سرد

عدل وضع الوسادة، فرد بدنه فوق الفرش، يكبس عليه النعاس، يطارده ليغفو : ( أرض أقفاص البلح، يظلُم الليل، حفيف أوراق الشجر وهسيس الليل يعزفان نغماً مُرتجفاً، أدحض الرجفة بنقل الأقفاص إلى حافة الجسر، حركة مُريبة تعلو نبراتها وتخفـُت، الملثم يرفع الأقفاص فوق كتفي، أ أنشقت الأرض عنه أم أمطرته السماء ؟...
دائما كنت ممن يحبون لبس الثياب الخضراء ، ربما كانت متوفرة في دولاب أمي تراكمت من كساء إخوتي ، لا فرق بيننا فأمي درءا للحسد لا تهتم كثيرا بمن يرتدي ثوب من ! وجدتني لإلف تلك الثياب مشتهرا بها ، لقبني لداتي بالشيخ الأخضر ، فرحت باللقب وجدته يعطيني ميزة وقار رغم حداثة سني ، فجأة وأنا أدلف من شارع...
في اليومين الأول و الثاني، يدخل (هنّاوي ) باب العمل متهيّبا. وإذ يعتاد المعترك ــ من أصغر باب ــ يألف مسؤوليته، فيؤنسه إحساسه بأنه رجل . يحس بأن أباه يبعث في جسده الصغير. و يرضى بموقعه ، كمعيل لأمه و أخويه. لكنه ، بدلا من بيع مفردات السكاير، يسعده أن يحظى بعربة يدوية . وقتذاك، سيعود معه رغيف...
ورقة اولى : يراقبان الطيور يتحدثان همسا لا اتبين مايقولان، ربما يتحدثان عن الحب او يرسمان خطط للمستقبل، اليوم عيد الحب أهداها باقة ورد وخاتم ثمين، أهدته خصلة من ضياء، وباقة من المشاعر النبيلة . ورقة ثانية : الكلمات الطيبة الحلوة هجرت كتب الشعر، صارت خشنة أشبه بقنبلة تطلق من فوهة مدفع، فى...
وضع الإنسان الأخلاق لكي يعيشَ حياتَهُ بشكلٍ أفضلَ ؛فهو قد عاش تجارباً في ماضيه عرِفِ من خلالها ما يضرُّه وما ينفعه كنوعٍ؛ فأصبح يحارب كلَّ ما يضر ،وهذا الأمر طبيعيا لأن كلَّ نوعٍ يسعى للحافظ على نفسه من الإنقراض، وهكذا تعاقبت الأجيالُ وهي تطبق المرسومَ الأخلاقي الذي وضعه آدمُ الأول ،ومع مرور...
تعبت هنية ، لم تعد قادرة على تحمل حماقات العربي، ولكنها في نفس الوقت بقيت وفية للعشرة . قضت معه أياما جميلة. سافرا معا إلى المدن البعيدة، وأكلا وشربا، وتعانقا وناما عاريين تحت غطاء واحد، قبل أن يتزوجا، وينجبا ثلاثة أولاد. كانت الحياة سهلة، والمال يجري في يد العربي. يبيع دكانا أو قطعة أرضية، ولا...
فور إعلاني عن حاجتي لمحررين لموقع إخباري إلكتروني أرسل لي على الخاص مبديا رغبته في العمل معي ؛ حدثني عن مؤهلاته وإمكاناته والدورات العديدة التي حصل عليها في هذا المجال . تفهمني سريعا ؛ يحدثني في العمل فينة ويتطرق لظروفه الخاصة أخرى ، التزاماته المادية التي تهدده بالسجن وطفله حديث الولادة . وأنا...
