سرد

لم اشعر بنفسي إلا وأنا على فراش المستشفى، لم اشعر بساقي اليمنى، عندما بدأت فى الإفاقة من الغيبوبة رأيت فتاة رائعة الجمال أمامي، تمسك بوكيه ورد وتنظر إلي بأبتسامة رقيقة. سألتها في نصف وعي: أين أنا؟ ومن أنتِ ؟ قالت: إهدأ سأخبرك بكل شيء فى حينه . حاولت تحريك قدمي صرخت : رجلي تؤلمني . دلف الطبيب...
لست جباناً.. لكنني لست شجاعاً بالقدر الذي يمكنني من النظر إلى إبتسامة شهيدٍ في صورةٍ.. ه ما أشعر به حينها هو الخجل منه.. الحزن لعجزي.. والإختباء تحت أغطية سريري التي لا أعرف عددها كي لا أرى نفسي أو أرى أصابعي وهي تمسح آثار المطر على خدي.. تزعجني ضحكات الآخرين المصطنعة.. سماجتهم.. أكاذبهم...
مقعدي هناك بجوار كتبي القديمة، ازيح ذرة تراب لأجد لي مساحة... مقعدي هناك جوار محمولي القديم ذو الأحرف المنسوخة.... يزورني أبني. ليطمئن أني بخير.. وفي عجلة مع ساعة الحائط، يخترق الباب إلى الحياة و وطنه الخاص... مقعدي هناك حيث أسامر صور أولادي وهم صغار.... أغازل الحلم أن يأتني بهم جميعا... أجادل...
تتكدس أضابير المراجعين أمامي، وأنا أتامل وجوههم المحتقنة فاغرا فاي "كالمسطول"، يصعب عليّ تسيير أمورهم، وأنا في هذا التشتت والقلق. زميلي الفيلسوف يدق بأنامله على المكتب، ولا ألتفت إليه .. صراخهم لا أسمعه وحده صوتها يدوي: ـ طلقني الحياة معك باتت مستحيلة. أي طريق مسدود هذا؟ لا أنكر بأني صرت...
سرى نبأ في كفرنا انزلق من لسان هنومة الداية تلك التي تدب في الحواري وتتسمع الوشايات، يقولون عنها: أذنها ملقاط وفمها الذي به ناب من فضة وآخر ذهب يشبه الإذاعة ترغي من راديو فتوح القهوجي؛ وإن ماء سبيل أم عباس مبارك؛ تأتى به جنية من سحابة تنتظرها أعلى جبل المقطم من جهة قلعة الجبل، على أية حال تبعتها...
السماء صافية، لا يعكر زرقتها سوى غمامة بيضاء قادمة من الشمال لا يبدو أنها تحمل مطرا. رغم الصلاة والدعوات والوعود التي قطعها سكان القرية لضريح الولي الصالح، بقي الجفاف يتوالى يوما بعد آخر، حتى دبّ اليأس إلى النفوس.. العلف ارتفع ثمنه، ولم يعد في متناول صغار الفلاحين.. ما تبقى من رؤوس الماشية لا...
الشّارِدَةُ: مشتقَّةٌ من شَرَدَ، بمعنى هَربَ، فَرَّ ، نَفَرَ، وَلّى مُسرعًا في جميعها. كلمَةٌ فصيحةٌ موجودَةٌ في الدّارجة. وهيَ موجودَةٌ في القرآن (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أيْ فَرِّقْ وَبَدِّدْ جَمْعَهم. الشَّارِدُ هو الطَّريدُ للإنسان الذي يُطارَدُ مِن عَدُوٍّ والشَّاردَة ، وجمعُها...
نهار جمعة ربيعي .. لا تخطئ حبيبتي موعدها معي، أقبلتْ يسبقها حسنها، يعلن عنها بهاؤها، عطرها ملأ الأماكن التي مرتْ بها، شالها الأصفر زادها غموضًا وإجلالًا، حينما ابتسمتْ لي، أطلق الليل سراح الشمس السجينة،عيناها حدثتني بما عجزت عنه كل حروف العشق، أخبرتني أنها لا ترى سواي رجلًا على الأرض. قالت لي...
في الكون أسرار، لدي أهل الطريق منها الكثير لا يبوحون بها إلا لمن خلصت نيته، يعرفونهم بسيماهم، يتناثرون في الوادي والدلتا عقود جمان، يمشون بها، يفكون بعض ألغازها، شيخ مبارك يجوب الحارة عند منتصف الليل، يطرق الأبواب الغافية وراء السكون، يمسك بمفتاح منقوش عليه " لا غالب إلا الله" مخطوط من جلد عنزة...
السلم مظلم، لا يسرج لمبة السلم من الجيران سوانا، ذكرتِني كثيرا أن أشتري لمبة للسلم بدلا من التي تلفت، فلأصوب (فلاش ) الهاتف علي ( كالون ) الباب وأفتحه على ضوئه، الشقة على حالها منذ تركتها، الغسيل الذي جمعته من على منشر الغسيل كما هو على كنبة ( الأنتريه ) في الصالة، أوه ...ما هذه الرائحة المنتنة...
* مقهى الشرق.. نعم.. أعترف بأنِّي جبان، وأخاف، وصاحب قلب ضعيف.. فليضحك منُّي من يشاء، وليسخر، بل ليتهكم عليّ ما طاب له، ولا يرافقني أو يصطحبني معه إن أراد، أو لا يمشي معي أبداً. كنَّا وأصدقائي، نجتمع ونجلس في مقهى (الشرق) الكائن بالقرب من عبَّارة الماليَّة (بناية العداس) وكان...
بيضاءُ, بيضاءٌ كالثلج, بليغةٌ الأنوثة, ضامرةٌ الخصر، هيفاءٌ القدّ، ذاتُ عينين واسعتين، ونجلاوان بحدّة عالية، تشعان بلمعة ذكية كعيني قطة كأنهما تنيران أية ظلمة. يصعد الدم إلى وجهي كلما كانت تقترب مني.. يفور في ذلك الذي أجهله, يضغطني فلا أحتمل, فأقترب منها أيضاً، مقاوماً كل ما يخيفني، فقد أشاعوا...
أعشق السفر و لو أن لي إمكانيات لطفت العالم كله ، أحب السفر كان حلمي ان ألقب بالرّحالة انطلاقا من العنوان الذي أورده الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه "جدد حياتك" و إن كان هو أراد به تجديد المسلم عهده مع الله و علاقته به الإقبال عليه، أي من الجانب العقائدي ، فالسفر يجعلنا نجدد حياتنا، طالما...
لا أعرف، ولا يمكن أن تعرف السبب الحقيقي الذي جعل مثلا هؤلاء الذين أسمعهم بهذه الأذن يتهمونك، يكبر لديك الهاجس لما تقوله ومن تكرار تعابير واشارات تسمح لك بالقول بأنك خشن أو أنك تتصرف بجنون، أنك متيم بحب فلانة وأنها تستغلك ولا تستطيع أن تقول شيئا لكل ما يقال ويتردّد. تحتمل، وتظل تحتمل الضغط، تحب...
12- قالت "أمي": أحضر لك "أبوك" حزمة "شيتات"[67] من السينما، تكفي لتغطية جدران غرفتك إن رغبت، وسيكون ذلك مؤقتاً، حيث الطلاء لا ينفع مع جدران متداعية، حيطانها من الطابوق الأحمر.. وجدت الأمر يروق لي وقررت العمل وحديّ. دون ان اجعلها تشاركني، اذ أتعبها الحَمل، وبالكاد تجرّ خطواتها، لم تكاسل لحظة عن...
أعلى