سرد

المظلة والمعطف الطويل والثلج وشعرها الساكن على الاكتاف.. هم فقط السائرون في الشارع الطويل الخالي من الناس.. تسير ولا تأبه بالثلج الذي يضرب مظلتها بنعومة...تسير لعلها تجد جوابا لاجوبة تغلي في جوفها المحترق...وتتلقب في رأسها الاستفهات الكبيرة...ترى هل وصلت معه الى نهاية الطريق.. ؟؟هل إنتهى كل...
زارني ابن خلدون في بيت أبي الحجري؛ جاءني في عباءة من صوف شاة برقية؛ يحمل كتابه الأشهر" ديوان العبر والمبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" خففت إليه مسرعا؛ أحمل وعاء اللبن وكسرات خبز وقطعة لحم كانت أمي قد ملحتها واحتفظت بها في قازان فخاري تحسبا للشتاء، بسطت له...
"هل يكفي أن نعلق على الحائط صورة من فقدناهم إلى الأبد لكي نتذكرهم و لا ننساهم طالما هم يسكنون في قلوبنا أو نشيد لهم معلما تذكاريا حتى نكون العلاقة بيننا و بينهم صلبة لا تحطمها رياح أو عواصف، أو نقيم لهم ضربحا في بيتنا لكي يصبح "قُرَّابَة" يؤمها الناس"، فعندما تفقد عزيزا عليك تنقلب حياتك فتصبح...
اشتعل الضوء الأحمر ، وبعد تأكده من توقف السيارات قطع من ممر الراجلين إلى الجانب الآخر من الشارع . شاب في العشرينات يرتدي حذاءا رياضيا يتبع فتاة من الخلف ، ويخطف هاتفها النقال . يجري بسرعة حوالي عشرة أمتار ثم يقفز خلف صديقه الذي ينتظره على الدراجة النارية . يطيران ثم يختفيان عن الأنظار . نفس...
جلس حسين كامل المدير العام، في كرسيه وهو ممتعضا، ضرب زر الجرس بعصبية وانتظر أن يأتيه عثمان ساعي الشركة كي يحضر له كوبا من الماء كي يطفئ نار غضبه... مرت عدة دقائق ولم يحضر عثمان، فاستشاط حسين غضبا وصاح بصوت جهوري : أين الزفت عثمان؟! تركت ما معي من أوراق ومستندات، واندفعت إلى مكتبه كي أهدئ من...
أبي واحد... أصدقائي اثنان أحبائي ثلاثة.. معارفي عشرات.. وأنا صفر!! و أولئك الذين يمنحونا الدفء... الضوء ،أين هم؟! ضاعت كل طرق الحياة المؤدية إلى بداية واحدة حقيقية ،ولم يتبق سوي السراب... الحلوى، البسكويت، الشيكولاتة، الفاكهة، الخمر، والنساء!! ادفع... تأخذ... تملأ كل جيوبك بالعديد من القطع...
رأيت في منامي، رجلًا يمشي على وجلٍ، وحيدًا في صباح يوم تفتحت فيه الأزهار، يحمل في نظراته أملًا، سمعته يقول، إنه لا يتخوف سوى من تشتتنا بعد موته، يلعن الأنانية، ويترقب نظراتي، ثم أوصاني بأخي الأكبر، تعجبت كثيرًا، حاولت معرفة المزيد، استيقظت فجأة على صوت صدر من إحدى السيارات المارة في الشارع: "أي...
"كثيرون هم الرجال ولكنهم ليسوا سوى ضجيج" كولالة نوري المقهى: مقاعد إيطالية وأعمدة من رخام.. و من خلف الواجهة الزجاجية الصقيلة, لاح له عاج الذراعين البض لفتاة عشرينية مستجيرة بركن هادئ. "هذه مقهاي لهذا المساء" غمغم في مكر ظاهر, وهو يترجل عن السيارة ويوقع...
تستغرق السيدة في الشعور بالحزن، وهي تستمتع بهذا الشعور. الحزن الجميل، وخاصة ذاك الذي يعتريها حين تستمع إلى أغنية حزينة. زوجها يقطع كل تلك الروعة عندما تسمع صوت إغلاقه للباب حين يعود من العمل فتسبه في سرها وتمسح دميعات ترقرقت فوق أهدابها بسرعة وهي تجر نفساً خاطفاً من أنفها، ثم ترسم ابتسامة كاذبة...
لا أدري كيف أصفه، عجزت أن أحدد معالم وجهه؛ يتماوج كماء البحر، بل هو ريح أمشير لا تأتي على شيء إلا وتركته عصفا مأكولا أو عهنا منفوشا، لا تعرف بطنه القرار، ولا يرفع ثوبه إلا للفرار، يبتسم في وجهك وقد يضحك ضحكة صفراء. له وجه أشبه برغيف الخبز المدور، تتدلى لهزمته ويتراخى منه الخدان، يقلد القرد...
شيء جميل أن تعرف يقيناً أن النهاية واحدة و ليس هناك ثمة فرصة للتغيير،يتسرب هذا الشعور الدافيء إلى كل ليلة بينما أنازل النوم في معركة متواترة، أعلن فيها انتصاراتي في أحسن الأحوال مختلسةً دقائق معدودات بين الفجيعة والأخرى، أتعلق بدقات عقارب الساعة الواقفة دائماً عند حدود دهشتي . الثالثة فجراً...
إنني حين التقيت بذاتي فوجئت تماماً؛ لم تكن تطاق البتة. وقع ذلك الحادث في إحدى المكتبات العامة، المندسة في أحد الأزقة. إنني عموماً لا أحب القراءة وخصوصاً الكتب، غير أن ما لفت نظري أثناء عبوري مشياً من شارع لآخر هو تلك اللافتة التي تعلن عن مكتبة عامة خيرية. توقفت وتأملت المباني المحيطة ببمنى...
استبد بها الغضب حين رأت أشباحَها مجتمعين! دنت منهم.. جلست بينهم، ولم يرها أحد! انطلقت منها أصواتٌ مفزعة وصيحاتٌ مخيفة، هبّ الأشباح من أماكنهم منتفضين من فرط الرعب، أحدثوا جلبة صاخبة متخبطين بعضهم في البعض، التصقوا بالحائط مذعورين، فضحكت على هيئتهم المزرية. جذبت واحدا منهم، رجته رجا، صرخت في...
كلما أدخل غرفته ، يدير بوزه الى الجهة الآخرى ، وعندما أقول له " السلام عليكم " يرد ببرود واشمئزاز ، بكلمة نافرة لا تحمل إي معنى " سلام " ، فأخرج من الغرفة بسرعة ، ذلك لأنني خجول لايقبل لنفسه أن تثلم كرامته بهذه الطريقة المشينة . حتى جاء اليوم الذي وجدتُ فيه نفسي قادرا على الإنتقام منه ، فقد طلبت...
أسرت إلى بهذه الحكاية نملة عجوز وجدتها تختبيء في خزانة جدتي خضراء؛ حدث ذاك حين كنت أبحث عن غطاء صوفي أتدثر به من ذلك الشتاء القارس الذي يحاصر الناس في مساكنهم فباتوا كأنهم أدخلوا كهفا سيمكثون فيه سنين عددا؛ مصابون بلوثة الخوف من مرض قادم من بلاد نمنم؛ تلك البلاد تزيف كل شيء؛ ربما كان هذا الوباء...
أعلى