سرد

لم تجد عملا بعد التخرج، سوى ذلك المكتب الذى يعمل فى طباعة وتصوير المستندات والكتابة على الكمبيوتر، تفتح المكتب الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء، كل صباح وهى خارجة من المنزل، توزع الإبتسامات على عم عيد صاحب الصالون الذى يرفض تحديثه، وفكرى صاحب عربة الفول، أثناء إرتشافهم للشاى والقهوة لزوم...
بحثت عنها فلم أجدها؛ صارت هذه مشكلتي في الحياة في ذلك البيت الذي ازدحم ببقايا الأجداد؛ ثيابهم لا تصلح لي،لا أقلام تركوها ولا أموال تورثناها؛ إنهم شغبوا علينا بحكاياتهم، فقط كانوا يعتاشون عليها. تعيث الفئران فسادا في البيت، الثقوب تشبه الغربال، يبدو أنها ملت معيشتنا؛ في زمن الجدب تفر الهرة بحثا...
أحضن خوفي كل مساءٍ وفي فنجاني طعم السنين، تحدق بي الصور وتصغي إلى دندنتي، تتحرر من إطارها، تهطل كالدموع وتتناثر من حولي كأوراق الشجر فيما أسترق النظر من خلف نافذتي على صبيةٍ يلهون بالتراب والكرة، تطاردهم نظراتي كما تطارد الغروب وتذكر نسيم (العصر) الذي صاحبني عمراً دون أن يحادثني، محملاً بريح...
كمن يصل إلى النهاية في قصة بوليسية ، كنت استمع إلى التفاصيل محاولا تشكيلها علني أتوصل للصورة الكاملة ، قرابة عشرسنوات كانت الحكاية تتشكل على مهل وبطريقة لم أتوقعها ، أحتفظ ببعض التفاصيل وسرعان ما أنساها ، تنطرح أسئلة وسرعان ماتذوب ، على مدار عمر صداقتنا المتينة كان دائما يودعني أسراره كلها ،...
لم يكن الحصول على ثمار التوت الأحمر سببًا وحيدًا لذهابي إلى تلك الشجرة العجوز على أطراف القرية، حكايات الولد بهلول كانت السبب الأهم، أثار شغفي فغالبت خوفى ونسيت تحذيرات الأهل وترهيبهم، سرت وحدي حتى وصلت، خلعت حذائي وتسلقت الشجرة. تحدث الولد بهلول عن كل شجرات التوت في قريتنا وكيف أن ثمارها...
فى صالون العقاد لوحة لطبق مملوء بالفاكهة الطازجة رائعة الألوان تبهر النظر، أعجبت بها من هام بها وأحبها، والتى كان يداعبها بأنها تشبه طبق الفاكهة، إنتابه الغضب حين إكتشف أن هناك آخر تحبه، طلب من الفنان الذى رسم اللوحة، إضافة الذباب حولها لترى حبيبته الإضافة الجديدة باللوحة وتصلها الرسالة،...
وضع عم رمضان يده على ظهره؛ يتوكأ عليها ضربه الزمن بمعوله، صار أشبه بقوس قزح، تعلوه حدبة ناتئة، يمشي وكأنما هو مكلف بعد الحصى، يجمع أفكاره المتناثرة حين تغيم ذاكرته وراء تلال من الفوضى، دب فيه الوهن، صار حطام رجل يئس من حياته؛ تبدلت الأيام كما السنة تغير فصولها، خريف وراءه شتاء؛ توقفت عقارب ساعته...
حين تفتقد الأمة واعظيها، وتدلهم لياليها، وتتسربل أنوارها بظلماتها، وتختفي عمائم مرشديها، وتتلاشى رجالات صولاتها وجولاتها، وحين يكون الدين غامضا لا يستطيع فهمه أو شرحه أبناء العرب وورثة الرسالة المحمدية، وحين تنقلب الموازين انقلاب الموت للحياة، والحياة للموت، يكون لزاما علينا أن نحمل مصاحفنا...
(1) - ماذا فعلتم؟ تكلم الجد بعد صمت طويل أحسّه الأحفاد دهراً. كعادته كان جالسا في شرفته يراقب عمل المزارعين في بستانه الكبير، لم يلتفت ناحية أحفاده كي يرى الخوف في وجوههم. - لقد أحرقنا منزله. قال أحدهم محاولاً اخفاء خوفه وفزعه مما حدث. - هل انتهى أمره؟ - نعم. - حسناً ليكن درساً لكم كي...
إنَّ منيراً لم يكتب درساً منذ التحاقه بمدرسة النجاح. - قالت زوجتي ذلك بينما أنا أهمُّ بمغادرة المنزل إلى مبني الشركة التي أديرها، فقلت محاولاً التنصل من الأمر: لقد كانت الفكرة فكرتك. وأنت من قام بنقل منير إلى تلك المدرسة بحجة أنَّها الأفضل والأكثر تفوُّقاً. لقد كانت الفكرة بالفعل...
فى يدها ديوان للشاعر أمل دنقل، جمالها هادىء، سبقته إبتسامته وهو يقترب منها قائلا : أنت فى حضرة الشاعر الذى قال : لا تصالح / ولو منحوك الذهب/ أترى حين أفقأ عينيك/ ثم أثبت جوهرتين مكانهما/ هل ترى ؟ / هى أشياء لا تشترى قالوا عنه شاعر لا يموت، تنصت إليه باإعجاب، حكاء وراوى جيد للشعر، لم يفوت...
أصبح الفيل الصغير فريدي، وحيدا بعدما تخلى عنه أصدقاؤه، وذلك في اليوم المخصص لسباحة، حيث أن صغار الحيوانات، كانوا ينتظرون بشوق ولهفة، أن تمطر السماء بعد عام من الجفاف، وتملأ ببركتها البركة الصغيرة، الكائنة وسط الغابة، كي يتسنى لهم السباحة واللهو واللعب. وفي ذلك اليوم الجميل، سطعت شمس زاهية وألقت...
بمجرد وصولها إلى المرعى، تقطف الفتاة شيئا من الكلأ الأخضر، و تمده إلى عنزاتها. و ما إن تدنو إحدى العنزات، حتى تطوقها بذراعها اليسرى، بينما تبدأ يدها اليمنى في اعتصار حلمتي الضرع برفق، يناسب طباعها الهادئة كفتاة تشبه اليمام، تتنقل بين عنزات خمس حلوبة، مثلت ألبانها مصدر رزقها الوحيد. تغطي آنية...
حاولت أن ألملم جراحي التي نزفت، تمضي السفينة إلى وجهتها التي تسير فيها، أخبرني بأنه راحل عما قريب؛ حين هاتفته كان صوته متهجدا، أسرعت إلى لقائه غير عابيء بالليل الذي خيم على المكان، أدركته وقد سرت صفرة الموت في جسده، هزأ بجزعي؛ يكره الضعف الذي يخور أمامه الرجال، استدعى كل أحبته ليودعهم، سألني عن...
رويت له أيام طفولته الأولى قصصا كثيرة، أغلبها مما سمعته من أبي وأمي وبعضها من صنعي واخترعتها له اختراعا. حدثته عن تاجر الزمرد الشاب وكيف خسر ثروته في سبيل إمرأة أحبها وكيف عاد بها من أرض عجيبة إلى أرضه وكيف أثار ذلك غضب أبيه عليه فاستعد لتكبد مشقة السفر من جديد حتى يعيد تلك المرأة إلى أهلها...
أعلى