سرد

نظّفتُ أمام دكّاني الصغير المعروف باسم "كاتب عمومي" وسط السوق البلدي، ورميتُ النفايات أغلبها من نهايات السجائر الرخيصة وبعض مسودات وثائق الزبائن من اليوم السابق في عربة الأزبال. عدتُ وفي يدي سطلٌ بلاستيكيٌ ملأته من دكان جاري سي الغزواني، وهو الحلاق المعروف بحانوت "الأناقة على قدّ الحال"، لأرشّ...
"ابنتي العزيزة ، أعلم أنكِ عندما تصحين من أثر المخدر ، لن تجديني بجوارك ، وأنتِ تعلمين كم يؤلمني ذلك، اني خَجِلٌ من نفسي أمامك ، خجل من شعري أمام شعرك الناحل ، وجسدك الهزيل ، وعيناك الغائرتين . لا أستطيع مهما حاولت أن أبرر عدم وجودي بجانبك بعد الآن ، أتمنى لو كنت أمنية محققة لكِ ، أو صلاة لا...
هرب من ضوضاء العمل وتكدس الملفات، ونفاق السكرتارية المفتوحة أفواههم طول الوقت، على إبتسامات بلهاء باهتة، إختارته أبعد طاولة مهملة بالمقهى، جاءه النادل بقهوته المعتادة، يحتسى قهوته متلذذا، مقلبا فى ذاكرته عن أمسيات طيبة حلوة، ذهبت مثل كل الأشياء التى تذهب، حين كان يصحو على إبتسامة زوجته،...
كانت الناس تتطلع إلى في تعجب !!! وكنت مشدوهاً حائراً … لم أكن ميتاً ، هذا ما أستطيع أن أؤكده. إنني أثق تمام الثقة أن هذا العالم ليس وليد اللحظة ، وأن كل ما أفعله الآن قد فعلته من قبل عشرات المرات، ولكن في هذه المرة يبدو لي الأمر وبعد طول الزمن وكأنه يحدث لأول مرة. إن الأشجار تكاد ترقص فرحاً ،...
كوني أحمل فكرا معظم من يعرفونني يسلمون بإعتقادي به،...لا تخلو جلساتي وحواراتي سواء المباشرة او عبر الشاشة الافتراضية من النقاش به، احدهم،هرب من نقاشه معي بالقول هناك استاذ جامعي يحمل شهادة رفعية بتخصص السياسة والتاريخ يناقضك الاعتقاد، ويمكن أن يكون مالكا للحجة التي تنفد معتقداتك وآراء السياسية...
لا أعرف لماذا أتبع صديقي المجنون، أسير خلفه أنى ذهب، ربما لأن مراقبة جنونه، يوفر لي بعض السرور في غربتي الموحشة، وها هو اليوم، عندما وجدني في باب العمارة أدخن سيجارتي، حدثني بالإشارة، وبعض الكلمات التي بالكاد أفهمها، أن أصعد معه الى سيارته، التي هي عبارة عن غرفة معيشة متنقلة، تتوفر فيها كل لوازم...
الِمشْكاةُ التي فيها المِصباح تُحشرجْ . ضوؤك ناس. لا زيتَ في الزجاجة …ولا الفتائل مرويّة..! القمرُ ذهبَ هذه الليلة ليضيىء جهات أخرى، وبيوت القرية لم تغفُ بعد..! ثمّةَ تبّانُون، ودرّاسُون،وحطّابُون،ورُعاةٌ مُتعبون،يجرّونَ أنفسهم على الطريق المتربِ الملتَوي، مع حميرٍ مثقلةٍ بأحمال الرجوع..! ثمَّة...
وصل متأخراً. فتح الباب فأطلق صريراً عالياً أحسّهُ نذير شؤم، دخل الى المنزل شاعراً بالقلق وتأنيب الضمير لعدم وفائه بالوعد الذي قطعه لامّه صباح هذا اليوم عندما قالت له: - - انني اليوم لست على ما يرام ابقَ معي. - لن أتأخر سوف أنهي بعض الأعمال وأعود. لم يجدها، ناداها فلم يسمع جواب. رفع صوته...
ذلك الشاب الساخط المتذمر ، يُطِلُ من بين ماكينات التصوير ، رافعًا حاجبيه كدلالة على أنه لم يسمع ما يريده الطلاب ، ثم يعود ليدس رأسه في ماكينة التصوير ، التي أقامت وأصابعه علاقة طويلة الأمد ، حتى صار بامكانه التعامل مع آلتين في الوقت ذاته كأنه -ياني- حين يعزف على أكثر من أورغ في آن واحد . تلك...
يستيقظ على صرخة من كان يقتله في الحلم، فيعتدل، في الظلام الشفيف، ويشرب الكثير من المياه من زجاجةٍ صغيرةٍ تجاور سريره دائمًا، ويفكر أن ينام مرةً أخرى، غير أنه يخشى أن يعود للحلم، كما يحدث غالبًا، فيتأكد أن من قتله هناك كان ابنه، لذا يقوم وهو يشعل سيجارةً، يمشي إلى النافذة، وقبل أن يفتحها يعود إلى...
ما إن أبصرت تلك الحديقة المسيجة بسور حديدي و أشجار عالية، حتى انجذبت إلي بابها الصدئ المفتوح على مصراعيه؛ فعبرته في لمح البصر، و لم تمر سوى لحظات، حتى اكتشفت أن المكان مقبض بدرجة مريعة؛ فالصمت مطبق، و الضوء خافت، و الأرض خشنة، و الأعشاب مصفرة، و الزهور ذابلة، و البتلات متيبسة، باهتة...
كان السيد سين مهووساً بجمع الاسطوانات الموسيقية، لقد كان يمتلك حساً موسيقياً مرهفاً، ورغم ذلك فلم يتعلم الموسيقى أبداً. كل حبه للموسيقى تمثّل في الاستماع لها. كان يستمع كأنه يصلّي، الموسيقى الكلاسيكية بالذات. في منزله الصغير جداً، دائماً ما كان يُسمع من داخله صوت الإذاعة الكلاسيكية ليل نهار...
هناك من يغلق شباكه فى وجه السعادة، لأنه لايقدر على فرد جناحيه، والنهوض من تحت الدثر، لا يفعل ماتفعله البجع فى سعيها للرزق، وسط ثلج الفضاء العاصف، الحياة دأبت على منحنا حفنة من الهموم، بين الوقت والآخر، هى مقدرات لا تخصنا وحدنا، لكن هذا شأنها مع كل الناس، لابد للهموم أن تحلق فوق رؤسنا، لكنه...
1 جلس في المقهى، وطلب كالعادة فنجان قهوة. لم يفرغ من احتسائه حتى مرّ من أمامه حشد من الأطفال يضحكون، ويجرون خلف ذكر وأنثى من الكلاب متلاصقين، ويرمونهما بالحجارة. فجأة قفزت إلى ذهنه واقعة شغلت الناس، وأضحكت الكثير منهم، لكنها كانت بين رجل وامرأة من أعلى الهرم الاجتماعي. لم يكن هناك انترنيت، ولا...
١- لم تهدرنا هذه المدينة بل قالت سأتركهم للنعاس، لولا النعاس لأصبحت المنازل حصن تغادره بانتهاء المعركة، الحياة ليست ملحمة واحدة بل سلسلة، والمنازل ليست قيد بل متسع، ولذلك غامرت وتخلّيت، لدي مكان للنوم، ماذا سأقترف بعد ؟ ٢- الليل ليس بحاجة أحد، إنه لا يترافع، ولا يتسامر حول بني الأحمر، هو مثل سر...
أعلى