نمت وصحوت وما تركت الأحلام منامي ،تخادعني وتأبى إلا أن تمثل لي واقعا ،رأيت الراحلين تجمعوا ربما شدني بعضهم لعالمه،ولعلني متشوق إلى رؤيتهم ،ثمة ظنون تعاودني كل حين، ها هي الليالي تتوالى والذكريات تتدافع ،أمسك ببعض خيط منها فتفر هاربة مثل غزال يهرب من قانصه،لعين تتبعني رواء جمال ويد دلال!
الجوع...
نسوق الأحلام إلى خط النهاية، لم نكن نعلم حقيقة الأحلام، ضحكاتنا، مساءاتنا، ليالينا المقمرة، ركضنا في الصباح، مزاحنا لدرجة العراك والعتاب والهجران، أقول لها بعد الخصام :هذه آخر محطات المزاح، تهزأُ بي ثم تركلني فتسقط على الأرض، يُغشى عليَّ من كثرة الضحك على ريشة وقعت على الأرض ليحركها الهواء،...
كلمات عابثة متسكعة على سطور غير مستقيمة، وسنوات عمر تتساقط سنة تلو أخرى، كأوراق خريف ذابل، بها نكهة الشوق المجروح، وخطى الحنين المرتعشة، وذاكرة هرمة موبوءة بالصدأ تارة، ومثقوبة بأضغاث أحلام تارة أخرى، الحزن ينمو ويكبر ويتمدد كشجر اللبلاب، الذاكرة شاحبة متعبة، لا نرى من خلالها سوى الجزء الأصغر من...
ذهب مبكرا ساعة عن موعد أول مباراة شطرنج له في المسابقة لهذا العام. أخذ يتمشى في جنبات المكان. الأنوار ساطعة والمكان واسع، وطاولات الشطرنج بدت متراصة بطول وعرض المكان مع وجود ساعات التوقيت على كل طاولة. لقد عرف على مدار السنين أصول المسابقة وتدرب كثيرا طوال الشهور الماضية وراجع كتبا في الخطط...
… إذ وجدتني حرّاً , طليقاً , مُتفرّداً , جامحاً , متمرّداً , غير مشاعٍ ولا تابعٍ ولا مُتعدّد..!!
كنت أُدوّر العالمَ بإصبعي مثل كرة , وفجأةً تسلّلت إليَّ من بين سطور قصَّتك المشؤومة , وهمستَ لي بكلماتِك الشيطانيّة:
” ما أمرَّ أن تبقى عازباً .. أن تكون مريضاً وحدك, خلال أسابيع, وأنْ تتأمَّلَ من...
عادة ما تنفض أسمار المساطب في مثل هذه الساعة من الليل؛ فتسكن حركة الأهالي، و تتلاشى أصوات الساهرين؛ فيملأ النباح الشوارع المظلمة، و تضج الغيطان بنقيق الضفادع، و صفير الصراصير. تغلق الأبواب، و تطفأ المصابيح؛ فتجثم العتمة فوق النجع. تغفو حياة، و تستيقظ حياة أخرى محمومة فوق الفرش، و إلا، فالنوم...
تأتي ريماس، كل يوم، الى ساحة التماثيل، في مركز هذه المدينة البعيدة عن ديارها، وهي تضع على وركها العريض طفلتها ذات العامين، ثم تجلس في مكان محدد على مصطبة حديدية، أمام أحد التماثيل، الذي يشبه وجهه الى حد كبير، وجه الألماني الوسيم الذي ألتقاها قبل ثلاث سنوات في مؤسسة توزيع المساعدات على اللاجئين،...
جاء من قريته بعد التحاقه بكلية الآداب بالإسكندرية، لم تره المرأة من قبل ولا تعرف مدى قرابته لزوجها، كان طويلا نحيفا خجولا، ينظر إلى الأرض معظم الوقت وهو جالس بينهم.
