سرد

كنا نلجأ من غربة الشارع، إلى فضاء المقهى، نلتمس الألفة في وجه نادل نعرفه، يحيينا بابتسامة مختصرة، ويوفر بقيتها للزبائن الآخرين، هذه المرة لبّى نادلٌ جديد، أبدينا دهشتنا وسألناه عن صاحبنا،قال إنه تقاعد، هل يتقاعد النّدال؟ وكأنه اكتشاف بالنسبة إلينا،قال إنه هرم، ولم يعد يقدر على الجولات المكوكية،...
راوية الكتومة الخجولة تتمنى أن تحترف الكتابة الأدبية يوما ما . هي تعلم جيدا أن حِرفة الكتابة هي الحرفة التي توفر لها قليلاً من القراء ولا شيء من المال. و لماذا المال يا ترى؟ إن مهنتها توفر لها العيش الكريم، والفن يوفر ليها الأسفار العالمية ، والكتابة النقدية توفر لها لقاء أصدقاء يشاطرونها نفس...
اختفي اختفي اختفي... أيتها الصفحة البيضاء كنهد فارسية.. تزركشي بأغاني راهب طواه نسيان الرب ، كالصبية التي تشاهد أول شعرة في عانتها.. امتلأي بحكايات الإنسان الملقى في أطراف الحس على جرف اليابسة... كعشبة يتيمة..وكصفير الريح المجروحة يعبر أشواك الذات. لا تبقي بيضاء تعتمدين على ذاكرة شاعر أصابه...
موت البقرة منذ سنوات لعنةٌ لاحقتِ الطبيبَ البيطريّ إلى سجن تدمُر. المُحقّق رئيس المحكمة الميدانيّة هناك أمرَ بنزع الطمّاشة عن عينيّ الطّبيب الماثل أمامه. لقاءٌ غير مُتوقّع من كليْهما. لحظاتُ صمتٍ رهيبٍ عبرت خلالها ذكرياتٌ سريعةٌ توقّفتِ الأنفاسُ فيها على عتبات الموت. -: "دارت الأيّام دورتها...
ﺃﻗﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﻟﻴﻘﺎﺑﻠﻨﻲ ﺷﺨﺺ ﻏﺮﻳﺐ ﻳﻘﻠﺪ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻲ، ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ؟ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻲ : "ﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﺫﺍﻙ ﺍﻧﺖ!" .. ﻓﺈﺫﺍ بالﻐﺮﻳﺐ ﺻﺎﺭ ﺃﻧﺎ ! .. ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻧﺎ، ﻷﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﺗﻘﺎسيمه ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ.. "ﺩﻋﻨﺎ ﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﻧﻔﺴﻲ ﻧﺴرﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻭﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪﺓ، ﺣﺘﻰ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ، ﻭﻧﺘﻤﺎﺩﻯ ﻓﻲ ﺣﺮ...
كنت انتظره كل عام لأنظر الى عينيه الواسعتين و هو يجلس وحيدا تحيطه نظرات البنات و السيدات بلهفة و إعجاب منتظرات دورهن في لمحة منه... هكذا كنت أراهن و اراه في قهوة دلسيز عند نزولي الي وسط البلد لأشم هواء البحر ثم اتجه بعد ذلك الي سينما الهمبرا صباحا , احب هذه السينما بقدر حبي للمدينة...
جلس الجميع على الشاطئ جماعات وأفراد ، ورغم كل ظروف الحياة القاسية الا أن الكل منتشي ، يداعب أريج اللحظة ، فأمواج البحر تعزف لحن الحياة ، وطائر النورس يرقص على أنغامها . كل المتواجدين على الشاطئ ينصتون لذلك اللحن الرائع الضارب في عمق الزمن ، شئ ما جمع هذه الوجوه الشاردة ، وان كانت قد وضعت بعض...
