سرد

كلّ تسلّم كتابه بيمينه، باستثنائي؛ ارتفعت لديّ جاهزية الخوف؛ وكأنّي سأُساق إلى غوانتنامو. غربلت ذاكرتي. لعلّ أحدهم كاد لي كيداً. تضاءل جسدي. رحت أضع فرضياتٍ ماذا.. ماذا لو. ما التهمة التي سيلصقونها بي. كيف سيكون استقبالى يالها من محنة وهل للنفق نهاية. كل السراديب تؤدي إلى ظلام سرمدي تصفحت دفاتري...
لم يزل القنّاص مختبئاً فوق سطح البناية قاتلاً الكثير من الجنود والأهالي. أصبحتْ ساحة السّوق خالية، إلّا من الجثث التي إصطادها بطلقاته التي تثقب الرؤوس وتترك الرّعب مخيماً عليها. من خلف السّيارة المحترقة كان الأب مختبئاً، خائفاً يتربص إنتشال ابنه الذي كان قبل قليل معه، مسروراً بالأقلام والدّفاتر...
وأخيراً أصبحت " أم عليان " عند حدودِ الفرح ، هي الآن على بعدِ أمتارٍ فقط من سيّارةِ ( المساعدات) لتوزيعِ السّلاتِ الغذائيةِ في " مخيم اليرموك " ، كلُّ شيءٍ داخلها يزغرد ، تشدُّ حزامَها ، تقلّبُ كفّيها ، تحدّثُ نفسهَا ومحتوياتُ السّلةِ تستعدُّ لمصافحتها ، تتساءلُ : أتطعمُ أولادهَا المحاصَرين...
هذا الحوذي الذي غاصت عربته في الثلج جاء قطعا من خارج النص. في حقيقة الأمر كلانا شل الآخر عن الحركة، او عن إكمال ما يدور في رأسه. نزل من عليائه ليتلمس ما في ذاكرته من محاولات لإنقاذ نفسه والاعتذار لي من هذا الموقف المحرج. من ناحيتي كان لزاما علي أن اتخلص من هذه الورطة لكي افضي مساحاتي البيضاء و...
دعيني أشرِقُ كالشمسِ على مخابيء قبرِك ِ أبعثر ُ ذلك الظلام الحالكِ . الوِّحُ لكِ بالصورِ التي التقطناها مؤخراً في مدينة غورغان جنوب نيودلهي . أردت كثيراً تفادي إسترجاع وجوه َالممرضات ِوالاطباءِ الهندوس الذين كانوا يتابعون حالتكِ . كم كنت أعاني وأنا بانتظار التقارير التي تفصح عن الداء اللعين ...
أكثر من البحلقة في الفراغ حتى أتقن الرسم بعينيه على سقف الغرفة، استخدم ذرات الغبار وما نفذ من مياه الأمطار، رسم وجه مديره الغاضب دوما، وخفاشا ضخمًا يفرد جناحيه، خاف من سرب جراد صحراوي فاحتمى بالوسادة ، ..عندما حل المساء رسم عمود إنارة، ولاعب مشهور بشعره الكثيف يركل في كرة. استيقظ الصباح وفي حضنه...
وقف في منتصف الميدان المكتظ بالناس الذين لم ينتبهوا لهيئته وملابسه الغريبة ملقيا عليهم نظرة سريعة متفرسة في الوجوه التي تحمل قسمات مختلفة رسمتها الدنيا عليها، ألقي جرابه العتيق عل الأرض وبدا يخرج بعض الادوات التي يحترف استخدامها لجذب العيون والاذان الشاردة اليه . بدأ بكلماته الاستعراضية بصوته...
