سرد

الصورة اليومية التي لا تتغير لشوارع المدينة في وقت الذروة صباحا ، نفس مشهد الزحام واللون الرمادي الذي يغطيه ، رائحة العوادم التي تلفظها رئات من سكان المشهد لتستنشقها رئات أخري بالتبادل فتزيد من عصبيتهم وضيق صدورهم وهم يهرولون مربوطون من أعناقهم بسلاسل الوقت الذي تدور عجلاته داهسة من يفكر في...
1 مرّ من أمامه ثنائي مثير. عجوز أوروبية تعانق شابا مغربيا في مقتبل العمر. يتحدثان مبتسمين. من ينظر إليهما باستغراب، يعتقد بأنهما ربما دخلا تجربة روميو وجيليت عن طريق الخطأ. المرأة تبدو في عمر جدّته. الجسد نحيف، الظهر لازال مستقيما، لكن البشرة متجعدة أكثر من اللازم. السروال القصير لا يكشف إلا...
تحلقوا حول مائدة الطعام، هو ووالدته، وضعت أمامه الكثير من اللحوم محدثه: تناول منها الكثير، لأنك سوف تفتقدها في الغربة، سمعت أن أصناف اللحوم في بلاد الغرب سيئة. بشَّ وجهه وجذب يد والدته وطبع عليها قبلة حانية محدثاً: جل ما يحزنني فقدانك، من سيوقظني من غفوتي؟!، من سيربت علي كتفي حينما اتعثر؟!، من...
بابان من الصاج اللامع متقابلان تحت الارض تفصلهما مساحة مترين من البلاط,احدهما ملطخ بالحناء وتعلوه الاية (من شر حاسد اذا حسد ) مخرمة بلون نيلي .. شديد الزرقة كتبت بخط النسخ .. يتصدر جدار احدى الغرفتين صندوق مفتوح من الامام من خشب الخيزران يعلوه قرآن كبير , ملفوف بقطعة خضراء, جواره قارورة من...
وجدنا أنفسنا ذات يوم نعيش في قلعة محاطة بسور كبير لايمكننا تسلقه، مغلقة الأبواب على مدار الساعة، لا نستطيع الخروج منها، الا عند إرتقاء مراتب الولاء للقوة التي تتحكم بها، ثمة في القلعة حجرات عديدة ، فيها نساء ورجال كان علينا أن نعيش فيها سنوات طويلة من دون أن نرى العالم، وكان من أسباب إدامة...
مالت المدينة نحو الكثبان الرملية، تغوص قدماي في سراب يتجدد! ربما أيضًا غابت المدينة العتيقة تحت جبال جليدية، أزلية، فأموت عطشًا! لم تعد المدينة العجوز تُغري بالتسكع، بحمل قنينة خمر، أردد أشعار الصعاليك على دروبها، ثم أستريح لحظات على رصيف ضيق، لا يسع قدم هِرة! الممشى خالٍ من الحور العين ! ربما...
كتب نهاية الفصل بأنّ: "البطلة كانت عصبيّة المزاج خلال تلك اللّحظة، حينما رشقَتْ ماء الكأس بعد أن رطّبتْ شفتيْها". وقبل أن يُغلق الروائيّ دفتره شهَقَ بعُمقٍ.. راح يمسحُ وجهه، ويحاول تجفيف قميصه المُبلّل بجزء كبير من صدره. وقف طويلًا أمام النافذة قُبالة قُرص الشّمس عند الغروب. اِرْتسمَ وجه أمّه...
مات والدك منذ سنتين. لم يترك لك شيئا. أمك اضطرت للزواج من رجل غريب. لفظتك المدرسة، لأنك لم تعد قادرا على تحمل إهانات المعلم والمدير وعقابهما في كل مرة أخللت بالاحترام اللازم لزملائك. العربي زوج أمك ولد الكلب يصرخ في وجهها، وعلى مسمع منك، بأنه غير ملزم بتوفير المبيت والطعام لك. أنت أصبحت رجلا،...
وحدها ترقب الوقت الرتيب، أقلتها الذكريات إلى نقطة البداية وهي تتحسس الخطى في دربها المكتشف حديثا لطفلة في السادسة من عمرها رآها مخرج إعلانات مع أمها بالنادي أعجب بها وطلب من أمها أن تعمل ابنتها معه بالإعلانات، مازال لمعة عيني أمها ببريق الفرحة ماثل أمامها وصوتها المتهدج وهي تبلغ كل من تعرف،...
خاص ليوم اللغة العربية. يحملني على كتفه، أبتلُّ بنضح عرقه، يتعبني لهاثه وتؤلمني أظافره المتشبثة بي بقوة، يقرع الجرس؛ فينفتح الباب على صالون أثاثه فاخر، شاشة تلفاز كبيرة تعرض صور الحرب، وتقارير سمعتها مرارا وتكرارا من خلال مذياع شاحنة، ومن خلف جدار مستودع بارد ألقوني به على عجل أيضاً، وأخفوني...
ان تقصد مقهى لترقب حركة السوق..فيصادفك خمسة مجانين..يستقرون قربك او يمرون...لكنه ليس مقهى بالمعنى الاصطلاحي ..انه مدخل لدربونة تتفرع من سوق صاخب ..رصفت كراسي تقابلها ادوات الشاي وفحم..هنالك من يطلب القدح بهدوء ربما باشارة ..اخرون يمسرحون مشيرين الى حداثة نعمة او يعكسون انتفاخ الذوات او التفاهة...
.[عرق السواحل أو حجر القنفد]. ..جمانة بعد اربعة اطفال اصبح زوجها عاطلا عن العمل ويتعاطى الخمر وحبوب الكبسلة ... تحملت منه الاغتصاب والتوحش في التعامل معها والاهمال . "أفضل فترة للحصول على عرق السواحل هي فترة الربيع، وهي فترة التزاوج للقنافذ فننتظر إلى أن تلد الأنثى من القنافذ صغيرها وهنا...
لربما بات من الصعب على أحدنا أن يرى (في الحياة عموماً) صورةً حقيقية، غير معدلة، لم تخضع للتحسين والتغيير والإزالة والإضافة، بغية (الظهور بأبهى حلةٍ)، وربما باتت الطبيعة البشرية أكثر تحفظاً وحذراً وتصنعاً مما يعرقل الولوج إلى أعماقها وسبر أغوارها واكتشاف حقيقتها، خاصةً أنها باتت تقوم بتصميم...
" مأساتنا الحقيقية أننا نشبه الرّصاصة التي لم تنطلق من جعبتها و ظلّت حبيسة بندقيّة يقرضها الصّدأ " محمد برادة جمر .. جسر.. و شمس خضراء .. قمر يولد من سحابة .. ثمّ طائر حبيس في الرّوح يتخبّط . كذا ظلّ خافقه المعكّر طيلة فترة الصّباح . أمّا عقله الحاصل على دكتوراة باريسيّة فانطلق...
تَسللَّ عِطرها في هدوءٍ ليُعلنَ عن مَجيئها، حَادَت الأعينُ عن مُتابعة المُحاضر الماتِع واشْرأبَّت الأعناقُ إليها في شَغَف. تهادَت بين الصفوف في شُموخ لا تَعبأ بهَمهمة الانبهار بجمالها ولا بالعيون الفاحصة حتى بلغَت المِقعد المُخصِّص لها الذي تَصادَفَ أنْ كان إلى جواري. رَمَقتُها...
أعلى