أنت مثل بذرة صغيرة غُرست في التراب، ثم ارتوت فكبرت وأنبتت وآتت أُكُلها، هذه هي علاقتك ببلادك التي نشأت وترعرعت فيها، تجد أنك مثل النبتة التي من المستحيل اقتلاعها من تربة البلاد لأنها حتماً ستموت.
تجد أنك تشرب من ينابيعها فترتوي وتينع أوراقك وتزهر، وتأكل من قمحها وثمارها فيشتد ساعدك وساقك ويكبر،...
سألت عائشة جارتها هنيّة :
ـ هل سمعت الشريط الأخير للفتاة التي يقولون بأنها صحفية ، وتُطل على الناس كل يوم في (الفايس بوك) ، تشتم هذا الوزير ، أو تسب ذلك القيادي الحزبي ؟!
قبل أن تردّ هنيّة ، التفتت يمينا ويسارا ، حتى تأكدت بأن لا أحد قريب من المكان ، يمكن أن يسمع ما تقول:
- والله إنها تشفي لي...
لم أصدق ما تراه الآن عيني المغرقتان بالدموع، بعد ما هوى سيدي من على ظهري المثقل بالسهام الجارحة الى الأرض الحارقة. ربما احتضنته الرمال الحزينة وهي تبكي بعد أنْ شهدتْ معي وحشية هؤلاء القوم الذين فاق عددهم خيالي الذي كنت قد تخيلته لحظة خروجنا من المعسكر، كأنهم اسراب جراد، أحاطوا بنا من كل جانب...
قصة الندى
هل كان عليَّ ان ادفن الامس ليعيش آلاتِ على رحب الندى ...؟
هل كان قرارا صائبا يوم اطلقتُ العنانَ لعصافير فمي كي تهرب نحو علياء الصواري ثم تهبط بزقزقاتها على غصنٍ مُتعبٍ وقف صامتاً قرب شجيرة اللباب وراح يرمقها بهدوء وهي تعدو خلف جدران الطفولة ؟
أو لم يكن مقدراً لذاك الرحيق ان يمـرَّ...
رسم لنفسه هدفا لا يحيد عنه، فى إختياره واحدة من كليات القمة، سياسة واقتصاد كوالده الذى يعمل فى الحقل الدبلوماسى، والسفر لكل الدنيا فى آخر المرحلة الثانوية، فى إحدى مدارس اللغات الخاصة المشتركة، ولأنه نتاج الحضارتين الأوربية والمصرية، أب مصرى وام المانية،
فقد ورث الشعر الأصفر والوسامة ورشاقة...
تنطلق السيارة الصغيرة مخترقة حي الجامعةالأنيق متجهة يميناً إلى شارع الربيع، الشارع الطويل الذي لا تُعرف له بداية ولا نهاية، المكتظ بالسيارت وبالعابرين على الأرصفة والمنطلقين عند الإشارات نحو اتجاهي الطريق، فالمصالح كثيرة والمحلات متنوعة والمطاعم والمقاهي، وكأن الحرب لا تعرف هذه المنطقة ولم تمر...
في تمام الساعة السابعة مساء خرج والده يسأل عنه، ذهب إلى أصحابه واحداً واحداً وكان يسألهم السؤال ذاته:
- لقد مر يومان ولم يعد. ألم يأت عندكم. يضرب كفاً بكف، يدخن السيجارة تلو السيجارة ولا يستطيع الجلوس. كانوا يأتون له بكوب الشاي فلا يشرب سوى نصفه، يعتذر عن فعلته ويغادر إلى بيت صديق آخر لابنه،...
قرر أن يأخذ اليوم أجازة من العمل ومن زوجته،
حيث اللا شئ واللامكان، يتمدد ويتمطى ويهرب من حرارة الشمس ويدخل بساتين الأمسيات الهامسة، يشرب أشعة القمر، ويرتوى بالضوء بعد أن تكاثفت العتمة بين ضلوعه،
- فى المقهى، إختارته طاولة نصف متهالكة فى إحدى الزوايا،
توقفت فى حلقه غصة من مرارة، حين تذكر زوجته...
قالوا لي: إنَّ غدًا عيد ميلاده
فزعتُ، فمنذ شهرٍ ونيف، قرأتُ نبأ وفاته في جريدة النهار صفحة الوفيَّات، هل كان خبرًا كاذبًا،أم هم الكاذبون؟
أسرعتُ إلى النافذة، وأنا أرتجف، وقفتُ بارتباكٍ وراء ستارها الشفيف؛ لأختلس النظر إلى نافذة غرفته التي لم أعد أراها مضيئةً أبدًا بعد شيوع الخبر، لمحتُ ضوء شمعةٍ...
دق الجرس معلنا بداية الحصة، فدخل المفتش الفصل، وصاح الأستاذ بركات، مدرس اللغة العربية، في التلاميذ : قيام.. تعظيم سلام.. إرسال.. جلوس.
تقبل المفتش تحية التلاميذ بابتسامة، وهز رأسه شاكرا، وأخذت عيناه تدوران في أرجاء الفصل، تتفقدان التلاميذ واللوحات المعلقة على الجدار . أما الأستاذ بركات فقد وقف...
مؤكد أنني مصاب بمرض نادر؛ تبينت هذا حين أخلدت إلى النوم؛ وجدت فيلة تجري وراءها كلاب ذات أنياب تنز دما، قطارات تسير تحت الماء؛ أطفال صغار يطلبون الحليب؛ نساء أثداؤها ضامرة، بدا ذلك المشهد مما يفوق الخيال؛ حاولت أن ألتقط خيطا يربط بين حالتي المرضية وبين تلك الهواجس؛ كلما تجمعت صورة تداخلت في...
“أربعة عقود من العمر، وأنا أفتخر بدور المحارب الشجاع، أستمتع بقوة الشخصية وتحمل المسئولية، أتفانى في مواجهة الأزمات والزلات، أتحايل على المفروض والمرفوض، فأكون صاحبة القرار والقول الفصل، تأتي الرياح العاصفة؛ فأواجهها تارة، وأخفض رأسي بمقدار تارة أخرى، المهم ألا يسودني موقف فيكون الخضوع مصيري...
في هذه اللحظة، التي أكتب بها هذه القصة، تكون الفتاة الصومالية، التي أمضيت نهاري معها يوم أمس، قد غادرت الى أزمير، ومن هناك ستذهب الى بحر إيجه، تتمنى ان تعبره وسط اجراءات مشددة من خفر السواحل ، حتى تصل الى أحدى الجزر اليونانية أملا بلقاء زوجها الذي تركها.
التقيت بها ظهيرة الامس، وأنا أدخل الى...
أسجل بعض العبارات :
ربما أشعر بأهمية اللحظة أو مكانتي المتحققة !
الجو تحتله الغيوم،أمست السماء - كل السماء- وكرًا غربيًا للشمس،احتجبت- اليوم-عن الظهور وكأنها تعاني وعكة أقعدتها طريحة الفراش،أتجول على المسرح بين الأنام فى هذا الجو الرومانسي البارد ، لا أمتثل لأوامر المخرج ، يزعق .
يتجمع الكل...
نبت عشوائى فى حديقة مهملة، هكذا يرى نفسه غير مهتم بمظهره، الورود تنبت فى الأرض الطينية شديدة السواد، هكذا كان يجيب على من يسأله عن فوضى ملابسه وذقنه الغير حليقه، منضبط فى عمله كبندول الساعة، ولأنه الأكثر انضباطا ونشاطا وعملا، فقد تم ترقيته مديرا لشئون الأفراد،
كانت هناك عينين حانيتين تشعان دفئا...