سرد

الحلقة الأولى مر بخفة بجسده النحيل و بنيته الضعيفة من بين الوقوف على محطة الأتوبيس و قفز قفزة رشيقة ليتعلق بعتبته ثم انزلق بين الركاب حتى وصل إلى موضع يستطيع فيه أن يمسك إحدى المقابض المعدنية كي يثبت نفسه و يتفادي الوقوع أثناء حركة الأتوبيس، لا مجال للجلوس فجميع المقاعد مشغولة و الركاب متربصين...
دقَّ جرسُ التليفون في مكتب (الريس) مدبولي رئيسِ العمال، في مصلحة الصرف الصحي كان المتحدث رئيس المصلحة. انتفض الرجل واقفاً وهو يقول:أيو يا فَنْدِم قال الأستاذ عبد النبي: البَلاَّعة الرئيسية في شارع السد بالسيدة "زينب " مسدودة، والمجاري طافحَة في الشارع. أنتَ تعرفُ أنَّ غداً الليلةَ الكبيرة...
الولد الصغير يلف ويدور، يمشي المشوار بعده مشوار، هنا إبر حياكة، وهناك لبان ومستيكة. يصعد حافلة من حافلات النقل العام، يشبك قميصه البالي في قطعة صاج متدلية من أجزاء الباب المتهالك، يشد نفسه على عجل، ويظل طرف قميصه عالقاً بالباب، فيتمزق القميص تاركاً جزءاً من كتفه عارياً . يقفز الولد في حركات...
الانفلات من أسر الزمان والمكان والخروج من اللحظة باللحظة في اللحظة" هدأت الرياح الشمالية الباردة، واستقرت الشمس في قلب السماء، بعد أن حلتْ ضفائرها المليئة بالأنوار، فتنفستْ الأرض بالجمال والدفء والربيع. بدأ الاخضرار يغمرُ الأعشاب الشاحبة المنتشرة في الأودية الصغيرة المُنحدرة من الروابي الجبلية...
جزء من الفصل الأخير من الجزء الأول من ملحمة "الملك لقمان" ..وما أن جففت أجساد الأطفال وخلعت عليهم أجمل الملابس حتّى تقدّم الملك لُقمان من طفلة فائقة الجمال في حدود الخامسة من عُمرها، كانت أخُتها الأكبر منها قليلًًا تحملها إلى حضنها وتنوء بثقلها، فأخذها الملك لقمان ليحملها عنها، فضمّها إلى صدره...
نشأ الإشكيمو نشأة صبيّ مطواع. درّبته أمّه على الخضوع لكلّ من هو أكبر منه. ودرّبه أبوه على الصمت والإصغاء فلا يتكلم إلاّ بمقدار ليقول نعم وحاضر وإن شاء الله ومعك حقّ وغيرها من العبارات الدالة على الانصياع للأوامر. ولم يجد المعلّمون صعوبة في التعامل معه سوى تدريبه على تعلّم الحساب وقواعد اللغة...
كان الوقت غسقًا و المدينة تستعدّ للغفوة بين حمرة مرتدّة و ظلمة آتية تنبـئُ عن نهاية يوم مرّ بكلّ سوءاته و انتظار بداية يوم آخر قد يكون مختلفا. ضوء سيّارة يملأ الشّارع و عينيها ، تذكر ذلك الضوء و هي تعبر الشّارع و لا تعرف ما الذي حدث . جمهرة من النّاس تحيط بها ، الأصوات تبلغ سمعها و ترتدّ دون...
تشير عقارب الساعة إلى الثانية ظهراً، لم يتبق من كسح الألغام سوى مساحة صغيرة لا تتجاوز مساحتها الكليو متر المربع، وتعد أشد المناطق خطورة، بعد أن تراكمت عليها كميات كبيرة من الرمال، جعلت تطهير الأرض ونزع الألغام أشد خطورة إذا خف ضغط الرمال من عليها. الكل في حالة تأهب وحذر ..وشوق إلى تطهير سيناء...
بعد غياب طويل عن الوطن، استقدم جارنا "وَلدْ سالمْ" العامل في فرنسا أجنبية معه. كنا، نحن الصغار، نترقب ظهورها، نتحين الفرصة علّنا نحظى بنظرة إلى هذا الكائن البشري الذي قدم من وراء البحر وتَكَرّم بوضع أقدامه في حينا المنسي المنعزل. حين نراها، نتسابق اتجاهها وفرح طفولي عارم يتملّكنا. نحيّي...
صديقان يحتسيان الشاي في مقصف كلية الطب البشري المطلة نوافذه على ساحة الجامعة. فجأة ارتفعت ضجة وأصوات هرج ومرج، وتردت أصوات استغاثة، وأنات شاكية، وشتائم عنيفة، ونوبات ضحك واضحة شامتة. أطلَّ أحد الصديقين من نافذة مقصف كلية الطب ليستطلع ما الأمر. قال: - انهم يضربون شخصاً ما في ساحة الجامعة. سأل...
الصباح لا يزال باكرا، و الشمس يحجبها الغيم. أبصر السماء رمادية معبأة بالمزن الداكنة. الهواء البارد يضرب صفحة وجهى، فيرتعد جسدي النحيل. الأرض أمامي زلقة؛ فالأمطار لم تتوقف عن الهطول طوال الليل، و الطقس المتقلب ينبئ بمطر وشيك. أسير في الطريق الترابي الموحل الواصل بين النجع، و...
حصدوني كما حصدوا المئات، شحنوني ككل مشحون، بدون تحقيق.. عبأوا بنا زنزانة..، اعتقال ثلاث سنوات، بلا مبرر..، من أفواه الحراس: تواجدتم بالميدان وقت الظهيرة، هذا جرمكم يا... لم نسمع تهمة أشد صراحة..، اعتدنا على تصريحهم، تعايشنا معه كقدر، ذات يوم.. فتحت الزنزانة لوافد، بلسان الحارس: ادخل يا شيخ...
لَا َتّعّلَمْ لِمَ طَافَتْ بَخَيَالِهَا الْأَفْكَارُ هَذِهِ اَلْمَرَةِ وَهِيَّ تَنْظُرُ فِي اَلْمِرْآةِ ، لِمَ تَغَيَّرَتْ نَظْرَتَهَا لِنَفْسِهَا وَكِأَّنَهَا تَرَاهَا لِأَّوَّلَ مَرَّةٍ بَعْدَ حَفْلِ زِفَافِ اِلْيَوْمِ اَلْسَابِقِ ، وَهِيَّ مَنْ تَدْخُلُ كُلَ حَفْلٍ يُقِيّمُهُ مَنْ هُمّ...
لم أكن متأكداً أن روحي مملوءة بالحبّ، والقلب يمكن أن يعشقَ في هذا العمر. لم يتغيّر شيء في واقعي، لا خلقي، ولا الناس، ولا السماء، ولا السياسات. أشعر أني طائر بعض الشيء، وأستطيع قول ما لا يقال، كل ما كتمته وأخفيته في ذاكرتي الممتلئة بالصمت والنظرات قد استغرقت عمراً للوصول الى الشجاعة. فالمكان كان...
ما أن دقت الساعة السادسة صباحا حتى هرعت أسرع في أداء طقوسي اليومية استعدادا للذهاب للعمل . فقد وصلني بالأمس إخطار بالندب في إحدى مدارس قرى ضواحي مدينتي الساحلية ، ولزاما علي أن أسرع كي أتمكن من الوصول مع بداية اليوم ؛ ركبت إلى محطة مصر، وهناك لم أستغرق سوى دقائق حتى عثرت على الميكروباص الخاص...
أعلى