضار، وتضمد جراحات الأيام، لابد لها الخروج من الفقاعة الكبيرة الخانقة المطبقة بها، والتي عزلتها عمن...
ما كاد سيد- سائق العربة الكارو – يعبر شريط الترام بالميدان بالإسكندرية، حتى وجد عربة نقل كبيرة قد احتكت بعجلة عربته. وقف بالعربة فى سوق السمك المجاور لشريط الترام وألتف الناس حوله. حماره كاد أن يموت، سائق عربة النقل يريد أن يعبر شريط الترام بنفس السرعة التى يعبر بها شارعا عريضا، خاليا من...
بينما أسعى بحثا عن ضالتي تغمرني تلك الذكرى تسيطر علي سيطرة تامة لا تتوقف عن ملاحقتي ، تحاصرني في صحوي وفي منامي ، شيء ما يزج بها في رأسي فتبدأ في الدوران حولي ، لا أعرف أهي ذكرى جديدة أم قديمة ، يبدو أنها جديدة وقديمة في آن واحد ، صارت أقرب من الواقع ولا يمكنني تجاوزها ، علي أن أجاريها ربما...
كان محبوبًا من مدرسيه، ومن زملائه في الصف، فكانوا يلجؤون إليه في شرح الدروس، وحل الواجبات المدرسية، وأحيانًا يستعيرون دفاتره لينقلوا منها حلول المسائل التي كانوا يكلفون بها، خاصة في الرياضيات وقواعد اللغة العربية(النحو). لم يكن يفكر يومًا أن يكره أحدًا، أو يدخل في عراك مع أحد. لكن ذات يوم، بعد...
مازال يسدد نظراته اليها بوقاحة، لماذا هي وهناك آخريات يفوقنها جمالا فى المكتبة العامة، التى ألفت الذهاب اليها، كلما داهمتها حمى الكتابة، شاعرة تكتب بمشرط جراح، لا بالقلم، لها جرأة أمل دنقل، وبساطة الأبنودي، نالت العديد من الجوائز، متدربة فى قصور الثقافة، مازال يحدق فيها، نظرت اليه فى خلسة،...
أعلى