سرد

أما هذا الرجل فيكاد أن يكون مقيما في مرسى القوارب .. يعرفه الصيادون ويعرفه عساكر نقطة الحدود .. بل ويسمحون له بالجلوس على الدكة .. التي يرى في أغلب الأحيان جالسا عليها .. مستنداً بظهره إلى جدار النقطة ، ومتجها بعينيه صوب البحر . وعندما تهب الريح أو يشتد البرد ، يدعوه العساكر للدخول إلى النقطة...
آلاف النجمات تناثرت من قبة السماء جثثاً آفلة، مئات الحشرات الصغيرة تفترس روحها اللينة المقيمة داخل فقاعة كبيرة تعزلهما عمن حولهما، يتمتم بصوت متكسر متطقطق كأوراق شجر فى الخريف سائلاً الليل : لماذا أطال المكوث..؟ هل ضل الطريق لغيره وأنس عنده غاية..؟ لا تسمعه امرأته التى استلقى بجوارها كحطام...
سقط كوب الشاي من يده المرتعشة، وتطايرت رشّاته على الطاولة قبل أن ترسم مجراها على السطح، ومن ثم وصولا حتى حدود الطاولة. قطرات قليلة سقطت على الأرض تبعتها أخرى حتى تشكل الخيط الغزير المنسكب. إلى ناحية الباب اندفع خيط الشاي. خرج من خصاصه الأسفل وأخذ طريقه إلى الشارع. كانت ثلة من التلميذات الصغيرات...
ألقى صنارته فى النهر، بعد تأكده من وجود الطعم بها، جلس يتأمل النهر فى هدوء تام وسكون، المخلاة جواره فارغة فى إنتظار الصيد الوفير، من أسماك البورى والبلطى ومايجود به النهر، تحسبه للوهلة الأولى صياد ماهر، دون أن تدرك أنها المرة الأولى، التى أشار عليه بها أحد الأصدقاء بعد فشله فى زحزحة الهم ومحاولة...
كعادته نام مبكرا؛ فالشتاء يستدعى الخمول؛ يحتاج الطعام والحساء ينفث دخانه فتستدفيء منه بطون الجوعى، كل هذا صعب في زمن الحروب حيث الأسواق تعاني الكساد والباعة يمنعهم المطر من أن يفترشوا الأرض. توسد ذراعه وحاول أن يغمض عينيه، تتابعت مشاهد من حياته مثل شريط سينمائي تعرضه قناة الذكريات، تدوي الريح...
على الرصيف المحاذى لحزنه، ظل يعدو هربا من المطر المتساقط كالسيل، الذى غسل واجهات الفاترينات والشوارع، تحت مظلة مقهى أغلق نصف أبوابه، إنضمت إليه فتاة فى نضارة الورد، تصغره ببضعة أعوام، تشكو البلل وإتلاف كتبها، خلع معطفه ووضعه على كتفيها، بين دهشتها التى ألجمتها، وهو يقبض على كفيها ويدعوها للدخول...
لم تدرك أن نسمات الصباح الأولى ستكون بتلك البرودة، وأن رذاذ البحر المتطاير سيصيب عباءتها السوداء بهذا التَّخَشُّب. أَحْكَمَتْ "نعيمة" أو "نُعُومة"؛-كما يناديها أهلها وأصدقاؤها- شالها الأخضر حول وجهها النحيل الخمري، وأخذت تنبش الأرض بخطوات مُسْرعة؛ مثل "كَتْكُوت" مذعور؛ أضاع الطريق من أمه! لم...
" ربما " قصة قصيرة أحمد الخميسي يمكن القول إنه نسيها، تماما، ولم يعد يتذكرها إلا أحيانا قليلة، في الصباح عندما يقف أمام مرآة الحمام يدعك أسنانه بالفرشاة ويقول لنفسه:" ادعك أسنانك جيدا، ربما تتصل وتأتي اليك فنجلس صامتين نحدق ببعضنا البعض، تتشابك أيادينا بعصبية ولهفة ، وفي غمضة عين قد نندفع بشوق...
