سرد

مع نهايات الخريف تعيث الرياح في الآفاق ؛ تلقي بأوراقها الأشجار ، تبلل دموع الغيم الطرقات في مدينته الساحلية التي كانت مثل اللوحات الفنية كلما نظر إليها تزداد جمالا في كل مرة فتحمل لوجدانه سيمفونية عشق ، على شطآن الذكريات لا يخط سوى اسمها على الرمال فتمحوه الأمواج وما بيديه حيلة ، كلما...
استيقظت هذا الصباح، لأجد في نفسي رغبةً شديدة في الانتحار، شعرت كأنني امتلك عيونًا أخرى للحياة خالية من الدهشة التي فقدتها عندما كان عمري ثلاثة عشر عامًا. سأتحلى هذه المرة بالشجاعة أكثر من المرة السابقة التي انتهت بالفشل عندما تم إنقاذي في اللحظات الأخيرة، أو ربما كانت لدي بقايا رغبة في العيش،...
6 حتى في يوم استلام نتيجة الامتحان، لم يسمح "أبي" بأن أذهب إلى المدرسة دون رفقة أحد من أشقائه، وسبق أن اشترى لهما بسبب هذا المشوار دراجة هوائية يتناوبان عليها في إيصالي إلى المدرسة، والعودة منها. بالرغم من أنها كانت لا تبعد عن "دربونتنا" سوى أربع أو خمس درابين(27). هذا ما درجت عليه حياتي أن...
أعلنت وزارة الترببة مسابقة لتعيين مدرّسين للّغة العربية، فسارع "تحسين" وقدّم أوراقه.. لقد مضى على تخرّجه سنتان وهو دون عمل. كان عليه أن يخضع لفحص المقابلة في العاصمة،وحينما عاد كان متفائلاً ، لأنّ اللجنة الفاحصة سرّت من أجوبته، ومما ضاعف من سروره، إعجابها بقصيدته التي ألقاها على مسامعهم.. ذلك...
الحياة عبارة عن امرأة نزقة، جسدها جميل، بشرتها ملساء، ناعمة مثل الحرير، من عاش فيها، وقد ركبها بلا مبالاة، ألقته بسهولة في البحر ، اذا كان غير قادر على السباحة ، فيسغرق في مياهها بسهولة، يضيع في وهادها وجبالها ووديانها ، سيعوم متشبثا بالقشش ساعيا للوصول الى الضفاف البعيدة ، واذا اخذه الكبر، فانه...
جاءت الفنانة نبيلة عبيد، بضحكتها المموسقة ، وبثيابها النارية، ورشاقتها المثيرة ، الى بغداد ، لكي تلتقي بالروائي العراقي عبد الستار البيضاني مؤلف رواية " دفوف رابعة العدوية " ، لتبحث معه في مشروع فيلم جديد مضمونه المتصوفة " رابعة العدوية " التي سبق لها ان مثلته في سنة 1963 مع الفنان عماد حمدي...
لا أحد يعرف من يطعمه، فلم نره ينزل من عليائه ليأكل مما يأكل منه أهل الأرض، ولا كان معروف النسب أو التاريخ، كأنه نبت بقدرة قادر في الجميزة التي تتلوى أغصانها وتتشابك في السماء، وتبسط عمرها المجهول فوق مقام الشيخ رمضان. قيل أنه أحد مجاذيب الشيخ رمضان، وقيل أن حدأة خطفته صغيرًا وألقته هنا. وكنا،...
امسك موظف الجوازات بيد غليظة الختم ، دقه بغير اكتراث ، أومأ برأسه محييا في صمت ، انتظمت في مشيتي وسط حشد صاخب من البشر، انفتح أمامي بهو متسع ، انتصبت فيه قبة زجاجية تتلألأ في المنتصف بأضواء زاهية، تحجب خيوط شمسالظهيرة الغاضبة ، حتى شمس النهار تريد أن تهاجر يا أمي ،الوضع لا يطمئن ، فبرودة المكان...
وجهت الفنانة المعمارية زها حديد دعوة الى الروائي خضير فليح الزيدي وارفقت مع الدعوة بطاقتي طائرة للذهاب والاياب من بغداد الى نيويورك ، وقالت حديد في دعوتها انها حجزت له بفندق صممته هي يطل على المحيط الاطلسي، وطلبت منه ان ياتي بنسخ من روايته التي استلهم مضمونها من حياتها ، لكي تعمل على ترجمتها...
تنام تلك القريةِ البعيدةِ في تخومِ ذاكرتهِ ، على ذراعِ الفراتِ، يرتدي الصبيُ بسنواتهِ العشرِ، دشداشتهُ المقلمةَ البازة ، يتنقل بينَ الترعِ الصغيرةِ ، تحتَ ظلالِ غابةِ النخيلِ ، يلتقطَ " الجمريّ " ذلكَ التمرُ غيرُ ناضجٍ الذي يتساقطُ لوحدهِ من اعالي النخيل، هناك خارجَ بستانِ القريةِ، ظهيرةٌ حارقةٌ...
تزدحم الصالة من أول العصر وحتى منتصف الليل ، بكبار السن والشباب والفتيان والأطفال، تأتي بهم أمهاتهم ليصم آذاني صراخهم بسبب خوفهم من منظر " السرنجه " . أنا مولع بزرق الحقن. منذ صغري. حلمت كثيراً أن أكون مضمداً. ولهذا الحلم حكاية سآتي على ذكرها فيما بعد. المهم إنني نجحتُ بولعي هذا من تمضية خدمتي...
ضجيج الصمت . فاكهة النار . امرأة وبقايا أشلاء رجل . أشلاء أطفال مبعثرة . نزق الريح . حشد من أحذية متراصة تنتظر قنص فريستها . نظارات طائرات سوداء تراقب الوجوه ، وتكتب على جدران تناثر الدماء . عالم ضرير يجلس على حافة هاوية الطريق . ضجيج الصمت ، وصمت ضجيج صراخ الجرحى والأمهات المكلومات . امرأة...
يبدو الطَّقس مثاليًّا لمباشرة عملي؛ فالنَّهار قَدْ تنازل عن صحوته، وتلوَّن بغبشةٍ داكنةٍ؛ والغيوم غاضبةٌ، حجبت الشَّمس، وراحتْ تصبُّ ماءها كسياطٍ مؤلمةٍ فوق شارعٍ صاخبٍ مضطربٍ، يشتهي السُّكون. المارَّة يهرولون بوجوهٍ بلاستيكيَّةٍ صوب مظلَّات المحلات، و مداخل البنايات، و المياه...
يخرج من مكتب البريد فرحا براتبه الشهري. ينزل السلم مسرعا. يشق الطريق دون التفات. برفع عينيه فجأة. ما أجمل هذه المرأة! لولا رائحة عطرها ما كان ينتبه إليها. يسير ورأسه إلى الوراء. يتابعها بعينين غائرتين وقلب فارغ وجيب لا شيء فيه سوى راتبه الهزيل وعلبة سجائر رديئة وقداحة صيتية الصنع. يستمر في السير...
إهــداء: لكل أرواح أمهات هذا البلــد: … ولكن اليوم استيقظت من نومي، لأحكي ما راج تحْـت سقفي الذي يغطي غطاء فراشي ، حينما توقـَف قريني عن الوشوشة وممارسة شغبه ما بين سطور ما كنت أقرأه ، أو ما أدونه ، حسب رغبته، التي لا أملك فيها سوى الانصياع كبهيمة الليل البهيم ، هكذا أشعر ! نعم أنام العادة...
أعلى