كنا نلقبه بعمر الجن لأنه يطير من المقلاة مثل السمك الحي. ألف أن يجلس في الخلف. ضعف مستواه التعليمي حوله إلى الشغب. يمضغ قطعة ورق، ويضعها في جعبة قلم بك من الحبر الجاف، وينفخ فيها، فتنطلق مثل الرصاصة. قد تصيب عنقك أو خدك، فتشعر كأن عقربا قد لسعتك. تلتفت لكنك لا تعرف من أين انطلقت القذيفة.
اليوم...
“حمد الله ع السلامة”
تأتي إلى مسامعها؛ فتدرك عودتها من جديد، جسدها ثقيل مستسلم، رأسها مستلقي على الوسادة مسلوب الإرادة، تفتح عينيها ببطء، فيمنعها التصاق جفنيها المرتعشين، كوليد انتزع لتوه من عالمه، تعي الحركة والضجيج من حولها، لكنها لا تميز الوجوه والأصوات بعد، تبلل شفتيها، علها تخفف من جفاف...
كان لابد أن أبحث عن عمل إضافي حتي أستطيع توفير نفقات المعيشة, وذلك بعد أن فوجئت بأن راتبي الشهري يبلغ أربعة وثمانون جنيها فقط لا غير, نظير عملى كمعلم فى الوزارة, بينما كنت أحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير حتي يمكنني البقاء على قيد الحياة..جربت أن أعمل مندوبا للمبيعات, فالتحقت بشركة للتوزيع تدعي بأنها...
أستيقظتُ في الصباح، فوجدتُ فمي مغلقاً، كما لو كان هناك غراء لصقت به الشفتان، يبدو أنه قد جرت عملية اللصق ليلا، وأنا نائم ، لأنني لم أشعر بالألم أو الوخز . نظرت مدة طويلة الى وجهي في المرآة ، وأنا أغسله ، ثم حاولت فتح فمي من دون فائدة، فلم أستطع. أصبتُ بالذعر والخوف على مستقبلي ، وجدت زوجتي في...
لا أعلم لماذا انتابني هذا الإحساس؟ لقد كنت في الثالثة عشر من عمري.. في الصف الأول الإعدادي عندما جلست في "التخته" ونظرت إلى اليمين كعادتي فلم أجدها جالسة في مكانها.. ساعتها غمرني ضيق شديد.. كانت "هدية" هي مصدر إحساسي بالأمان في هذا العالم الواسع المخيف.. يخاطبني المعلم الذي كان يشرح لنا جدول...
عندما داهمني القلق شعرت بمخالب الوقت تنهش لحمي ،ثواني البعد أطبقت فكيها فوق حشرجات صوتي، بضعة كلمات تساقطت بشراهة انزلقت من فمي كما ينزلق وليد من رحم أمه ليعلن أولى صرخاته ،ضاجعني الصمت فكان الضجيج وليدي...
إنها المرة الأولى التي أسجن فيها دموعي بداخلي ،أحاول الاعتياد على عدم الاعتياد ،أكرر...
بعد نزول برنامج التدريب على دفعتنا ومرور فترة من الوقت داخل المركز تعرفت فيها على مجموعة من زملائي تنتمي لكل محافظات مصر، و عرفت أيضاً بعض ضباط الصف، وكما توقعت سابقا فقد تكيفت بعد فترة قصيرة على الحياة الجديدة ، و تأقلمت داخل نظامها وممارسة طقوسها اليومية، وأصبح لي اصدقاء ،نسأل عن بعض عند...
ذات يوم فاجأني أحد الأصدقاء بسؤال غريب، لم أكن أتوقع أن أسمعه يوما ما، وخصوصا من صديقي المعروف بقوة شخصيته ورزانته واتزانه وتعففه عن استخدام ألفاظ غير محسوبة، أو أسئلة تقود نحو الحرج والخجل.
سألني: ما الفرق بين ما أنت عليه الآن، وبين زمن كنت فيه طفلا؟
قلت:
بين أعطاف الطفولة كنت أملك حريتي...
دخلت مرسمي، لا شيء في مخيلتي، سوى الذي في مخيلة كل مبدع. شارع في عمله، تحقيق ذاته.
أثناء تحضير ذهني للعمل، راودتني كعادة كل فنان، طلقات إبداعية.. منصاتها نفسية وبعضها روحانية، لينطلق منها إبداعي، تمثيله في اللوحة، التي تنتظر ما تحبل به قريحتي، ينمو جنينه بذهني، يعمل عليه في تلك اللحظات، نيتي...
حمَلني فوق كتفه مثل شوال مفتوح تتسرب من الدماء وركض بي بين وهج النيران، مشهد لا ينفك أن يتردد في ذاكرتي وينغرس في أحلامي لحد الآن، رغم مرور عمر على انتهاء تلك الحرب، ورغم أني كنت شبه مغيَب عن الوعي، فيما كان جسدي ينتفض مثل سمكة خرجت لتوها من الماء، مع تدافع أنفاسه بين أضلع صدره طيلة المسافة...
عندما دخل السيد المدير كان لم يزل يُعمل مقشته في أرضية الغرفة … مثيراً ذرات التراب . ، ليتأفف ، ويكتم طاقتيّ أنفه بمنديل ، ويستدير قائلاً وهو يصيح فيه بغضب:
- يا ثور .، لماذا لم تنظف الحجرة مبكراً ؟!
التقطت أذناه الكلمة فاستطالتا ، ضيق ما بين حاجبيه ، دلى شفته
السفلى الغليظة وكتم بشفته العليا...
" إعادة تموضع" رواية
الطقس صيفي واللعب ممتع تحت أشجار النخيل المنتظمة في باحة القصر كصفوف الجنود،يلتمسان ملاذاً بعيداً عن العيون ،إذا حدث وأطل أحدّ ما من أحد الشرفات المطلة على الحديقة،،كبرا على مهل،وتفتحت عيونهما على العالم وتعاهدا على حُب كبير ،هند وسيف،ولكن وبرحيل آخر صيف نضجا تحت...
الجزء العاشر
انتبه إلى نظراتها المرسلة إليه ، نظرات حارّة فيهن مناداة وصخب ، تلفّت حوله استطلع وجوه الرّكاب ، فتيقّن أنّ نظراتها لا تقصد سواه .. فأخذ يبادلها النظرات من مكانه .
كانت جالسة على المقعد ، لا تفصله عنها سوى بضعة مقاعد ، وشعر بأنّها تبتسم له ، فأراد أن يردّ على...