سرد

من العبارات التي وقرت في أذني أبي إبراهيم، واستوطنت فؤاده عمرا بطوله، قول العرب (من علامات الوفاء: تشوُق الرجل لإخوانه، وحنينه إلى أوطانه، وتلهفه على ما مضى من زمانه) . وهو إذ يساوي في ميزانه بين هذه العبارات الثلاث، ويتمثلها مجتمعة في شعوره وإحساسه، إلا أنه يجد نفسه مسوقا هذه الأيام، كأنما...
لم يدر كيف وجد نفسه في غرفة إنعاش. الثمن الرسمي لليلة الواحدة يفوق خمسة آلاف درهم. وقد تصل تحاليل الصباح، وتحاليل المساء والأدوية في الحد الأدنى إلى ألفي درهم. يعني اليوم يكلف حوالي سبعة آلاف درهم أو أكثر. وبين الدخول والخروج لا بد أن يمر من جهاز فحص تصل كلفته لأكثر من أربعة آلاف درهم. ظل يطلب...
----الصباح في مدائن جوزيفين : كان الجو الصباحي باردا يبعث على الرغبة في الانكفاء..حين التقيته في إحدى مقاهي المدينة بدا مسكونا بجوزيفين الصغيرة..يحدثني عنها بكل شغف..أخبرني أنها اتصلت به هاتفيا قال :بادرتني كعادتها بتحية صباحية..مفعمة بالحنين والانكسار:قائلة :صباح النور فرد أنت الصباح ونور...
لا تندفعِ في حماس رخيص، ان الحب يتطلب كلاماً قليلا، واضحاً من دون انفعال مفرط. اهتمي أولا بالزرع قبل الارض، ليكون اساس عشقكِ متين. دعِ مزاجك جانباً ولا تضطربي حين يأتي على بيتك. اجلسي أمامه وفكّري في مستقبلك، وانطلقي بأعماق قلبك الى اعماق قلبهِ، لُترهفي السمع والفؤاد. أمامكِ صراعٌ لابد من ان...
صار من المألوف أن ترى الوجوه ذات السحنة الترابية أنّى نظرت ، كآبة مُسيطرة على الخلْق ، وكأنّ زمن السعادة قد ولّى ، والابتسامات الوقتية إنْ رأيتَها ، فتكون مُصطَنعة أو قسريّة يفرضها الموقف واللحظة وطبيعة العمل أو التّرحاب الزّائف . أما الحقيقة المُرّة ، فهي إحباطٌ قائمٌ ومقيم ومتجذّر ، وإحباطٌ...
عندما قرأت لأحدى الشاعرات (وأنا أيضاً)،تذكرت نفسها، فهي أيضا كذلك وحيدة،تدخل باب الجامعة الذي لم يوضع بعد ففي سنوات دراستها كانت الجامعة قيد الإنشاء و"قيد الإنشاء "هذه جملةتعلّمتها حديثا في محاضرات تخص الإنشاءات المدنية بأشكالها لبست بلوزتها الحمراء الوحيدة،لقد مضت أشهر الخريف ونصف الشتاء وهي...
ثمة تفاصيل لم أعد أحيط بها؛ تدور في الزمن رحى الطاحونة، الصمت والقهر يتعاقبان في مشهد يتكرر في تلك النواحي، هل هو القدر فرض سطوته مثلما فعل بنا المرض؟ ربما تلك أشياء تظل عالقة في ذاكرة الآباء، نحن الصغار نتناساها لا نهتم بها، لدينا رغبات لما نشبعها بعد! متاهة ندخلها، لم يعد طعم للفرح بل نتشح...
جر الغطاء عنها وهو يقول: سارة هيا لقد تأخرنا عن الدوام حبيبتي... فلا بد لي او اوصلك أولا ومن ثم اذهب الى عملي... لدي اجتماع مهم ولا استطيع ان اتأخر عليه هيا قومي نظفي اسنانك واغسلي وجهك ومشطي شعرك ثم ارتدي ملابسك لقد جهزتها لك منذ البارحة إنها هناك على كرسي حاسوبك... هيا أنهضي لا تجعليني ارمي...
هذا الصباح، وهو خارج لعمله، ذكرني بموعدي مع الطبيب... أوصلني بيت أهلي، وذهب إلى عمله. نزلت من السيارة، وبقدمين متباعدتين سِرْتُ نحو البيت، مررت بجانب إحدى جاراتنا، فغرت فاها وقالت: لا حول ولا قوة إلا بالله! قبل أهلي بساعة، على الأقل، علي أن أستيقظ، أن أهيئ الفطور، أن أوقظ إخوتي، أن أفطرهم، أن...
كان غنوصيا يمسك بتلابيب الاقدار كما المعرفة كأنه يُؤمِنَ لها السير في عالم الأرواح الميتة، غالبا ما يراه الناس يسير دون أن تلف أقدامه سف التراب كأن طيرا ما أو جنا يحمله يسابق الريح حيث المقابر التي يقضي جل وقته قابعا بين القبور يخاطب هذا ويحفر عند ذاك.. عرفته الناس بإمكانيته مخاواة الجن بعزم...
كم احب المطر , ذلك ما اردده في نفسي عندما تتلبد السماء بالغيوم وترسل غيثها لينشر عبق رائحة تثير في نفسي مشاعر مختلطة بين الحب والحنين والارتياح ، ولكن ذلك اليوم الذي لن انساه ابدا كان مختلفا وانا اُسرِعُ عبر الشارع المهترئ والمطر ينهمر مِدرارا لا ينفك يهطل بغزارة. لظروفٍ قاهرة كنت اسير مسرعاً...
عانت مدرستنا الابتدائية في ضواحي المدينة من إهمالٍ مريب، نقصٍ من المعلمين ومن مقاعدِ الجلوس، تصدَّعت الجدران وآل سورها إلى السقوط، لم تُوفَّر أدنى بيئة مدرسية؛ لا تُعرف بأنَّها مدرسة إلَّا من لافتةٍ على بابها. اقتادونا إليها حتى لا تُلاحِقنا اللعنات خارجها، كان أبناء الأثرياء يسخرون من تواضعها...
هذا الكيان الصغير الذى تتداوله الأيادى بين تباين الأمكنة والظروف والبيئات، دون دراية عما يصيبه بقصد أو دون ، يُشَكَل وجدانه ،داخل رقعة الظروف المقسمة بين الأبيض والأسود يتنقل بينها كقطعة شطرنج .. كيان لا يملك من نفسه شىء ، ، فمن مكانٍ الى آخر ومن بيئةٍ الى بيئة ، تجعله فريسة الظروف ، كقطعة لحم...
بعد مرور هذه الأعوام، لا يزال بي حنين إلى التسكع في ممرات المدينة التى أحببتها، دونما وجهة أدع قدمي تتحرك في أي اتجاه، فالمسافات تلتقي أبعادها، كل ما علي أن أعاود السير، هاتف في داخلي (ابحث عنها في تلك المدينة، ربما تجدها وربما لا، كل ذلك مرتهن بقدر) أضعت عمري ولم أنل منه ما تمنيت، حياتي مثل...
صبحت هذا اليوم مغبرا بحرارة صيف ملتهب،تقول أمي : الشمس تتغذى على حطب القلوب اليابسة، تأكل ما تتركه النسوة من ركام وشايات يطلقنها كلما اجتمعن عند الفرن للخبيز، الليلة الفائتة تسللت إلى حجرة جدتي الطينية حيث بقايا رماد كان يتلمظ نارا، ولأنها غادرت الدنيا فما عاد أحد يطفيء النار غيري، أوصتني؛ ألا...
أعلى