سرد

وجدنا أنفسنا ذات يوم نعيش في قلعة محاطة بسور كبير لايمكننا تسلقه، مغلقة الأبواب على مدار الساعة، لا نستطيع الخروج منها، الا عند إرتقاء مراتب الولاء للقوة التي تتحكم بها، ثمة في القلعة حجرات عديدة ، فيها نساء ورجال كان علينا أن نعيش فيها سنوات طويلة من دون أن نرى العالم، وكان من أسباب إدامة...
مالت المدينة نحو الكثبان الرملية، تغوص قدماي في سراب يتجدد! ربما أيضًا غابت المدينة العتيقة تحت جبال جليدية، أزلية، فأموت عطشًا! لم تعد المدينة العجوز تُغري بالتسكع، بحمل قنينة خمر، أردد أشعار الصعاليك على دروبها، ثم أستريح لحظات على رصيف ضيق، لا يسع قدم هِرة! الممشى خالٍ من الحور العين ! ربما...
كتب نهاية الفصل بأنّ: "البطلة كانت عصبيّة المزاج خلال تلك اللّحظة، حينما رشقَتْ ماء الكأس بعد أن رطّبتْ شفتيْها". وقبل أن يُغلق الروائيّ دفتره شهَقَ بعُمقٍ.. راح يمسحُ وجهه، ويحاول تجفيف قميصه المُبلّل بجزء كبير من صدره. وقف طويلًا أمام النافذة قُبالة قُرص الشّمس عند الغروب. اِرْتسمَ وجه أمّه...
مات والدك منذ سنتين. لم يترك لك شيئا. أمك اضطرت للزواج من رجل غريب. لفظتك المدرسة، لأنك لم تعد قادرا على تحمل إهانات المعلم والمدير وعقابهما في كل مرة أخللت بالاحترام اللازم لزملائك. العربي زوج أمك ولد الكلب يصرخ في وجهها، وعلى مسمع منك، بأنه غير ملزم بتوفير المبيت والطعام لك. أنت أصبحت رجلا،...
وحدها ترقب الوقت الرتيب، أقلتها الذكريات إلى نقطة البداية وهي تتحسس الخطى في دربها المكتشف حديثا لطفلة في السادسة من عمرها رآها مخرج إعلانات مع أمها بالنادي أعجب بها وطلب من أمها أن تعمل ابنتها معه بالإعلانات، مازال لمعة عيني أمها ببريق الفرحة ماثل أمامها وصوتها المتهدج وهي تبلغ كل من تعرف،...
خاص ليوم اللغة العربية. يحملني على كتفه، أبتلُّ بنضح عرقه، يتعبني لهاثه وتؤلمني أظافره المتشبثة بي بقوة، يقرع الجرس؛ فينفتح الباب على صالون أثاثه فاخر، شاشة تلفاز كبيرة تعرض صور الحرب، وتقارير سمعتها مرارا وتكرارا من خلال مذياع شاحنة، ومن خلف جدار مستودع بارد ألقوني به على عجل أيضاً، وأخفوني...
ان تقصد مقهى لترقب حركة السوق..فيصادفك خمسة مجانين..يستقرون قربك او يمرون...لكنه ليس مقهى بالمعنى الاصطلاحي ..انه مدخل لدربونة تتفرع من سوق صاخب ..رصفت كراسي تقابلها ادوات الشاي وفحم..هنالك من يطلب القدح بهدوء ربما باشارة ..اخرون يمسرحون مشيرين الى حداثة نعمة او يعكسون انتفاخ الذوات او التفاهة...
.[عرق السواحل أو حجر القنفد]. ..جمانة بعد اربعة اطفال اصبح زوجها عاطلا عن العمل ويتعاطى الخمر وحبوب الكبسلة ... تحملت منه الاغتصاب والتوحش في التعامل معها والاهمال . "أفضل فترة للحصول على عرق السواحل هي فترة الربيع، وهي فترة التزاوج للقنافذ فننتظر إلى أن تلد الأنثى من القنافذ صغيرها وهنا...
لربما بات من الصعب على أحدنا أن يرى (في الحياة عموماً) صورةً حقيقية، غير معدلة، لم تخضع للتحسين والتغيير والإزالة والإضافة، بغية (الظهور بأبهى حلةٍ)، وربما باتت الطبيعة البشرية أكثر تحفظاً وحذراً وتصنعاً مما يعرقل الولوج إلى أعماقها وسبر أغوارها واكتشاف حقيقتها، خاصةً أنها باتت تقوم بتصميم...
" مأساتنا الحقيقية أننا نشبه الرّصاصة التي لم تنطلق من جعبتها و ظلّت حبيسة بندقيّة يقرضها الصّدأ " محمد برادة جمر .. جسر.. و شمس خضراء .. قمر يولد من سحابة .. ثمّ طائر حبيس في الرّوح يتخبّط . كذا ظلّ خافقه المعكّر طيلة فترة الصّباح . أمّا عقله الحاصل على دكتوراة باريسيّة فانطلق...
تَسللَّ عِطرها في هدوءٍ ليُعلنَ عن مَجيئها، حَادَت الأعينُ عن مُتابعة المُحاضر الماتِع واشْرأبَّت الأعناقُ إليها في شَغَف. تهادَت بين الصفوف في شُموخ لا تَعبأ بهَمهمة الانبهار بجمالها ولا بالعيون الفاحصة حتى بلغَت المِقعد المُخصِّص لها الذي تَصادَفَ أنْ كان إلى جواري. رَمَقتُها...
بندر...؟! صديقُ الصَمتِ الطَويلِ، في الممراتِ المُوحِشة، وصديقُ الشجرِ والحجر في مرحلةِ الدراسة...، شخصٌ لا يعرفه إلا نفرٌ قليلٌ؛ لأنَّه وُجِدَ حين ولِدَ مقامُ الصَبا...، أو هو شَخصٌ تَديّن بدينِ قومِه، لكنَّ الصَبا أخذته وحيدًا إلى...
عندما توقفتِ السَّيَّارةُ أمامَ دارِ النشرِ سحبت بشكلٍ لا إراديٍّ القبَّعةَ التي أرتديها لتغطِّي جبيني وجزءًا من وجنتي، نظرت إلى المرآةِ الجانبيَّةِ ببعض الرضا، النظَّارة السوداء الكبيرة تخفي عيني، ، لحيثي الكثة توراي معالم ذقني ، مرت في ذهني تلك الايام الخوالي سراعاً، كيف كنت وكيف اصبحت ؟ زفرت...
أهدى بعض الفنانين لوحاتهم الزيتية الى " السيد الرئيس " ، كانت معظمها تعبر عن لقطات اخذت له في الهور ، وفي خنادق الحرب ، وبين " الماجدات " عرضت اللوحات ليطلع عليها في باحة كبيرة في القصر الجمهوري ، كان يمشي مثل الطاووس في ممر طويل ينظر بمتعة وغرور الى صوره الشخصية المرسومة ببراعة ، وفي منتصف...
تقطع جدته عليه خلوته في الصالة المعتمة، لا تضيئ النور لكن تعيد تحذيره ممن تسميهم “إخواننا”. تبسمل وتصمت لثانيتين قبل أن تضيف: “يجعل كلامنا خفيف عليهم”. إخوانها هؤلاء، كم تخشاهم، فقد ينفردون به لطول فترات جلوسه وحيدا في العتمة، تحمل مبخرتها النحاسية، تطوف بكافة أرجاء الشقة، تتوقف طويلا عند كل...
أعلى