سرد

وتعود بيَ الذاكرة الشمطاء إلى أوائل ثمانينيات القرن الماضي عندما كنت طالباً في كليّة الطب بدمشق ، ذاك هو الزمان ، أما المكان الذي قادتني الذاكرة إليه فهو ما يُسمّى بالمَشرَحة ، وهو القسم الذي تضطجع به الجثث الآيلة للتشريح التعليمي بأيدي طلاب كلية الطب . المكان على اتّساعه وإنارته الجيدة وتهويته...
خرج أيوب من شقته في الطابق الأول، أغلق الباب خلفه، نزل السلم، فتح باب العمارة، وجد منظر الشارع نفسه، الذي شاهده قبل قليل من الشرفة، غياب تام للبشر وحركة السيارات. ذهب الى فرن الصمون فوجده مفتوحا، لكن لا أحد يشتري ولا أحد يبيع، لا وجود للعمال الذين يخبزون أو الذين يضعون العجينة في داخل الفرن، غير...
في بيتنا قطة سوداء؛ صارت ذات نفوذ؛ همت أختي بطردها؛ سيما وأنها تسرق أشياءها، أفقدتها ثوبها الأرجواني؛ جعلت منه كرة تتقاذفها وتركلها فترتب على ذلك أن كسرت آنية الطعام واحدا وراء الآخر؛ تذمرت أمي من هذا الكائن الذي ضرب نظام البيت دون اهتمام بما نحن فيه من عنت، تموء في ساعة متأخرة من الليل؛ نصاب...
لضحكت فعلاً .. لو أن أحداً أخبرني من قبل بأنني سأغرم برجل مجنون بالنساء .. لأنني حينها كنت أظن أني ساختار من أحب كما اختار الحقيبة التي تناسب لون فستاني. سمعت الزميلات يتهامسن بإسمك. أخبرنني كيف أنك تتناول عشيقاتك على مهل بعد أن تتركهنَّ ينضجنَّ على نار هادئة ثم تبعد كل شيء من ذاكرتك كما تبعد...
سحبت الشمس أثوابها فى رحلة الغياب، وتسلل الليل عبر شباك النافذة الذى كان مواربا، يقطع السكون رنين الهاتف، الذى حمل خبر نجاح كبرى البنات، أخيرا حصلت على بكالريوس الإعلام قسم صحافة، إلتحقت بالعمل فى إحدى الصحف الخاصة، بعد رفض والدها العمل تحت ريادته، فى واحدة من الصحف القومية الكبرى - تجلس...
وبهتز ردف الساحة أمام المحلات؛ على وقع ضربات الدرويش على الطبل. تجلس حواء في الموقع الذي اختارته أسفل شجرة النيم؛ أمام مطعم الأسماك. تقدم المرأة المكافحة الشاي والقهوة و ( الانقارة) شاي الكركديه لزبائنها الذين يتوافدون إلى محلها منذ الصباح الباكر وحتى المغيب. ثمة همس يدور في السوق أن سبب تلك...
يتصدر ساحة متحف الشمع لافتة ضخمة، مكتوب عليها بحروف كبيرة، ولغات مختلفة.. ” احذر لمس المعروضات؛ وإلا تصيبك لعنة سنوية، لا نعلم توقيتها.” ضحك ساخرا بينما يقول: ” ماهذا الهراء؟! بالطبع إنها حيلة سخيفة من قبل إدارة المتحف؛ للحفاظ على المعروضات من عبث الزائرين، يبدو أن صاحب الفكرة متأثر بدرجة...
ما أغبى الكًتاب والمفكرين ! يعجزون عن عيش الحياة ؛ يكتفون بالمشاهدة على وهمٍ آمنوا به ، أن الله سيستثنيهم ويمنحهم فرصة أخرى للعيش . قالتها وهي تمارس طقسها اليومي بزيارة صفحته على الفيس وقراءة منشوراته و التعليقات عليها ، ذلك الذي منحته نفسها مقابل ولو جزء من اهتمامه ولكنه لم يفعل ! قلت له: تعال...
تنتفضُ بشدَّة...قلبُها يخفقُ كفرخِ حمامٍ وليدٍ غادرتْهُ أمُّه في ليلةٍ عاصفة... الشِّتاءُ يأتي باكرًا هذا العام تهمسُ في سرِّها بصوتٍ متقطِّع...منذُ عشرينَ سنةٍ لم نرَ الثَّلجَ في تشرينَ الأوَّل و بهذه الغزارة...لا لا أذكرُ ذلك حتى منذ وعيتُ على هذه الدُّنيا... يقاطعُ ارتجافاتِها بكاءُ صغيرٍ...
أصـبح الـسفح مـلعبا للنسور فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها فـي سـماع الدنى فحيح سعير واطـرحي الكبرياء شلوا مدمى تـحت أقـدام دهـرك السكير لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر وارمـي بـها صدور العصور إنـه لـم يعد يكحل جفن النجم تـيـها بـريـشة الـمـنثور هـجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه...
لديه القدرة المدهشة لإعادة الشراع الى حالته الأولى، بعد أن عبثت به فوضى الريح والوصول بمركبه الى شواطىء الأمان، المدهش أنه حين تمطر السماء، تتساقط سنواته الأربعين ويصبح طفلا فى العاشرة، ليس له بهذا الكوكب الدوار عنوان، كل المدن والبحار ملك له، يقف أمام عين حبيبته مخدرا مصلوبا، يستكشف ألقهما...
لم يكن المختار يفهم في السياسة ولا كان يشغل باله بها، ولكنّه حين قرّر العودة إلى القرية بعد غيبة طويلة وجد نفسه يمارس السياسة دون أن يشعر بذلك. فقد صادفت عودته انشقاق بعض الدستوريّين من أبناء القرية عن الحزب الحاكم وانضمامهم إلى حركة الاشتراكيين الديمقراطين، ومن المصادفات أيضا أن لا يكون للمختار...
يظهر والله أعلم أن وراء التلة التي تحيط بقريتنا قوم يختلفون عنا؛ حدثتني أمي أن عيونهم مربعة تعلو رؤوسهم؛ تتدلى من أنوفهم حلقان وأشكال عجيبة؛ يوقدون نيرانهم منتصف كل شهر؛ طعامهم يأتون به من جوف الأرض؛ يقال ديدان وحشرات، لم أرهم غير مرة أو مرتين؛ هذه الأيام بدأوا يتسللون إلى شوارعنا وأزقتنا؛...
((أمضيت سبع ساعات مع الفتاة الصومالية، في رحلة القطار الذاهب الى انقرة، من المدينة التي أسكنها، تحدثت كثيرا عن حياتها، ونحدثت قليلا عن حياتي، فأوحى اليّ حديثها بالعديد من القصص، هذه واحدة منها)) ... وضعوني في حجرة مظلمة، بعد أن جردوني من ملابسي، هؤلاء المتشددون، الغرفة خالية من الأثاث، أجلسوني...
بعد ليل طويل، مزقت ستائر غرفتها الرمادية، بستائر الوانها مبهجة وردية، مودعة الليل المعتم، مرحبة باإشراقة الصباح بعد غياب، كان لا بد لها التطهر من كل المرارات التى تجرعتها، وغاصت بداخلها وحولها، كيف أصبحت امراة عاطلة من الفرح والشباب، والذكريات وكل شىء، وهى التى ذهبت اليه، بدافع حبها له، وهى أيضا...
أعلى