يدٌق محمد الباب بوهن، أميز طرقه الضعيف، تطول وقفته على العتبة، أفتح الباب، تيار الهواء البارد ينزفزني.. أسأله في لهوجة غير المُصدق : ما بك ؟ ؟ يرتعب .. جسده يشُر دماً، يخشى العقاب فلا يتوجع، أضمد الجروح .. أتريث، يبدل ملابسه المُبقعة .. أفكر ملياً .. أدع القراءة، وعلى طابلية العشاء أروي : (...
يستشعرون غيابه رغم وجوده بينهم، تائه النظرات متجهم الوجه، يكتسى العبوس وجهه بعد أن كان فى نضارة الربيع، حتى رياضة الكلمات المتقاطعة إنقطع عنها وهى من الرياضات المحببة لنفسه، إجتمع الأصدقاء لبحث المستجدات التى طرأت على زميلهم حتى إعتناءه بمظهره لم يعد كما كان، تحيط به هالة من ضباب مصفر غير صاف،...
(١) حمل ربابته منكسرا، و سار شاردا غير منتبه إلى أولئك الجالسين في الظل؛ فغمزوه، و لمزوه كما لم يلمزوه من قبل. لقد ظل لسنوات محل حسدهم بعد أن ظفر بها، و لكنه مع مرور الوقت صار مثار حديث آخر؛ إذ ظلت شجرته بائرة، لا تطرح ثمرا؛ فأمسى في نظرهم مجرد سبع من ورق، عجز عن الزئير في وجه غزالة. و لما...
لا يستطيع إخضاع القصة لرؤي وإحتمالات مسبقة لأنه يتحرك مع الشخوص، يعيش بهم ومعهم وكثيرا ما يتركهم يتحركون بحرية فى سياق يختلف عما يرغبه، متفهم لأدواته وحرفية كتابة القصة التي كثيرا ما تأتى فى شكل مختلف وغير متوقع، لكنه مرضي للأحداث والنهايات، قرب شاطئ البحر وعلى صخرة وحيدة جلس يتأمل اللوحة...
يجلس على كرسي هزّاز في شرفة مليئة بأصص النعناع و الحبق و الخزامى ... تطلّ على شارع مقفر... يتمطّى تحت شمس الخريف الكسولة ... يراقب قهقهات تلاميذ المدارس تأتي من بعيد و ما تبقى من العمر يمضي ... منفضة معبّأة بأعقاب السجائر ... بقايا شاي تقبع في أسفل الكأس ... رواية مهملة على طاولة صغيرة ... نغمات...
ذلك الولد الأمير الذي جاءت به سرا من المحروسة؛ يقال إنه ابنه؛ تبكي في كبرياء؛ لقد كان نابليون الثالث عاجزا؛ هكذا ردت وصيفتها؛ تذكرت ذلك الحفل الأسطوري؛ رأته ينثر الذهب تحت قدميها؛ تغرد لأجلها أسراب الكروان؛ في بلاد الشرق سحر ألف ليلة وليلة؛ يتسمع الإمبراطور حديثها مع وصيفتها! ذلك التركي الهمجي...
تخايلني بدلة المدرس الجالس علي حافة الكنبة، ألوانها صفراء، ينخرط في الدرس،بنت قريني الثرية تتشاغل عن كلماته؛ فمنذ مغادرتها القصر وهي لا ترتاح لأي شخص ،ابنتي التي تماثلها في العمر تشخبط وتعبث بكراستها، وتنظر إلي الأنسيال الذي يحيط بمعصمه. كثر ذهاب وإياب الأستاذ المتأنق والمشهد ثابت لا يتغير،...
عيناها خاليتان من النظرات ، شاخصتان الى المرأة القابعة في الزاوية محدقة في الفراغ، تحاول ان تجتذب نظراتها إليها فلا تفلح ؛ يتململ طفلها في حضنها البارد يعيدها إليه فتحاول إرضاعه ، لكن ثديها يمانع فلا يدرّ له الحليب ، تعاود البحث عن المرأة في الزاوية فلا تجدها اختفت فجأة ، تشرد بعينيها تبحث عنها...
أعلى