في الحصة الأخيرة نكاد من شدة الملل أن نهجم على شباك النافذة ونقتلعه ونفر من الفصل ، وما إن تنتهي الحصة حتى نتدافع يدوس بعضنا بعضا وكأننا نغادر سجناً بالغ الكآبة .!
يعود الطلاب إلى منازلهم لكني أذهب إلى المزرعة لأحرسها ، أصعد إلى الديمة التي تطل على المزرعة وأظل فيها ، أرمي الحقيبة جانبا وأبدأ...
الجو شديد الحرارة والشمس عمودية كعادتها في مثل هذا الفصل حتى إنه شعر بقطرات العرق تنساب من كل مكان في جسده، كل ذلك لم يمنعه من البحث عن مجلة الوطن في عددها الأخير الصادر يوم أمس وكان الجواب واحدًا لدى أصحاب المكتبات في شارع المتنبي: لقد نفدت أعداد المجلة حال وصولها.
ما العمل الآن؟ تساءل حائرًا...
بالتأكيد لم تسمعوا بهذا الاسم من قبل، ربما كان أشكول وقد اختلط علي الحال، في غمرة انشغالي بهموم الحياة التي تلاحقني؛ نحن في دوامة لا تنتهي، مطالب الصغار، حاجات زوجتي التي لا تمل من متابعة الجديد في عالم الثياب، في الحقيقة عحزت عن تفسير مجيء بشكول إلى قريتنا النائية؛ لن أتعبكم معي فقدرتي على كشف...
من يظن ان معنى العيب هو فساد المنظومة الجنسية للمرأة فقط من دون الرجل. وكذلك الظن في انه موجود في فكر أهالي المدن الصغيرة والقرى والأرياف، ومفقود في المدن الكبيرة كمراكز المحافظات والأقضية، فهو واهم، ولم يستطيع من اتيان الدليل على ذلك، العيب في كل زمان ومكان.
***
وقفت الفتاة العشرينية، وهي...
بعد هزيمة الخامس من حزيران / يونيو، كتب صادق جلال العظم كتابين أثارا ضجة كبرى في العالم العربي: «النقد الذاتي بعد الهزيمة»، و»نقد الفكر الديني». يمكن قراءة الكتابين بصفتهما نقداً لتصدعات مشروع الحداثة، ودفاعاً عن فكر الحداثة في آن معاً. فهزيمة المشروع التحديثي الذي قادته الجيوش، وعلى رأسها الجيش...
(1)
أمام المرآة وقفت مهرة، فكت جدائلها، و راحت تمشط خصلات شعرها المسدل بشرود، ثم انهمكت في تزيين وجهها بمساحيق التجميل؛ فبدت كتفاحة شهية. الساعة جاوزت السادسة صباحا، عادة ما يعود بعد الشروق متثائبا متثاقلا منهكا، يلتهم لقمتين بالكاد، و يطبق جفنيه، و يسلم جسده النحيل إلى...
عانت سعدية من الضرب في مقتبل حياتها الزوجية، وخاصة بعد انجابها للتوأمين، كانت ساخطة دوماً على عبد المتعال الذي يعمل في المعبر كعامل في ميزان الشاحنات. نالت الطلقة الأولى وتبقت لها اثنتان. مع ذلك حياتها مع عبد المتعال ظلت تقاسي من الاضطراب والعنف اللفظي كثيراً بينهما. كانت تصيح:
- أنا ضحيت من...
آمنت مساء أمس أن لا أستاذية تدوم. لذلك خلعت قفطاني, ألقيت عمامتي في الهواء, ركنت حذائي خلف الباب, ثم هرولت حافي القدمين , حاسر الرأس إلى تلميذ كنت أدرّسه حتى أسبوع مضى, اليوم تنازلت عن مقعدي, أعطيت ظهري للفراغ بعدما كان يستند بثقة إلى عمود من رخام صلب, جواره كنت أخطب في القوم, أتيه فخرًا بينهم...
القصة التالية حقيقية، قصها عليّ بنفسه صديقي، تاج الدين الطويل، في واحدة من لقاءاتنا التي أخذت تتكرر أخيرا في مقهى الشعلة، بعد أن قابلته هناك مصادفة قبل ستة أشهر تقريبا، وقتها بدا لي ضئيلا ومتلاشيا رغم طوله الفارع وجسده الرياضي الرشيق، بيد أن ما لفتني إليه تلك الوحدة الباردة التي أبصرتها تحيط به...
هي الأقراص التي أعطيتني إياها، الأقراص المنومة التي كادت أن تتسبب في تَركِ كُرسيّك شاغرا أعلى المنصة في الجامعة الأوربية العريقة منذ شهور. عشر دقائق فقط هي ما استطعتُ الحصول عليه من يقظة نائمة. رأيت أعلى أحد الأرفف المصقولة فيما يشبه حجرة معمل إناءً به بضع ثمرات صفراء لا أعرف لها صنفا محددا،...
الرأس تتمايل نحو الأسفل وصوت شخيره ينبهه إلى وجوب انتقاله من غرفة المعيشة حيث التلفاز والكنبة إلى غرفة النوم حيث فراشه العنيد الذي يأبى إلا أن يبقيه متيقظا في سهرة مملة وكانه موصول بجهاز كمبيوتر يعمل بمجرد أن يشعر بتمدده عليه. ويبدأ الروتين عادة بتجوال عينيه في أنحاء الغرفة من وضع الرقاد مع عقل...
اجتاحني حزن عميق عندما علمت بموت الطفل سمير جامل ، لم يكن من أقاربي ولم أعرفه من قرب ، بل لم يسبق لي أن رأيته ، لكنني أحسست بالندم الشديد وتأنيب الضمير ، وأنني بشكل أو بآخر قد تسببت بموته .!
أما كيف حدث هذا الأمر الغريب سأروي لكم القصة :
كانت أمه صديقة لأمي ، حقولهم بجوار حقولنا وكثيرا ما يلتقين...
لن يتخلف أحد اليوم، فمن يمكنه الغياب عن فرح يقيمه أبو إسماعيل لابنه الوحيد؟
كل منهم يمني النفس برؤية أبو إسماعيل وهو يرقص، فإسماعيل هو عريس اليوم، والأب الذي رقص في أفراح الجميع لن يترك عصاه اليوم ولن يجلس لحظة، سيرقص كما لم يرقص من قبل، سيعود لسابق عهده، قبل أن يسقط من فوق النخلة، طيبة...
لم تنته حكايات ذلك المكان؛ يختفي وراء التلة؛ تغيب عنه الشمس؛ يبدو خارج دائرة الزمان؛ تتجمع تلك المفردات يقتاتها كما أرغفة الخبز؛ نهاره ينسل من ليله؛ يلوك ما انطوى عليه؛ غير أنه هذه المرة من البئر الذي يختزن فيه أسراره بدت الحكاية أشبه بالخيال؛ يقول أبو قمر: اقترب زمن سيدنا الخضر؛ في يديه مسبحة...