سرد

يستيقظ على صرخة من كان يقتله في الحلم، فيعتدل، في الظلام الشفيف، ويشرب الكثير من المياه من زجاجةٍ صغيرةٍ تجاور سريره دائمًا، ويفكر أن ينام مرةً أخرى، غير أنه يخشى أن يعود للحلم، كما يحدث غالبًا، فيتأكد أن من قتله هناك كان ابنه، لذا يقوم وهو يشعل سيجارةً، يمشي إلى النافذة، وقبل أن يفتحها يعود إلى...
ما إن أبصرت تلك الحديقة المسيجة بسور حديدي و أشجار عالية، حتى انجذبت إلي بابها الصدئ المفتوح على مصراعيه؛ فعبرته في لمح البصر، و لم تمر سوى لحظات، حتى اكتشفت أن المكان مقبض بدرجة مريعة؛ فالصمت مطبق، و الضوء خافت، و الأرض خشنة، و الأعشاب مصفرة، و الزهور ذابلة، و البتلات متيبسة، باهتة...
كان السيد سين مهووساً بجمع الاسطوانات الموسيقية، لقد كان يمتلك حساً موسيقياً مرهفاً، ورغم ذلك فلم يتعلم الموسيقى أبداً. كل حبه للموسيقى تمثّل في الاستماع لها. كان يستمع كأنه يصلّي، الموسيقى الكلاسيكية بالذات. في منزله الصغير جداً، دائماً ما كان يُسمع من داخله صوت الإذاعة الكلاسيكية ليل نهار...
هناك من يغلق شباكه فى وجه السعادة، لأنه لايقدر على فرد جناحيه، والنهوض من تحت الدثر، لا يفعل ماتفعله البجع فى سعيها للرزق، وسط ثلج الفضاء العاصف، الحياة دأبت على منحنا حفنة من الهموم، بين الوقت والآخر، هى مقدرات لا تخصنا وحدنا، لكن هذا شأنها مع كل الناس، لابد للهموم أن تحلق فوق رؤسنا، لكنه...
1 جلس في المقهى، وطلب كالعادة فنجان قهوة. لم يفرغ من احتسائه حتى مرّ من أمامه حشد من الأطفال يضحكون، ويجرون خلف ذكر وأنثى من الكلاب متلاصقين، ويرمونهما بالحجارة. فجأة قفزت إلى ذهنه واقعة شغلت الناس، وأضحكت الكثير منهم، لكنها كانت بين رجل وامرأة من أعلى الهرم الاجتماعي. لم يكن هناك انترنيت، ولا...
١- لم تهدرنا هذه المدينة بل قالت سأتركهم للنعاس، لولا النعاس لأصبحت المنازل حصن تغادره بانتهاء المعركة، الحياة ليست ملحمة واحدة بل سلسلة، والمنازل ليست قيد بل متسع، ولذلك غامرت وتخلّيت، لدي مكان للنوم، ماذا سأقترف بعد ؟ ٢- الليل ليس بحاجة أحد، إنه لا يترافع، ولا يتسامر حول بني الأحمر، هو مثل سر...
إلى عادل القصاص، وإلى أرواح نعرفها معا. كان إبراهيم الليموني أعمى، ولأسباب شائعة، عن معرفة أنه سيموت عصر هذا اليوم. في العادة، يغافلك يوم موتك الجاحد بأن يظهر لك كيوم عادي كسائر الأيام، فقط الآخرون سيعرفون أفضل منك، وهذا بالضبط ما حدث لإبراهيم الليموني. كالعادة، أي عادته، أنه يستيقظ مبكرا...
سرد أحد نزلاء المقابر لدى عواد حكايته لتكون عظه أو حكمة لمن يقرأ ما دونه عواد في سجلاته عن حكايات الموتى.. يقول النزيل 1890 –وهو تاريخ دفنه- بدأت من تحت الصفر، كنت شيالاً بميناء الإسكندرية ثم تمكنت أن أكون رئيس الشيالين في فترة قصيرة من عملي بالميناء رغم صغر سني، لقد كنت محبوباً من الزملاء،...
بزيت شعرها الخاص .. تدهن سما شعره الكثيف المتهدل على عينيه .. ثم تمشطه له على مهل .. بعد حمام ساخن .. ليجري كالكرة متدحرجا هنا وهناك .. فمنذ أن أهداها إياه خالها كريم .. وقد أصبح محط اهتمامها البالغ .. بحب يتمسح بسيقانها .. عاويا لها بطريقة كأنها رجاء .. تفهم سما ما يريد .. فـتعتلى السلم...
كنت أعرف امرأة استوطن السرطان رحمها. وهناك في رحمها، يختبئ كل الأطفال الذين لم تلدهم أمهاتهم، روضة أطفال رحمها، تُلصقهم صدرها، تلقُمهم ثديها، وتمد لهم ذراعيها بين الحبو والعَدْوِ، تدسُّ لهم شطائر الزعتر بحقائبهم عنوةً، تمشّط شعرهم، وتجدّل شعرهنّ في حضنها، تراقبهم من وراء الشباك يركبون الباص، بكل...
... ومن دونهما عصفوران يشقشقان من روعةِ المكان وشدةِ الفرح، لونهما مثل لون جسديهما الغضين، قال لها :لاتعجبي من فرحة طائرين بجناحين؛ ربما من فرحهما سيطيران بالحُبِّ ويتركان لنا النظرات، قالت ياليت لنا جناحين فنهرب مثلهما من الأرض حتى نستلذ بالحب في الجو، قال لها دعينا على الأرض فأنا أخشى أن أهوي...
بعد بضعة أيام من العمل،قلت لنفسي لن أصمد في حمّام البخار هذا،وسأغادر بعد أيام،حاولت أن أقلد الإنجليز الذين يخرجون للسباحة في هذا الطقس المثقل بالحرارة والرطوبة،وقلت في نفسي لعلّ السرّ في القبعة،استعرت قبعة من أحدهم،أعارني إياها عن طيب خاطر لمّا شرحت له الظروف،ولكني ما كدت أخطو إلى الخارج حتى...
ــ انطلاقاً من النص المعرفي في تعارف اللقاء الأول، اسمحي لي سيدتي أن اقول لك: ــ التجليات الكبرى لإعلاء قيم المعرفة والتواثق فيما بيننا لإكمال دائرة الدهشة مرهون بالتفكير النقدي والتواصل الفكري، وليس بالتسلل عبر البنية اللاشعورية للذات عند خفقان النظرة الأولى. نظرت اليه بعينين زائغتين وهزت...
يضوع عطرها وينتشر فيسكره، يبادلها الإبتسام وهو يضع الساندوتش الذى إعتادته على الطاولة، شاهد حيرتها وهى تفرغ حقيبتها فوق الطاولة، بحثا عن النقود التى لم تجدها بين دهشتها وحيرتها، عاد النادل بفاتورة الحساب بعد ما سددها من جيبه، شكرته وهى الزبونة الدائمة للمطعم، أشياء كثيرة تدور برأسها لم يكن من...
كان حجمها برأس نملة لكنها كانت قادرة على التطويح بهذا الجسد الكبير وجعله يتهاوى دابًا الأرض، لقد كان الرجل في معرض بحثه عن الله في سنوات حياته الأخيرة، فقد أضحى يصلي بل ويصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. لا يريد للقطار أن يفوته. خمنت بفعلها هذا أنها قدمت اليه معروفًا، من يظفر بموتة كهذه،...
أعلى