....تحدد كل شى الآن. هنا القعر المشكل من إيام وشهور وفصول متشابهة وتتمدد كجزئيات لتمثال يجسد الزمن في شكل أسد وهنت قواه، ولم يعد بإمكانه أن يضيف شيئا لحكايات بطولاته. ولهذا اختار أن ينزوي بعيدا عن مسارح مفاخره. وفي الأعلى الملامس للمساحات التي ينساب ويسري فيها النسيم، تتطلع الأعناق لدفعة تسمح...
فقط غرفة تخصني لوحدي، وأشياء في غاية النظام لدرجة الملل ، وأوراق مبعثرة في تلال من الفوضى وكأن زلزالا يجتاحها كل بضع ساعات، وحريقا يتهددها فتفر هاربة لتنجو بنفسها . فنجان من القهوة ورائحة تراوغ المرئيات والعدم . وأنا وهو أما أنا فلم اعد الكائن الذي كنت، وأما هو ففوضوي لا يقبل ولا يلتزم بمسارات...
مقدمة بدر شاكر السيابحاولت في هذا الكتاب أن أتحدث عن السياب في إطار من الشئون العامة والخاصة التي أثرت في نفسيته وشعره، ولهذا آثرت طريقة تجمع بين التدرج الزمني والنمو (أو التراجع) النفسي والتطور (أو الانتكاس) الفني، فكان السياب الإنسان والسياب الشاعر معا دائما عل المسرح المكاني والزماني، ذلك...
أخبرتني جدتي أن لكل شيء أوان، حصاد الزرع وموت الإنسان؛ نهاية الحكي حيث تضرب القطة السوداء باب البيت في ظلمة الليل والسماء تقذف بكتل نار من برق يتبعه رعد، حتى بنت بهانة انتهى حالها معنا؛ لا أدري لما قال سببا، كان منشرحا في القعدة، منبسط الوجه، يرتشف قطرات من كوب الشاي الذي يتسلى به حتى ظننته...
-إنّ ما حصلنا عليه لا يسمّى انتصاراً، وإنما هو شكل من أشكال الهزيمة الجزئية، فلا داع للزغاريد والمظاهر الاحتفالية -نهاية الحرب هي بحدّ ذاتها انتصار، وحقنٌ للدماء وإغماد للسيوف المشهَرة -هه هه ، الحرب لم تنته ولن، وما حدث هو نهاية لمعركة من معاركها، وشطب لموقعة من مواقعها، هو فقط تغيير لساحة...
جلست في زهو كأنها على كرسي العرش، ترتدي معطفًا زاهيًا، تعلم أنه كان دومًا يفضله، ورغم بعده عنها قليلًا، اخترق عطرها أنفه، و رشق يدها وتسريحة شعرها التي يهواها ببصره. وبعد أعوام من الغياب، لم يعلم خلالها كيف انتهى بقلبها الحال؛ فأخذ يحدث نفسه: "بالطبع نسيت حبنا القديم، نعم، بكل تأكيد أحبت و...
بسروالٍ قصيرٍ وقميصٍ أبيض بلا أكمام مصنوع من البوليستر ومواد أخرى أُعِيْدَ تدويرها كنت أقفُ في المطبخ حافياً فانتبهتُ إلى أنني لم أقصّ أظافر قدميّ منذ مدة. بدا بعضها متشققاً وهشّاً وفيه خطوط متعرجة. كنتُ كشجرة بحاجة للتقليم أو حديقة بحاجة للتعشيب. شعري لم أمشطه منذ يومين، يتدلى فوق عينيّ وحين...
خطرَ على بالي حينما بدأتُ في كتابة الرسالة إليكِ أن أتركَ السطر الأول فارغًا، فربما تجمعتْ في قلبي غيمة من حروف فأعودُ للكتابة ثانية. حبيبتي، حالما انتهيتُ من لبس بدلتي الرمادية التي تحبين، ورششتُ فوقها رذاذًا من عطركِ المفضل، نظرتُ إلى نفسي في المرآة، أرسلتُ قبلة لصورتي المنعكسة فيها لأنها...
أعلى