سرد

تركت شيئا مهما في درج مكتبي. هذا ما كان يلح على وأنا في طريقي إلى البيت. هاجس لم أتمكن من السيطرة عليه، ولم يكن ثمة طريقة للخلاص منه، سوى أن أعود وأتأكد.. ما الذي نسيت؟ لكنني متأكد أنه مهم.. مهم للغاية. الآن..ألوم نفسي: لماذا خرجت متعجلاً بمجرد أن وصلني خطاب المدير العام؟؟ لم يكن بضرني لو بقيت...
استرسل الوقت في ضحكاته السّاخرة وفي إشارات ابتدعها لتستوعب كلّ نرجسيّته، فانزعجت السّاعات وتسرّب الاشمئزاز إلى بنيّاتها الدّقائق بعد أن تصاعدت رائحة الخمر من فم الوقت المترنّح. فخافت الدّقائق على أجنّتها الثواني، وانزوت في ركن بعيد عن الضّجيج والأضواء، وطلبت تعويض الكوكا كولا بالمياه المعدنيّة...
ينهض الروائي لمكبته، ليهمّ بإكمال الفصل الثالث من روايته، ينظر باستغراب، تجحظ عيناه، ينسحب بجسده إلى الخلف، يفرك عينيه أكثر من مرة، ويلقي باللائمة على نوع سجائره الذي قام بتغييره مؤخرا، لكن لا شيء بإمكانه فعله، يقلب الصفحات، يبحث هنا، يبحث هناك، كل أسماء الشخصيات وضمائر الملكية وضمائر الغائبين...
ليلة أمس دارت بي رأسي؛ هجم علي النوم وله سلطان شديد الغلب، غبت عن عالمي، تباعدت همومي، جاءني ذلك الطفل الذي لم أر وجهه من قبل، جسده محاط بالشوك كما الصبار البري، لا ينتعل غير الحفاء، داهمني بأحلامه الموؤدة؛ أخذ يسخر من جسدي المترهل، يعبث بعقلي المثقل بالأوهام؛ يسب عجزي ويهزأ من خرفي. تمتيت أن...
إلى ابتهال سالم تعبت البنت ( المكتنزة البيضاء ) من السير بمفردها فى شوارع المهندسين الداخلية الهادئة ، وظلت تبحث بعينيها المجهدتين عن مكان آمن تستريح فيه حتى أنتهاء موعد العمل ، فتعود مغسولة من حزنها ، وتدعى كذبا أنها ذاهبة لتصلى ركعتين فى مسجد السيدة نفيسة رحمة ونور على روح صديقتها الغالية -...
وهما يتشبثان بالقِدرِ الأبيضِ كي لايقع وبيدها ضرعٌ وبيده ضرعٌ آخر، سألها! متى بدأنا نحلب سويًّا؟ ، كان يضع يده خلفَ ظهره من طول البقاء جالسًا، زمَّتْ شفتيْها، لا أتذكر؛ ربما منذ وُلدَ العجلُ الأبيض، انتصفَ الإناءُ وهما يضغطان على الضرعين والبقرةُ في سكون، ألهتْها فروعُ القصبِ الأخضرِ الذي تأكله...
سحبت الشمس أثوابها فى رحلة الغياب، وتسلل الليل عبر شباك النافذة الذى كان مواربا، يقطع السكون رنين الهاتف، الذى حمل خبر نجاح كبرى البنات، أخيرا حصلت على بكالريوس الإعلام قسم صحافة، إلتحقت بالعمل فى إحدى الصحف الخاصة، بعد رفض والدها العمل تحت ريادته، فى واحدة من الصحف القومية الكبرى - تجلس...
.. ودلفت إلى دكان الخضراوات ، فتبعتها ، ودنوت منها ، ثم همست : - صباح الخير يا معزوزة. حرکت شفتيها دون أن تنبس ، ثم أشاحت بوجهها ، فعدت أهمس : - صباح الخير يا معزوزة. قلتها هذه المرة بعد أن أمسكت براحتها ، وضغطت عليها برفق ، ولكنها انتزعتها ، ودارت بعينيها في أرجاء الدكان ، الذي كان يعج بالنسوة...
بعد أن أكملت عملي في انقرة، سافرت الى أزمير، بسبب إصرار أحد أقربائي بضرورة زيارتهم هناك، ازمير هي أقرب محافظة تركية الى بحر ايجه، وبعد الترحيب وتناول طعام الغداء، طلب مني قريبي التجول في المدينة ساعة، ثم الذهاب ساعة أخرى الى مركز المساج في نهاية الجولة، الى حمامات مشهورة بها المدينة . ليس عندي...
حارتنا محاطة بأسوار قديمة، كل الذين تركوا بصمتهم في التاريخ هدموا من أحجارها الكثير؛ والآن بوابة المتولي مصابة بداء جديد عجز الجميع عن معرفة أسبابه، سكن أبو النوام درب الجماميز على حين غفلة من أهله، جعلهم يتثاءبون كل لحظة، سرى النعاس إلى درب سعادة والسراجين وقلعة الكبش ودرب الهوى وحارة...
– إنه أمر لا يطاق. قال لنفسه وهو يجتاح النفق المظلم الذي أحسّه طويلاً لا ينتهي. تحسس سكينه، ربما أصبحت قديمةً ولا تؤثر في الحجر الذي يحيط به من كل جانب فيجعله يشعر بالاختناق، وبين لحظة وأخرى يصاب بالغثيان فلا يعرف الخلاص من كل هذا الرعب والتشتت. ألم الوحدة والهواجس التي تلاحقه فتجعله ضعيفاً،...
على الخريطة. تساقطت تباعًا كسماء أمطرت مقصلاتٍ في ليلة بلا غيم ٍ، ثم بطريقة ما أصبحت جزءًا من الشجر والبشر و الحجر ، لم يمت أي شيء ، ولم يعش ، ظل كل شيء معلقٌ على هاوية الحياة ، ولا تزال العنقاء تنتظر رمادًا كافيًا لتنتفض. والحدود مساحةٌ عابرةٌ لقضاء ما استعصى قضاءه خلفها أو أمامها ، كأن ينتقل...
يا له من صوت خرج من سقف حلقه! ذهل الجميع ونظروا له غير مصدقين، وفي الواقع كان هو أيضا غير مصدق فقد خرج منه بدون أن يدري وكأنه شخص آخر. يبدو أنه قد تعلم الدرس! في البيت، يستمع "طاهر" إلى الموسيقى واضعا السماعات متأثرا بما يسمعه من موسيقى مع سقوط الدموع من عينه، يقطع اندماجه مع الموسيقى صوت بائع...
كان الحاج مسعد جالسا على كرسيه المتحرك صامتا ساهما يتذكر دائما كيف كان وكيف أصبح، يتم تحريكه يمينا ويسارا ليستقر منزويا في ركن ما. يجيء وقت الغذاء فيأكلون كما يشاؤون ويجد في طبقه المسلوق من الأكل. اشتاق للمحمر والمشمر وإلى خروجاته التي كانت لا تنتهي وجلساته على المقهى. أصبحت من هواياته الآن...
التاسعة مساءً، لا كهرباء، اللّيدات تلقي بضوئها الخجول على الورقة، اعتدت الكتابة على اللابتوب، لكنه معطّل والايباد بطاريته نفذت، نصف سيجارة بيدي اليسري يتصاعد منها خيط أبيض نحو السقف ويدي اليمنى يحرّكها القلم الاسود. الآن سأكتب القصة، هل من السيء أنها تحتوي على الكثير من الحوار؟! أعددت كأس شاي...
أعلى