العيش معها أطيب، وفضاء الكون أرحب، والأشجار والأزهار أكثر نضارة، والماء أعذب، جميلة جمالا لايخصها وحدها، إنه جزء من الهبة التى جلبتها إلى العالم، وتتقاسمه مع شريك حياتها، هى من إختارته، اليوم زفافها، ستسافر معه إلى مدينة ساحلية حيث يعمل، يحبها ويحب من يدها طبق الحلوى أم على، هى من تختار ملابسه،...
لمَحتهُ لأوَّلِ مَرّةٍ أصيل يَومٍ صَائف، يُمرّر كُمّ جلبابٍ صَعيديٍّ واسع، يَزيحُ في عَصبيةٍ عن وجههِ المُغضّن خُيوطا رفيعة من العَرقِ ، يَضربُ كَفا بكف فيما يُشبه الهَوس ، مُحوقِلا يتَعالى صراخه من فَينةٍ لأخرى ، في زَعيقٍ مُخيف يُنبىء عَنْ أنّ صَاحبه فّي ورطةٍ مُؤكّدة ، يَتحرّك مُهتَز العُود...
ها أنا قد هجرت الإقبال على قراءة النصوص الأدبية قديمها وحديثها، ويممت شطر المنتديات الثقافية؛ لأكون معارف تكون لسان حالي ومقالي. في بداية الأمر كنت أذهب بنفسي، فما من ندوة تقام إلا أسعى إليها، تطور الأمر بعد شهور فأصبحت تتوالى عليّ الدعوات. لا أخفيك أني كنت أجلس مع المستمعين، كانت نفسي تروق أن...
قصة الشيخ توفيق الأسعد شيخ حمولة العوادين،إحدى حمايل عرب التركمان هنا،وعلى بعد عشرين كيلومترا من شرق حيفا،قرية نبتت على ضفاف مرج بن عامر الخلاب،كان تسمى " لِدْ العوادين"، وأهلها كانوا ولا زالوا حمولة من حمايل عرب التركمان السبعة التي سكنت المنطقة منذ مئات السنين،هذه القرية الوادعة الصغيرة لها...
دقت ساعة منتصف الليل؛ ثمة سكون خيم على الحياة من حولي؛ يدق باب البيت؛ لم أتوقع زائرا؛ ترى من يكون القادم؟ أعيش هنا منعزلا؛ انتابني خوف شديد؛ بدأت أفكر في مواجهة مايحدث؛ نظرت إلى عصا أبي؛ تراها تصلح لمواجهة الخطر؟ تسقط السماء مطرا شديدا؛ لوذت بربي؛ ثم آويت إلى فراشي؛ سريعا أخذت في سبات عميق...
في ليل شتوي موحش، يتململ في فراشه، ذات اليمين و ذات الشمال، و تتحسس يده المرتعشة الصخرة الثقيلة الجاثمة على صدره، و سرعان ما تمتد إلى ساقه المبتورة؛ فتهاجمه الأوجاع بضراوة؛ يشعر بأن المناشير لا تزال تنهش لحمه و عظامه، يشعر بآلام حية، لا يسكنها مخدر؛ فيلوذ بالجدران، و تنهمك...
كان وجهه محتقناً بدرجة مألوفة فالعادة كان أن يحتقن… مط شفتيه بازدراء كعادته سب كل من حوله ؛ ابتداء من أُكرة الباب ، وانتهاء بالطاولة .حملهم مسؤولية ما يحدث كانت الغرفة خالية من جنسه تماما. امتدت يده ، آليا ، نحو علبة تبغ وحين كانت دوائر الدخان ترتفع في سماء الغرفة كان ينظر إلى يده فتراءت له...
أعلى