قصة قصيرة

لا أحد يعلم ماالذي جعل مرجانة تسدُ نوافذ البيت ؟ سدّتها جميعها إلا فوهة الباب وكوّة صغيرة في السقف تعدُ عبر ضوئها الشحيح طعامها وترتبُ أشياءها وترتقُ أثوابها وما كانت لتستعين بأحد في ذلك بل خلطت بنفسها الطين والقش والماء وقطع الزجاج والصفيح ورصّفت الحجر في النوافذ ثم طلته بحرص شديد ووقفت ترقبُ...
قبل أن أبدأ في كتابة هذه القصة الوعظية المملة كروايات بلزاك الارثوذوكسية ، سأصنع كوب شاي باللبن ، ثواني وأعود اليكم ؛ .................. ؛ الغرض الأساسي من كتابتي لهذه التجربة الناجحة والرائعة هو منح الأجيال القادمة مشكاة يتلمسون على ضوئها طريقهم نحو المستقبل لمواصلة مسيرتنا كأسلاف يفتخر بنضالهم...
هذه الأيام، أجرب مساحة جديدة من الوجود، كان البيت مجرد مكان أتواجد فيه ساعة النوم، الآن أصبحت أشعر بالإنتماء أكثر، تنمو الذكريات فيه كشجرة خضراء رقيقة وهشة، رغم غلاء المعيشة المتزايد يوماً بعد يوم في تونس تنمو. كنت أسكن في وسط البلد، بجوار ميدان، أشعر بالتروما كلما مررت بجواره، لكن أمرّ في صمت...
منذ أسبوع ، يدق جرس الهاتف عند منتصف الليل فأضغط على زر الاستقبال . ينفتح الخط فأسمع خشخشة يليها شخير متواصل يدوم حتى أغلق الخط . عندما وقفت أمام موظف الاستقبال لشركة الاتصالات و عرضت عليه الموضوع و الرقم ظهرت على وجهه الحيرة . ترجاني أن أترقب لحظة ثم دخل إلى جهازه و ألقمه المعلومات و ظل يخبط...
أنتظر قطار ظهيرة الأحد. تنتابني رعشة على أثر نسماتٍ هبـَّت، ثم لا ألبث أن تفاجئني ريح فتحمل نفايات الأرض حولي. “الحياة تقاطعات من خيبات الأمل الجميلة..” (هكذا بدأت حديثها معي ذات مرة). “قصصها تنتهي عند نقطة ما.” (هكذا أردفت). “الأجزاء الثانية تواجه فشلاً ذريعاً كما في السينما إلا في ما ندر”،...
نبقة هو الابن الأخير لآدم السقاء. أنجبه بعد وفاة تسعة في الوباء الكبير، ونذره لخدمة الزاوية إذا حفظه الله له. ووفى بنذره فسلمه لإمام الزاوية عندما بلغ السابعة، وقال لأصحابه: خدمة بيت الله أشرف خدمة، وبين الصلوات والأدعية والدروس يتشرب قلبه النور والبركة. وأكثر الوقت قضاه نبقة في الزاوية،...
ذهبت الى العرافة, وضعت ورق اللعب على صدري ورددت وراءها “هاقلبي, هاتخمامي …”. تجشأت كثيرا وقالت انه بيني وبينه سحرا جعله يهرب مني. لكنها أكدت لي أنه سيعود وعندها سأكون ملزمة ”بذبيحة كبيرة” و “ليلة كناوية”. لم أفهم جيدا معنى “ذبيحة كبيرة” لكن حركت رأسي بالموافقة. ثم قوست حاجبيها, و أغمضت عينيها...
✍ كطبيب كان علي اجراء فحوصات سريعة ، وجهها كان يزداد زرقة كلما مضى الوقت ، رغم ان اعراض كثيرة وجوهرية لم تظهر في جسد الفتاة المغمى عليها . كالاسهال والقيء او حروق بالفم او خلافه لكنها كانت قد شرعت في الانتحار ، فحسب ما أخبرني والدها والهلع يربك قدرته على الكلام أنها ابتلعت اقراصا عديدة من دواء...