رحب زوجها به، وظلا يتحدثان عن القرية وما حدث فيها؛ لقرب الفجر، وزوجها في غاية السعادة، فهو يحب الحديث عن القرية، ذكره ذلك الشاب...
ما زلت أذكر جيدًا ذلك اليوم الذي التقيتُك فيه لأول مرة، كنتُ في الثانوية العامة، وطوال الطريق إليك كنتُ- كعادتي قبل الذهاب إلى أي لقاء مهم- أتخيل كيف سيكون اللقاء، بل وأتمادى في رسم الحوارات والسيناريوهات المتوقعة. صافحتَني بحرارة ثم تحسست وجهي بين يديك. تنظر إليّ وتقول في نفسك، كيف تحوّل ذلك...
تركت شيئا مهما في درج مكتبي.
هذا ما كان يلح على وأنا في طريقي إلى البيت. هاجس لم أتمكن من السيطرة عليه، ولم يكن ثمة طريقة للخلاص منه، سوى أن أعود وأتأكد.. ما الذي نسيت؟ لكنني متأكد أنه مهم.. مهم للغاية. الآن..ألوم نفسي: لماذا خرجت متعجلاً بمجرد أن وصلني خطاب المدير العام؟؟ لم يكن بضرني لو بقيت...
استرسل الوقت في ضحكاته السّاخرة وفي إشارات ابتدعها لتستوعب كلّ نرجسيّته، فانزعجت السّاعات وتسرّب الاشمئزاز إلى بنيّاتها الدّقائق بعد أن تصاعدت رائحة الخمر من فم الوقت المترنّح. فخافت الدّقائق على أجنّتها الثواني، وانزوت في ركن بعيد عن الضّجيج والأضواء، وطلبت تعويض الكوكا كولا بالمياه المعدنيّة...
ينهض الروائي لمكبته، ليهمّ بإكمال الفصل الثالث من روايته، ينظر باستغراب، تجحظ عيناه، ينسحب بجسده إلى الخلف، يفرك عينيه أكثر من مرة، ويلقي باللائمة على نوع سجائره الذي قام بتغييره مؤخرا، لكن لا شيء بإمكانه فعله، يقلب الصفحات، يبحث هنا، يبحث هناك، كل أسماء الشخصيات وضمائر الملكية وضمائر الغائبين...
ليلة أمس دارت بي رأسي؛ هجم علي النوم وله سلطان شديد الغلب، غبت عن عالمي، تباعدت همومي، جاءني ذلك الطفل الذي لم أر وجهه من قبل، جسده محاط بالشوك كما الصبار البري، لا ينتعل غير الحفاء، داهمني بأحلامه الموؤدة؛ أخذ يسخر من جسدي المترهل، يعبث بعقلي المثقل بالأوهام؛ يسب عجزي ويهزأ من خرفي.
تمتيت أن...
إلى ابتهال سالم
تعبت البنت ( المكتنزة البيضاء ) من السير بمفردها فى شوارع المهندسين الداخلية الهادئة ، وظلت تبحث بعينيها المجهدتين عن مكان آمن تستريح فيه حتى أنتهاء موعد العمل ، فتعود مغسولة من حزنها ، وتدعى كذبا أنها ذاهبة لتصلى ركعتين فى مسجد السيدة نفيسة رحمة ونور على روح صديقتها الغالية -...
وهما يتشبثان بالقِدرِ الأبيضِ كي لايقع وبيدها ضرعٌ وبيده ضرعٌ آخر، سألها! متى بدأنا نحلب سويًّا؟ ، كان يضع يده خلفَ ظهره من طول البقاء جالسًا، زمَّتْ شفتيْها، لا أتذكر؛ ربما منذ وُلدَ العجلُ الأبيض، انتصفَ الإناءُ وهما يضغطان على الضرعين والبقرةُ في سكون، ألهتْها فروعُ القصبِ الأخضرِ الذي تأكله...