سرد

ها أنا أجلس وحيدا بجوار باب هذا الإسطبل، يحاصرني القش، و العطن، و رائحة الروث من كل جانب. من وقت إلى آخر تمد الخيول أعناقها؛ فتتخطى رءوسها الحواجز الخشبية القصيرة، و ترمقني بنظرة استهجان. على ما يبدو أنها تعتقد أنني سجان غليظ. ليتها تعلم أنني مثلها تماما، لا أملك من أمري شيئا؛ فأنا مهرج، بل...
عجز عن إسعاد نفسه، وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن ينفض الغبار والفوضى من رأسه فلم يفلح، تقلص الجمال وساد القبح فى كل شئ حوله، التلوث السمعى والبصرى حتى المرأة التى أحبها، والتى تشبه فى الكثير ثمر الخوخ، أصبحت كالورد الصناعى، لا طعم لا رائحة مصبوغه بالألوان، منفوخة...
كانت ليلة ماطرة، هل تذكرين؟ سألها وهو يداعب يديها في راحة يديه، ويرفعهما حيناً إلى شفتيه، يقبّلهما، يتأمّلهما. يريد أن يتأكّد أنّهما تنامان في يديه، أجابت: كيف لي أن أنسى؟ كانت ليلة ماطرة، وكنّا كلانا على حدة، وفي ذات الوقت كان يجمعنا المطر. قطرة العشق المنهمرة تغمرنا من هامة الرأس الى...
يعتمر قبعة الصوف ويضع كعازه بين قديمة ويحمل مذياعه الصغير قرب أذنه اليمنى ويتكأ على جدار الساحة الرئيسة في المخيم..ذلك هو السبعيني "أبو حسن" أحد البقية الباقية ممن لجأوا صغارا من أم الزينات قضاء حيفا، ومنذ نشأ وشب على الحياة القاسية،تعود متابعة الاخبار السياسية أملا في تحقيق العودة سلما أو...
السماء – اليوم – يبدو عليها الحُزن، قد تكون فـُرصة لتسجيل صورة حية، تنبُض بالانفعالات، أبهر بها العالم مُحرزاً وساماً على صدر بني قومي . نسيت أن أقول لك أن آلة تصويري من بنات أفكاري، وكُل قطعة فيها من بلد. فرغت – تواً – من استحلاب قطرات الشمبانيا، فلا يُمكنني التصوير وأعصابي مشدودة . وربما لا...
تحقيق الحلم أحمد رجب شلتوت أكد مرارا على أن اللقاء لم يتم صدفة، وبأنه أصلا لايعتقد في وجود شيىء إسمه صدفة. بفخر أردف بأنه يخطط لكل شيىء، لايدع شيئا عفو اللحظة أو الخاطر. وافقته مجاملا: _ أنت هكذا تكشف عن أحد أسرار نجاحك. لكمني قائلا من خلال إبتسامة بغيضة: _ بل أكشف عن أحد أسباب فشلك. لذت...
من المفترض أن أكتب هذه القصة وأنهها خلال عشر دقائق. لأحاول بعدها البحث دون جدوى عن بضع ساعات من النوم قبل أن يوقظوني ليلفوا حبل المشنقة حول عنقي. أخبروني اليوم عن تنفيذ الحكم في الساعة الخامسة فجراً. إنها مواعيد مختارة بعناية لتثير في نفس المحكوم عليهم الرعب، وكأنما لا يكفيهم أشهر من ألم انتظار...
حين اقتربت من المخيم انبثق في داخلي شعور غريب، لم أكن أشعر به من قبل، فلقد مضى على سكناي في هذا المخيم وقت طويل طول رحلة العذاب والنفي، الرحلة التي عاشها أهل هذا المخيم الصغير، ولقد تساءلت عن سر هذا الشعور الغامض غموض مساء خريفي فلم أجد جواباً شافياً، ولقد تضاعف هذا الشعور وأنا أنعم النظر في...
الليلة باردة... في حنان، تظنُّه دفئاً.. تضم ابنها الصغير، إلى صدرها، وعيناها تبحلقان في الأخوين، الراقدين في الجهة المقابلة.. وشفقة تعتصر قلبها، لأنهما لم يجدا، ما وجده أخوهما الصغير... وهي: أسنانها تصطك... ولكنها لا تحس بهما.. وحتى باب الحجرة الخشبي، لا يريد أن يتزحزح من مكانه.. عالجه هو، في...
حاميد اليوسفي قصة قصيرة تماهى (القائد) مع الظل ، ووقف يُدير العرائس من خلف الستار . خرج (المثقف)* من المرحاض ، فسقط القلم من يده . اقتنى بعض الأقراص المهدئة ، وسيارة فارهة ، ودُمية وضعها فوق المكتب . وهو في الطريق إلى غرفة النوم ، انهار وسقط أمام الباب . صحفي يضع شارة الأمن بين أوراق نقدية في...
كانت في طريق عودتها من المدرسة، تتأمل صفحة النيل الرقراقة، تداعب أغصان الأشجار التي تدلت على ضفافه طامعة في شربة ماء تجدد حيويتها، تمني نفسها بالفطيرة الساخنة التي وعدتها أمها إياها في الصباح، والتي كانت تشتهر بها بين نساء النجع. وما أن وصلت إلى فناء البيت حتى تسمرت تلك الضحكة الرائقة على وجهها؛...
صبحت هذا اليوم مغبرا بحرارة صيف ملتهب،تقول أمي : الشمس تتغذى على حطب القلوب اليابسة، تأكل ما تتركه النسوة من ركام وشايات يطلقنها كلما اجتمعن عند الفرن للخبيز، الليلة الفائتة تسللت إلى حجرة جدتي الطينية حيث بقايا رماد كان يتلمظ نارا، ولأنها غادرت الدنيا فما عاد أحد يطفيء النار غيري، أوصتني؛ ألا...
سلام على الطيبين، ضرب التراب بالعصا ذات الرأس المعكوف، ورنا بعينيه الطيبتين إلى سماء من صفو وزرقة وحليب سحاب ممتزج بالتخوم العلوية. عمامة بيضاء كبيرة، جلباب أبيض، و قلب أشد بياضا، وجه صبوح غازل الصباح الوليد ، مدد...مدد..مدد ، الزرع في الغيطان حلو ،والخضرة حياة ،مدد كلمة من نور عطرت الفم ، هتف...
هناك عوالم شاسعة من الأحلام والخيالات، روضة مليئة بالأسفار والحكايات، عن أناس وأوطان وعهود غابرات، كانت الشمس قد بدأت فى حزم أمتعتها والإنسحاب تدريجياً من على طاولات المقهى، الذى بدا متخففاً من رواده، إلا من ذلك الرجل المنطوى على نفسه، والذى كان يبتلع قهوته ويرتشفها دون تلذذ، وكأن أحزانه تضافرت...
ذلك القطار الذي أقلك من محطة مصر برمسيس بعد أن جئته من حي المعادي ، أوصلك لمحطة مصر أيضاً ولكن بحي محرم بك ثم يقلك سائق تاكسي إلى حيث وضعت ما تحمله من حقائب ، ثم نظرت إلى الساعة السوداء التي ترتديها عادة بيمناك فوجدت أن عقاربها تقترب كثيراً من التاسعة من مساء يوم الجمعة 24 يونيو 2022م في أول...
أعلى