رآها تسير في بوليفار غامبيتا بباريس، وبرفقتها رجل سمين مترهل يكبرها بعشرين حولا على وجه التقريب، فظنها ابنته. . . ومما عزز فيه هذا الظن أن الرجل كان يسير إلى جانبها بخطوات آلية متئدة. . . في حين أن الفتاة كانت كتلة من النشاط والحيوية. . . وتسير وكأنها تقوم بحركات من الرقص الإيقاعي. . . وكان...
أيقظ أفراد عائلته، الواحد إثر الآخر، منذ الصباح الباكر، بادئاً بزوجته التي عانت منه كثيراً، ورغم ذلك بقيت مخلصة له. خاطبها، لأول مرة، ومنذ زواجهما ذي الخمسين عاماً، بأرق الكلمات. استيقظت وملؤها خوف متوقع منه. مرَّر يده على رأسها بلطف على غير العادة. أعلمها أن طريقه طويل، وعليه أن يمضي باكراً...
فِي كُلِّ يَوْمٍ جَدِيدٍ وَ عِنْدَ الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ يَخْطُو نَحْوَ حَدِيقَةِ الْمَنْزِلِ لِمُدَارَاةِ الْأَزْهَارِ وَ الْأَشْجَارِ وَ رِعَايَتِهَا ، وَ فِي يَدِهِ قَدَحُ الشَّاي ، مُقْتَعِدًا كُرْسِيَّهُ الأَثَرِيَّ ، غَارِقًا فِي تَأَمُّلَاتِهِ . تَـقَاعَدَ مِنَ السِّلْكِ التَّرْبَوِيِّ...
تلقّى السيدُ عزيزُ دعوة من جهة عرِف ضمنًا اهتمامها بالثقافة ، كانت الأردنُ نقطةَ وصول أو عبور، لم يكن متأكّدًا من تفاصيل سفره ، لكنه تجاوز سؤالًا صعبًا كـ :كيف قبِل مثلَ هذه الدعوة؟ في البدء، اعتبر الرحلةَ تنفيسًا عن مخنوق لم يخرج من تحت قبّة الوطن منذ فترة طويلة ، ترَكَ (أبو الكرامة)...
لا أدري منذ متى أكره أبي، حيث لا الزمان ولا المكان يسعفانني بذلك. جل ما أعرفه هو أنني أكرهه فحسب. إنه لا يفارق مشاعري وأفكاري، ويمنعني من التفكير الحر، وحتى بالقليل منه، وحتى النوم بعيداً عن القلق والكوابيس التي تنتظرني باستمرار. أتكلم وأنا ميت. للعلم أنا ميْت منذ زمان، موت حقيقي، وموتي هذا غير...
قبلني فوق شفتي المتشققتين وقال: قبلة أبوية ... انت مثل ابنتي. مررت بلساني على شفتي, شيء لزج يسيل منهما ...دم ..لعاب؟ لاأعرف. نور قوي مسلط على عيني...أحاول أن أفتحهما...لاأستطيع. رأسي مثقلة...أحاول ثانية...أعاود اغلاقهما...أين أنا بالضبط؟ الرجل قال لي بعد أن قضم شفتي: قبلة أبوية ...أنت مثل ابنتي...
أي.. صعقني الكهرباء مرة أخرى.. إحساس داهمني بينما كنت واقفا في صحن الجامع لإقامة الصلاة، رغم أن شفتي ظلتا مزمومتين، و لم تتركا لألمي الحاد فرصة للانفلات، فلم أزد في التعبير عنه بأكثر من نظرة مخطوفة ألقيتها عليه معتقدا أن التيار الذي صعقني جاءني منه، و إنني لم أفصله، على ما أذكر، عن المصدر قبل...
أعلى