نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
ملء شدقيها تضحك .. متجاهلة حزنا في القلب يعشّش.. تتعالى هي اليوم على حزنها، قهرها، هزائمها أيضا. هي ذي تستقبل العام الجديد بقصّة شعر جديدة .. تشتري باقة ورد تهديها لنفسها .. تتعهّد كما كلّ سنة بآلاف الوعود، ستصبح نعامة من فصيلة لا أرى، لا أسمع، لا أتكلّم. وما دخلي مادام لا شيء أصابني .. تقسم...
بقيت " حبابة " جارية الملك العباسي، بعد وفاتها، مسجاة في قصره، وهو جالس عند رأسها يبكيها، مدة خمسة عشر يوماً ، لا أحد يعلم من حاشيته، كيف ماتت، الا أن شائعات الحاشية، خلف الستائر الحمر بين أركان القصر، تقول أن ولده هلمان أبن المقدونية، هو الذي قتلها بالسم، بتحريض من أمه، بسبب إنشغال والده ليلا...
بوراس رجل لا يعرف له الناس اسما غير هذه الكنية. هل كان وحده ذا رأس وبقية الناس بلا رؤوس حتّى يختصّ بهذه الكنية دونهم؟ طبعا هذا مستحيل، ولكنّ شكل رأسه الغريب هو الذي منحه هذا الامتياز. لقد كان رأسه أقرب ما يكون إلى مطرقة ضخمة، ولو نظرت فيه مليّا لوجدته مركبا من أربع قطع متلاصقة، قطعة مربّعة هي...
كان العالم، وكنتُ الأعمدة الأربعة التي يقف على أكتافها، كي لا يسقطَ، لكنَّه خذلَني، وسقطَ بكامل ضعفه، رغم كلِّ قوتي، وكأنَّه لم يعرفْني أبدًا، وكأنَّني الغريبة التي كان يخشاها؟! ربَّما لأنَّه كان لي ألفَ ذراعٍ، ألملم بها شهقاتِ سنابله قبل أنْ تشعلَه أنفاسي اللاهثة، وتعِدَهُ بالحصاد.
كان عالمًا...
اهداء الى الشعب الفلسطيني وإلى أهل غزة بشكل خاص..
لن يعود شيء كما كان..
فهذه المرة ليست ككل مرة..
نفث الليل دخانه في وجهي وقال.. أرأيت ؟؟..
مسح دموعه وأعطاني منديلاً.. فهم أنني فهمت أكثر مما يجب بعد أن شعرت أكثر مما يجب، سطعت أضوائه المثيرة وتوالت الضحكات الماجنة من بين ظلماته، وشم على جلدي...
3
اكتشفتْ جريمة قتل "العم موشيه" عقب انتهاء عرض فيلم الكاوبوي الامريكي "من أجل حفنة من الدولارات"(11) ، بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً، مع نهاية يوم حافل بالمشقة والزحام. كان فيلماً ناجحاً وقد حقق امتلاءً في القاعة، وعدّ من أكثر الأفلام جمهوراً، لكن اليوم السعيد لم ينته كما بدأ.
بقيت ماكينة عرض...
أصدرت النملة كتابها الأول، خصته لسيرتها الذاتية، وما إنِ انتشر وراج بين الحيوانات حتى اختلف ابن آوى والغزالة على فقرة من هذه السيرة، فتخاصما، كل واحد منهما ينتصر لفهمه، ويعمل جاهداً لكسب عموم الحيوانات لصفه.
جاء في فقرة من سيرة النملة ما يلي :
" العمل عبادة، ورغم أني أتعب كثيراً فإني لا أرتاح...
تجلس على الأرض بالجلباب الأسود المفروش بالزهور الباهتة.. تمد قدمها المتورمة من آن لآخر مع ترديد صوت الآه بتقطيع بطيء.. تُملس عليها بيدها مع الضغط الخفيف تارة والضغط الطويل تارة أخرى ربما غادرتها آلام الروماتيزم العنيدة.
أمامها قفص مصنوع من الجِريد تضع عليه بضاعتها الخضراء المبهجة.. ترش عليه...
عادت أمي متعبة مرهقة من عملها غسل ثياب الاغنياء، فيما كنّا، أنا وخالي وأبي، نفترش أرضية بيتنا المستأجر في الناصرة القديمة وننتظر رحمة السماء. أمي ضاقت بالفقر الذي حلّ بنا مثل شيطان رجيم، منذ طردها مع باقي أفراد أسرتنا الصغيرة من قريتها الوادعة، ولجوء العائلة إلى الناصرة، فراحت تطرق أبواب...
الفصل ١٧ والأخير
حين ضغطت زر الجرس ، فاجأنى شخص بفتح الباب ، كان ضخماً، طويلاً، مفتول العضلات، نظر إلى شذراً ثم صاح بى :
- ماذا أتى بك إلى هنا ؟
وقبل أن أهم بفتح فمى ، لكزنى بقوة فى صدرى .
- ألم أحذرك من قبل أن تبتعد عنها ؟!
صحت من المفاجأة :
- أنت جاسر !!
- يبدو أنك لم تعتبر مما حدث لصديقك...
بلا عينين لم يستطع رؤية الأكياس الفارغة، والنّفايات الطَّافية على صفحة الماء. ربما دفعته الرَّوائح الكريهة إلى استشعار أنَّ المنظر شديد الكآبة لدرجةٍ دفعته إلى الاستدارة، وإعطاء النَّهر ظهره، لكنَّه سرعان ما تذكر ما خرج من أجله؛ فعاد إلى استقبال صفحة الماء بصدره من جديدٍ. خمسمائة خطوةٍ لركبتين...
ليست هذه الرواية المثيرة، القصيرة، والغريبة نوعا ما، الا الرواية الأولى للكاتب الايطالي “أنطونيو تابوكي” (23 سبتمبر 1943 - 25 مارس 2012) الكاتب والأكاديمي المثير للجدل. الرواية لم تنشر في حياته، الا بعد وفاته. وهو الذي عرف بميله الشديد الى اعادة كتابة تفاصيل تأريخية جرى التحقق من مصادرها بنفسه،...
كل الناس يتحدثون عني هذه الأيام.. لكن لا أحد يعرف من أين جئت، وكيف كبرت بسرعة.
قلبي أبيض وطيب. كل ما تسمعون عني من الكلام الساقط مجرد باطل لتلويث صورتي، والحط من كرامتي..
والدي مثلكم مواطن بسيط من القاع الشعبي.. يعمل بيديه لنأكل.. كان يقول لنا دائما:
ـ يا أولاد.. البطنة تُذهب الفطنة.. الطعام...
2-
تزامنتْ حادثة نهب بيت "يَهْودَه"، وتفريغهِ من محتواه خلالَ فترة دعوة "أبي" لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية. إذ بقيّ غائباً عن المحلة لأكثر من أربعين يوماً، دون إجازة يوم واحد. حتى دفع البَدل النقدي، وعاد حرّاً، وفرحاً وتفاجأ بالذي أخبرتهُ به "جدتي" بأن بيت "يهوده" نُهبَ. كأن ضحكته تيّبستْ،...