سرد

في حديقة (ويلز) النباتيّة الوطنيّة، وتحديدا في دفيئة بيت النخيل، تسمّر قصيّ البصريّ الوافد من إحدى قرى الفاو، وبيده منشار جنزيريّ، أمام نخلة وصل سعفها إلى ملامسة زجاج السقف، لكنّها لم تصل بعد إلى مجدها المطلق! اعتمر خوذة الوقاية، وتحزّم بعدّة التسلّق، بعدها لبس قفّازين خشنين وباعد بين ساقي...
تستميت السمكة لمحاولة البقاء بالماء والسنارة اللعينة تشدها إلى الأعلى، يا له من طعم غبي الذي أوقعها، حتى أنه لم يكن مغريا لهذا الحد، ربما هو الجشع الذي يبتلي به كل جنسها. تود أن تتراجع عن هذا القرار ولكن الوقت قد فات والصائد مصمم على اغتنام الفرصة، يشد ويرخي فيعطيها الأمل في الفكاك ثم يسحبه مرة...
لم تصدق أزهار محمود حين أخبرتها جارتها أن مقبول عبد الحفيظ يجعل النسوة يرين أزواجهن المغتربين في السعودية ، قررت الذهاب إليه فشوقها لزوجها لا يوصف ، قريته بعيدة ، ولذا فقد غادرت منزلها برفقة ولدها في الصباح الباكر وحين سمعت أذان الظهر كانت قد وصلت يفرس . سألت عنه وحين وصلت إليه وسلمته قارورة...
جلس المأمون بن هارون الرشيد يوماً للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه -وقد همَّ بالقيام- امرأة عليها هيئة السفر، ثيابها معفرة، رثة، وقفت بين يديه، وقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين. نظر المأمون إلى نديمه وصاحب مجلسه يحيى بن أكثم، وقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله؛ تكلمي بحاجتك. قالت: يا خيرَ...
•الأحبولة دائرة انعدام الوزن.. ما زلتُ أبحث عنها وأسأل كل عابر وسائر، وأسأل كل شاهد، وعارف، وكل صاحب مقام، وكل شيخ طريقة وأبحث عنها، في كل جب ومرقد بين كل حاضر وغائب، ما دلني أحد عليها. خرجت إليها من شمس الذاكرة إلى فضاء الرغبة وتوقفت عند شواهد الموتى وهم يعجنون بخورهم بالمودة فلم يدلوني،...
انتفض أدهم كأنه قد سمع صوت الرعد المخيف؛ وبدلًا من أن يهنئ صديق العمر، وجد نفسهيصارحه: - هل سألت عنها؟ مهند: سوف أعرف كل شيء في فترة الخطوبة. أدهم : كنتَ دومًا منشغلًا بدراسة الطب ولا تعلم الطريقة التي تفكر بها البنات هذه الأيام. مهند: هي أجمل فتاة في الدنيا، بعينها الجميلة الواسعة ورموشها...
يظهر والله أعلم أن وراء التلة التي تحيط بقريتنا قوم يختلفون عنا؛ حدثتني أمي أن عيونهم مربعة تعلو رؤوسهم؛ تتدلى من أنوفهم حلقان وأشكال عجيبة؛ يوقدون نيرانهم منتصف كل شهر؛ طعامهم يأتون به من جوف الأرض؛ يقال ديدان وحشرات، لم أرهم غير مرة أو مرتين؛ هذه الأيام بدأوا يتسللون إلى شوارعنا وأزقتنا؛...
فتح لها الباب بعد سنوات غابت فيها عن بيته وحضنه، يشتاق إليها وإلى حضورها الذي أعتاد أن يملأ فراغ حياته وخواء غرفه، دخلت ومدت يدها بالسلام، أمسك يدها في حب وبقوة وكأنه يخشى أن تضيع ثانية من يده، قبّل جبينها، حاول أن يمد شفتيه ليقبل شفتيها، ولكنها بنت حاجزا بيدها بين شفتيها وشفتيه. - أنرت بيتك...
هناك فى ميدان التحرير.. مهموماً بمشاكله التى أثقلت كاهله، يحاور نفسه بصوت مسموع، آثر السلامة.. تنحى جانبا بعيداً عن الركاب المنتظرين على محطة إنتظار الأتوبيس، كل العيون ترقب حواره الأحادي، يخفى عنهم حواره.. متفاديا اتهامهم له بالجنون فى حديثه مع نفسه، بعد أن أحتد في حواره مع نفسه، لتشاركه حواره...
هو الوحيد الذي تأخذ حريتها معه وهو يفسح المجال لتفعل، ما يحلو لها.. تشعل سيجارة وتنفثها وتتلاعب بدخانها وتصنعه دوائر في الهواء وهو يتأملها وقد غمره عطرها الرائق الذي تضعه باعثاً فيه نشوة تدور برأسه ساحبة إياه إلي شهب السماء ونجومها فهي قمره الذي يريد أن يطأ أرضه ولكنه ليس (جاجارين) فمازال علي...
في كلّ مرّة أتغافله، لكنه يجدّد في نفسي حالة الاستغراب (ضيّ) زميلي في مكتب البريد؛ فهو يسرف في الاعتناء بشاربيه المشكّلين كحدوة الحصان، يشذّبهما بانتظام، ويحرص دائما على إبقائهما ثخينين لامعين بسواد طاغٍ، ويتباهى بشرائه الصبغ والدهان من أفخر المناشئ. لا يملّ! فحديثه المزمن عن الفحولة لا...
ساعاتٍ طويلةً قضّيتها على تلك الصّخرة مُتردّدا بين البقاء أكثر أو العودة إلى البيت.. تذكّرت أنّني إن بقيت هنا فلن يجد بناتي ما يأكلنه.من المؤكّد أنها أقفلت الباب على نفسها و لم تُعدّ طعام العشاء. تلك طريقتها في الغضب،تتوقّف فورا عن إدارة شؤون البيت و عن الاهتمام بالبنات.نوع من العقاب تخصّني به و...
لم أعبأ أثناء سَيْري بشارع سعد زغلول المُزدَحِم إلا بمَوضِع قدَمي، يكفي أنْ أمُرّ بسلامٍ من بين المُتسَكِّعينَ وهُواة الفُرجَة على "الفاترينات". كنتُ قادمًا من المنشية مُتعجِّلاً لألحَقَ بموعدٍ هام في فندق ما بمحطة الرمل. يَدٌ تَمتد من الجهة اليُسرى فتَلمس كتَفي، لم أُصدِّقُ ما رأيت،...
كان الوالد يوقظني كل يوم عقب رجوعه من المسجد بعد أداء صلاة الصبح.. أقصد الجامع وأنا أغالب النوم والغلس.. أُقبّل يد الفقيه الذي يتربع بهيئته الموقرة الجليلة على سجادة صوفية في مكان يتيح له مراقبة "المحَّضْرَه".. أجلس حيث ينتهي بي المجلس.. أعانق لوحتي الخشبية.. أشرع في تهجّي ما كتبته سابقا...
فاجأني طلبك الانفصال عني وعن بلدة الحب التي اقمناها معًا. لم أكن أتصوّر أن يأتي يوم مثل هذا، تطلبين فيه مثل هذا الطلب.. فانت المليكة المتوّجة إلى جانب رتل من المليكات في بلدتنا الغالية علينا نحن، أنا وثلّتي، من العشاق الفلسطينيين. ما الذي دفعك غاليتي لاتخاذ قرار المغادرة؟ أهو الزمن أم الروتين...
أعلى