سرد

ساعاتٍ طويلةً قضّيتها على تلك الصّخرة مُتردّدا بين البقاء أكثر أو العودة إلى البيت.. تذكّرت أنّني إن بقيت هنا فلن يجد بناتي ما يأكلنه.من المؤكّد أنها أقفلت الباب على نفسها و لم تُعدّ طعام العشاء. تلك طريقتها في الغضب،تتوقّف فورا عن إدارة شؤون البيت و عن الاهتمام بالبنات.نوع من العقاب تخصّني به و...
لم أعبأ أثناء سَيْري بشارع سعد زغلول المُزدَحِم إلا بمَوضِع قدَمي، يكفي أنْ أمُرّ بسلامٍ من بين المُتسَكِّعينَ وهُواة الفُرجَة على "الفاترينات". كنتُ قادمًا من المنشية مُتعجِّلاً لألحَقَ بموعدٍ هام في فندق ما بمحطة الرمل. يَدٌ تَمتد من الجهة اليُسرى فتَلمس كتَفي، لم أُصدِّقُ ما رأيت،...
كان الوالد يوقظني كل يوم عقب رجوعه من المسجد بعد أداء صلاة الصبح.. أقصد الجامع وأنا أغالب النوم والغلس.. أُقبّل يد الفقيه الذي يتربع بهيئته الموقرة الجليلة على سجادة صوفية في مكان يتيح له مراقبة "المحَّضْرَه".. أجلس حيث ينتهي بي المجلس.. أعانق لوحتي الخشبية.. أشرع في تهجّي ما كتبته سابقا...
فاجأني طلبك الانفصال عني وعن بلدة الحب التي اقمناها معًا. لم أكن أتصوّر أن يأتي يوم مثل هذا، تطلبين فيه مثل هذا الطلب.. فانت المليكة المتوّجة إلى جانب رتل من المليكات في بلدتنا الغالية علينا نحن، أنا وثلّتي، من العشاق الفلسطينيين. ما الذي دفعك غاليتي لاتخاذ قرار المغادرة؟ أهو الزمن أم الروتين...
شهد كوكب الأرض تطورا متسارعا وبخفة غير عادية وبات مصدر ثقل على كاهل الإنسان !! ولم يعُد يمتلكُ شيئًا من وقته ... الركضُ المُستمر وراءَ لُقمة العيش و توفير أسباب الرّاحة الشّخصيّة , ما عادَ ليتركَ مجالاً للتفكير في غيره! فانحلّت العلاقاتُ الأسَرية و انعَدَمت الاجتماعية أو ربما اتخذت أشكالاً أُخرى...
لم يصدق عبد السلام أحمد ما رآه بعينيه .! فرك عينيه ثم تحقق مرة أخرى فإذا بالبئر التي يكمل حفرها في العام الماضي قد صارت مليئة بالنفط .! مد يده فتأكد من السائل الأسود ، الفرحة التي غمرته جعلته يجري نحو منزله وينادى أولاده ليهرع الجميع إلى بئر النفط . واحتار ماذا يفعل : ـ هل يبلغ السلطات أم يكتم...
منذ عشرين عاما حذرتني أمي من غرورها وسلاطة لسانها ، ولما رأت إصراري على الزواج منها ، نصحتني بأن أذبح لها القطة في ليلة الزفاف ، ولكني ضربت بنصيحتها عرض الحائط . لم يمض على زواجي منها بضعة أشهر حتى ظهرت على حقيقتها ، مغرورة وسليطة اللسان كما ذكرت أمي تماما ، لذا فمنذ تزوجنا وحياتنا تسير على...
قفز عامر ملوحاً بيديّه ناظراً إلي زميله سامي لن أمكث هكذا ..وأبقى كخيال المآتة لن أضيع عمري وأنا جالس علي كراسي القهوة…(السنين بتعدي هَوا واللي زينا ركبوا عربيات واتجوزوا وبقا ليهم بيوت) نفث بركات السيجارة وأمسك شاربه الصغير..(بس آللي بتتكلم عنهم سافروا ليبيا ومكملوش تعليمهم بعد إعدادي) اصدر...
خرجت المرأة " شمس الضحى" ذات الأربعين عاماً، من بيتها، بملابس فاضحة، رافعة ذراعيها الى السماء، وشعرها الأسود ينسكب الى خاصرتها، صارخة، في تلك الظهيرة التموزية ، " يا ويلي أبو نشوان مات .. ألحقوني " . تجمعت النساء حولها بظرف دقيقة، جلبت أحداهن عباءة سوداء كالحة من بيتها، لتستر جسدها الأبيض...
اتصل بي من سوريا قائلاً: ابن عمي، أتذْكُر لما قلتَ لي من زمان: يوماً ما سيفتح الأطباء بطنك ليكتشفوا أن أحشاءك مختلطة ببعضها، فلن يجدوا ما يفصل الكبد عن المعدة عن البنكرياس؟ هذا تماماً ما يحصل معي اليوم. قالها، ثم انفجر ضاحكاً بطريقته الخاصة في الضحك التي يعرفها أهلي جيداً. كانت تصلهم قهقهاته...
لا أعرف ما الذي يعتريني؟ ولا أعرف كيف يتحول الرأس إلى مخزن للألم الضارب؟ حتى لتحس للحظات بأنه سيتوقف عن العمل، وربما من شدة الضغط والترجرج، سيتناثر إلى شظايا على شكل ذرات موزعة، لا ترى ولا تلمس، ويبقى الألم مسيطرا، فلا الرأس متوقف، ولا الشظايا متناثرة. أَخرُجُ إلى باب المنزل، أُعَرّضُ رأسي...
أيها القلب يكفيك تنكيلا بهذا الجسم الوهن، يكفيك مشرطا واحدا تقدّ به ذاتي المتمزّقة بعد فقد هدوئي و وجاهتي. على دراية مما يقوله الشامتون و الساخرون لكنني لا أكترث مادمت في راحة منهم.. لن أدّعي شجاعة بيد أني على قناعة مما أقول، فالسماء ملكي و الأرض و الأنجم و ذاك الوادي و إن جفّ فإني أعي ما...
ستجرى ويجرون …ربما بدات كلسعة افعى ,في ظهيرة تموز .الحى يجهز عليه جحيم الشمس والتعب ,الناس في ركود ابو بسام يعزل عروق السوس الفاسدة … ابو احمد يراقب العمال يعبئون الاكياس في المطحنة (يمسد كرشه بيمناه متاففا من شرار الجمر في الشحم المتراكم ….ابو صلاح يوزع اقداح الشاي في مقهاه بام...
في إحدى جلسات الأدب الجميلة وفي فضاء السّرد والرواية، أفصح صديقي عن قصة كانت من أروع ما سمعته بين الروايات. السّرد كان المحطة الأولى، حضور في رأيه وتوازنه، قصّ علينا القصة، أحد أهمّ الأشياء كانت التجلّي اللساني في العرض والصوت، والعلاقة الحميمية بالشخصية، أنتجت صوتًا ساردًا، يتلوّن طبقًا لما...
ناهد شردت في كلام زوجها لها عيونك ذابلة... الهالات السوداء ملأت اسفل عينيكِ... الترهل زحف لكل جسمك، الافخاذ والارداف... ما الذي دهاك حتي تتركي حواجبكِ كثة وشعيرات تتناثر في خدّيكِ... حتي مزيل العرق لا تستخدمينه... هرعت الي المرآه تفحصت وجهها وتأملت قدها وتشممت رائحة جسمها.... لم تلاحظ تغيراً...
أعلى