سرد

خيّم حزن مفاجئ على مرتادي القهوة ، شخصتْ أبصارُهم بصمت إلى القادمين من جهة البناء الجديد المجاور لبيت العمدة ، توقف البِناءُ وها إنّ كومة الطين في سبيلها إلى أن تجفّ، وقد مسح الطيّان عرقًا ممتدّا من الجبين حتى الأقدام. البنّاءُ فوق الجدار نفَضَ يديه من تراب الدّنيا ، وتراءت الأقدارُ من علٍ كشمس...
خرج الرجلان من الباب الجانبي للمسجد المجاور للمستشفى الذي كانا فيه قبل ساعة. كان الشيخ يحمل على راحتيه جثة الوليد الأكبر ملفوفة بالكفن فيما حمل الشاب جثة التوأم، الملفوفة أيضا بكفن، واضعا إياها لصق صدره. ضربتهما شمس أول العصر الشتوية بحرارتها الساطعة، وكاد الشيخ أن يرتبك في مشيته عندما إرتد الى...
الضوء عند حافة الأفق قصة (إلي صديقي سليمان فياض، أدين له بإيقاظ عالم هذه التجربة في نفسي). بلغت الثامنة والعشرين من عمري، ليس اليوم، ولكن منذ عدة شهور، تري هل يشفع لي هذا التقدم المريع في السن إذا ما قمت ببعض الأعمال الهستيرية التي قد يحكم الناس عليَّ من خلالها بالجنون. أو علي الأقل قد يكتفون...
خذ قرارك وافتح الباب، قد تجد بعدها ما تريد ان تعرفهُ، وربما تجد صديقا صادقا او قرين طريق يطفئ لهيب النار في قلبك... أنتبه لا تقترب أكثر هناك ظلمة تتكتك، تطفئ نور انسانيتك، لا تجني منها سوى الريحُ الصفراء تتحسسها ولا يمكن ان تلمسها، تعذبك ببطء وتضحك في وجهك، ولكن في وسعك ان تسمع صفيرها احيانا،...
الفصل الأول مخطوبان منذ فترة طويلة حتى ليكادا ينسيان تاريخ خطوبتهما .. وزواجهما موعِدُهُ بظهر الغيب مرتبطٌ بحلّ أزمتهما ..وأزمتهما جزءٌ من أزمة البلد ..وأزمة البلد جزءٌ من أزمةٍ عالمية .. والأزمة العالمية محشورة حالياً في عنق الزجاجة كما يقول المحلّلون. ولا حلّ لها كما يرى (أحمد) في فلسفته...
حين رفّت أجنحة الفجر و اعتراها لهيب الشوق إلى الضياء و بدت في الأفق دوائر الضّوء تزحف بطيئا بطيئا على السهول و الهضاب و الجبال تسحب خيوط الظلام خيطا خيطا فإذا الشمس كحسناء بتول ترفع في وقار جبينها ، من السجود إلى ربّ الوجود. حينها دغدغت عينيه أشعّة الشّمس الأولى وقد تسرّبت من زجاج النّافذة.. و...
تدلى ألرجلُ ألضخمْ على حبل المشنقة برغبةَ موت جامحة بعد أن أزلت ترباس المشنقة بهدو وخبره . كان موته جميلاً، لذيذاً و مخملياً فقد مات بانتعاش بارد. كان ذلك عند الساعة السادسة صباحاً. بعد ذلك مباشرة تم تجهيز الرجل الثانى ، سمعته يصرخ بهلع أمى .. أبى ... يا ناس ألحقونى ..أنا بريئ. نظرت اليه من كوة...
كنت صبيا صغيرا، أتابع العالم بعينين مفتوحتين عن آخرهما، أريد التعرف على الأشياء، كل الأشياء. القراءة تفتح لي أبوابا كثيرة مغلقة، كتاب هذا الزمن يتحدثون عن عشقهم للموسيقى الكلاسيكية، يرددون أسماء لها وقع خاص، وبريق لاينطفئ : بيتهوفن. باخ . موزار. فرانز ليست. خاتشادوريان. كورساكوف. بيلا بارتوك...
زَوَالَ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ فِيفْرِي سنة 2019 أَدَّى عَبْدُ الْفَتَّاحِ زِيَارَةً إِلَى مَدْرَسَةِ غِيزِن الَّتِي دَرَّس فِيهَا ثَمَانيَ سَنَوَاتٍ انْتَهَتْ بِحُصُولِهِ عَلى التَّقَاعُدِ . وَ خِلاَلَ هَذِهِ الزِّيَارَةِ طَافَ فِي أَرْجَاءِ قِسْمِ التَّحْضيريِّ رِفْقَةَ مُدِيرِ الْمَدْرَسَةِ...
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها ماجد بن الأمين بن صالح صدقة الصباحي (هيلل بن بنيميم بن شلح صدقه هصفري، ١٩٣٩، في الأصل ١٩٤٠- ، من مثقّفي حولون، معلم للعربية، رجل أعمال، ينشر ما تخطّه يده من خيرة الأدب السامري) بالعبرية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة (١٩٤٤- )، الذي بدوره نقّحها،...
"آه، كم مضى من الزمان!"... هكذا كان سليمان الحبيب، مهندس الإلكترونيات المتقاعد وعضو الجمعية الوطنية لنقل التقانة، يحدّث نفسه وهو يمشي على الطريق الجانبي في القرية. وهو رجلٌ في الرابعة والستين، أسمر، ممتلئ الوجه، ثخين الرقبة من السمنة، عاد إلى قريته منذ أسبوعين بعد أن نصحه طبيب القلب بالمشي ساعةً...
قالت: -إشرب أنت الشاي. أنا أكلت من البقلاوة التي أعطتنا إياها إبنتنا بالأمس.... ضحكت وأضافت: -.... لا أستطيع منع نفسي من الأكلات الحلوة الدهينة. وضعت قدح الشاي أمامه بينما رفع بصره اليها مبتسما إبتسامة تعرف مغزاها. قالت في سرها وهي تتجنب النظر اليه "سيبدأ هذا الشيخ مجددا"، ومدت يدها اليسرى...
كان في الخامسة عشر من العمر عندما هَرَست قدميه عربة مسرعة على طريق فارفيل السريع. وظل منذ وقوع تلك الحادثة يتسول الناس، وهو يجر جسده على الطرقات وعبر المزارع مستخدما عكازتين ترفعان كتفيه إلى مستوى أذنيه، ويبدو رأسه وكأنه مضغوط بين جبلين. التقطه قسيس من دير لبييت عندما كان وليدا مُلْقًا على إحدى...
"حتى على الموت لا أخلو من الحسد " الوأوأء الدمشقي(*) الكثيرون يستعجلون مماتي حتى وأنا مسجى على الحصير، الحصير البارد للموت الكئيب، لم يكفوا عن الشماتة بي، وانتظار الشهقة الأخيرة . أولادي ، ليرثوا الصئبان والبق والقمل . معارفي ، ليتقوا عفة لساني . .الحكومة ، كي أكف عن وقاحة مهاجمتها...
كان كلافيل أبيض بنيا. كانت أطراف أرجله بنية داكنة وعيناه حبويتان و شعره مجعد. عرفته في تانديل ، في منزل ريفي حيث ذهبت في طفولتي للاصطياف مع والدي. كان ينتظرني و هو يحرك ذيله ، عند باب غرفتي ، في وقت القيلولة. بعد خمسة أيام من تعارفنا ، أخذ يتبعني في كل مكان و قد أحبني أكثر من أصحابه. كانت...
أعلى