تصحبها دعوات أمها و قائمة من المحظورات والممنوعات،
وهى تخطو أولى عتبات الجامعة،
مدهوشة أمام الكرنفالات والإكسسوارت والباديهات الملتصقة، فتيات مصبوغات ومنفوخات بالسيلكون، يرتدين جديد بيوت الأزياء،
- لا تصادقى الأولاد والبنات، لاشئ سوى الإهتمام بمحاضرات الجامعة بهدف الحصول على شهادة التخرج،...
حول خصره يلتف حزام منتفخ بأوراق النقد، وبعض ملامح لقاء في المخيلة، يصفع الليل النهار، فيهرب الأخير مضمداً جراحه، لاعقا دماءه الصفراء الشاحبة.
الرياح تحف شواشي الذرة، والتي ـ سرعان ـ ما تصفر صفيراً يبعث الخوف من مرقده، أللخوف مرقد؟
قدماه تنحتان طريقهما من مدق لآخر،وزعابيب الهلع تنخل الجسد، يشخب...
أمام أمواج البحر المتلاطمة كدروب وعرة يصعب سلوكها، تحت سماء تسكنها طيور النورس، تناجي الجالسين على الشاطئ، وكأنها تحمل لهم رسائل من الجانب الآخر ، اعتادت الجلوس شاخصة ببصرها في الأفق البعيد، ونسيم البحر الهائج يداعب وجهها، فتستسلم له خصلات شعرها المنسدل على كتفيها، كأنها ريشة في مهب الريح.
تطيل...
بدت وكأن لصمتها حكاية أو سر كامن.. وقفتُ أتأملُ وجهها ذو السحنة القمحية وقد سطرته التجاعيد.. وأُحدِّق في ابتسامة عذبة تنسدل من ثغرها الرقيق، تخفي وراءها حزنا عميقا.. تقعدُ على جدع نخلة منبطحٍ على أرض ضيعة هادئة..تبدو في ربيعها الثالث.. بادلتني النظرات بعينين واسعتين، يحفظهما حاجبان غير واضحين...
وقال لي ذاك الطبيب :
-لا بُدَّ للمرء في فترةٍ ما من سنيّ حياته أن يعاني من أعراض البواسير ، ولو بدرجة خفيفة منها ، فلا تبتئسي يا ( أختي ) ، وليست كلّها بحاجة للجراحة .
قال ذلك ، وكانت عيني خجلةٌ من عينه ، إذ من الصعب عليك أن تكشف مقعدتك أمام يده الماسّة والجاسّة ، لا سيما عندما يدفع إصبعه...
تأتي سميرة- الماشطة -، فتقضي اليوم كله في البيت، تبدأ بتزويق أم سليمان - التي تسكن الدور الثالث – وتهبط لشقة انشراح. تبدأ بالبيضة، ثم تأتي نبوية من بيتها القريب لذلك، بعد أن انتهت من تزويق نبوية، قالت:
- وأنتِ يا إنشراح؟
مطت شفتيها آسفة:
- لمن أتزوق يا عزيزتي، الرجل .... (وصنعت بشفتيها صوتا...
عادة ما تنفض أسمار المساطب في مثل هذه الساعة من الليل؛ فتسكن حركة الأهالي، و تتلاشى أصوات الساهرين؛ فيملأ النباح الشوارع المظلمة، و تضج الغيطان بنقيق الضفادع، و صفير الصراصير. تغلق الأبواب، و تطفأ المصابيح؛ فتجثم العتمة فوق النجع. تغفو حياة، و تستيقظ حياة أخرى محمومة فوق الفرش، و إلا، فالنوم...
رسم لنفسه هدفا لا يحيد عنه، فى إختياره واحدة من كليات القمة، سياسة وإقتصاد كوالده الذى يعمل فى الحقل الدبلوماسى، والسفر لكل الدنيا، فى آخر المرحلة الثانوية،
فى إحدى مدارس اللغات الخاصة المشتركة، ولأنه نتاج الحضارتين الأوربية والمصرية، أب مصرى وأم المانية،
فقد ورث الشعر الأصفر والوسامة ورشاقة...
أجلس على نار في انتظار أن تكتمل الكراسي. عيناي تَمرَّان على وجوه الرُّكّاب في الأتوبيس، أحملُ هَمًّا يُقطِّعني: أن أرى "علاء" جالسا بينهم، أو قادما للركُوب. حينها سأضطرُّ إلى ابتسامة صعبة، تُحرّك عضلات وجهي بالإجبار. لساني سيقول كلمة أو كلمتين من تحت الضّرس. أنظر في الساعة، أنفخُ، أشعر بِضَربات...
اليوم جميل ورائع رائحة الهواء فيه طازجة، تتسلل الى الصدور بيسر، الأطفال يطاردون طائراتهم الورقية، بدا كل شئ مجللا باللون الأخضر حتى انه بدا من المستحيل ألا يستمتع المرء به، رغم أن القطار يسير فوق قضبان منتظمة، لكن لا يستبعد خروجه عن القضبان، وإنقلابه بعرباته وركابه، لا أحد يمكنه إيقاف القطار...
أذن الفجر فأزاح الغطاء الثقيل من علي جسده، وزحف متثاقلا شيئا فشيئا من فراشه، توضأ وذهب لمسجد شارعهم، انتصب كجذع جاف في أول الصف، أقام ركوعها وسجودها كما تعلم من شيخ المسجد في خطبة الجمعة، عاد وهو يرتل أوراده البسيطة، البرد شديد هذا اليوم نتف الثلج تتساقط، شرب كوب الحلبة الذي تعودت زوجته أن تعده...
صبحت هذا اليوم مغبرا بحرارة صيف ملتهب،تقول أمي : الشمس تتغذى على حطب القلوب اليابسة، تأكل ما تتركه النسوة من ركام وشايات يطلقنها كلما اجتمعن عند الفرن للخبيز، الليلة الفائتة تسللت إلى حجرة جدتي الطينية حيث بقايا رماد كان يتلمظ نارا، ولأنها غادرت الدنيا فما عاد أحد يطفيء النار غيري، أوصتني؛ ألا...
حين صحا مبكراً، كان أول شيء فعله قبل أن ينهض من فراشه أن تحسس قدميه، حمد الله حين تأكد من أنهما ما زالتا بخير، ولكن شعوره بالارتياح لم يستمر طويلاً، إذ سرعان ما انتابته حالة من الملل التي كثيراً ما تنتابه في ظهيرة أيام الصيف الحار أو في ضحى أيام الخريف، حين تبدو نابلس فارغة إلا من أولئك الرجال...
جلس جوارها بالباص، لم تكن بالجميلة، فى منتصف العقد الثانى أو اقل أو ازيد بقليل،
الجوب قصير، يبرز جمال ساقيها، كأنهما عوضا عن غياب جمالها،
لا توجد امرأة قبيحة، لكن توجد المرأة الغبية، التى لم تستطع إبراز نواحى الجمال فيها،
تقرأ فى كتاب، إستطاع بعد جهد قراءة عنوانه، اللامنتمى للكاتب الانجليزى...
سار مع صديقه التفت إليه بعد أن سمع منه شيئا أضحكه، ضحك لكي يغسلَ سأم ملل ثقيل يجثم داخله ،استمر في الحديث عن الخجل...هذه المشاكل تَعلق بذهنه لمدة طويلة .كان يُنصت لصديقه وكأنه هو الذي يتكلّم...نفس المشاكل، نفس الأراء، نفس النّتائج، الفرق الوحيد بينهما هو أنّه لا ينسى ، وصديقه ينسى أو يستعملُ...