عندما فضت عنها الثوب الأنيق، لتقوم بإعادته إلى الدولاب، شعرت حينها بالفقد، وبأن شيئا ما قد فارقها. ارتبكت قليلا، لكنها حاولت اختلاس بعض الوقت في هدأة مريحة، بعيدا عن ضجيج الحفل الصاخب الذي عادت منه لتوها، قلقة ومنزعجة بلا سبب. ربما غفوة قصيرة، تستعيد معها توازنها. فكرت. في نعاسها الحالم، الذي...
في لحظة ما.. في مكان ما.. في لقاء ما.. بينه وبينها.. ولد بعد لحظات مخاض عصيبة وبعملية قيصرية جاء إلى الحياة.. من رحم الغيب أطل بوجهه الصبوح على الدنيا.. من جوف العتمة أشرق بالنور.. أبوه فقيراً لا يمتلك شيئاً في زمن لا يعترف بذلك.. أمه ترفل الحياة على أطراف أناملها.. تتمرغ على وسائد طرية.. تركت...
تعالتْ صرخات أمه فاطمة بنت الحق ، أسرع إليها ولدها أحمد فتفجع لصراغها وارتعد رغم ارتفاع درجة حرارة الجو ، فوجدها تتألم كثيراً، فقال لها مالكِ يا أمى ؟، فقالتْ كادتْ أفعال الخلْق تشقُّ رأسي يا ولدى . وبمجرد أنْ انتهتْ من كلمتها فتكتْ بها غيبوبة السكر ففقدتْ الوعى. وما غيبوبة السكر التى تعانيها...
لم تعد مّي فاطنة تثير الفضول أو الاستغراب. تعوّد على وجودها كل أهل "حيّ المحمّدي" بعدما اختارت بعناية فائقة زاوية من حائط القيصارية يطلّ على مدخل " كاريان سنطرال". ترقب الداخل والخارج، و تأمل بمعانقة حبيبها الغائب. كانت بالليل تحتمي بمدخل المسجد القريب. تفكّ حمّالتها، تضع ثقلها، تجعل منه وسادة...
كنت أقف علي القمر عندما أستيقظت ووجدت نفسي في الجزء المظلم منه، فقد كانت رحلتي طويلة علي حد مزعج، كنت أتمني ان تنتهي سريعا علي ذلك الملقب بالأرض، أنتقلت بحياتي إلي الأجزاء الآخري من الكون، لم أعلم لماذا أنا هنا او كيف جئت كل ما أعلمه ان هناك الكثير مثلي، و كلنا واحد في نفس الرحلة. أستغرقت...
فجأة وبدون سابق إنذار تحولت المدينة الى عروس زاهية الألوان ، تنتظر قدوم العريس ، أخدت أتجول بسيارتي عبر الشوارع الرئيسة ، أتأمل الواجهات والأرصفة ، كل شيئ غيروه ماعدا وجوه الناس لم ينجحوا في إضفاء الطابع الإحتفالي عليها. على مقربة من مفترق طرق خطير تجاوزتني سيارة فخمة على اليسار ، لم تكن سيارتي...
هممت أن أدير دفة السفينة إلى وجهة أخرى عائدا إلى بلدي… وكأنه بيدي الساعة أن أبطل ثورة الموج، وأن أتحكم في شدته.. أن أقول له كفى لقد غيرت رأيي، لن أعاندك، لن أصارعك.. أريد العودة إلى بلدي وأهلي .. لو فعلت وأدرت العجلة لضحك مني الموج، وقهقهت الريح.. ما زلت في غفلتي أظن أن الأمر ملك يميني.. ليس...
عند مفترق الطرق لمحتها عيني ،توقفت لأوصلها ،ركبت دون تردد ،لم أشأ أن أكلِمَها أردت أو أوصلها وفقط حتى لا تشعر بالخوف ،الشيئ الوحيد الذي فعلته هو ابتسامتي ،نظرت الي وقالت : منذ اكثرمن سنة وانا أُريد وأبغي و أحلم …. ومنذ أربعة أشهر وأنا انتظر موعد دفع ملف طلب تأشيرة ولما حل الموعد لم يأت سائق...
أعلى