(مهداة إليها في مطلع العام الجديد)
لهذا اتصلتُ
لأخبر نفسي عن نفسي،
عن الفجر الغارق في كأسي
وكانت تذوب
تذوب
كلحظة سُكْرِ
كبسمةٖ سُكّر
لهذا اتصلتُ
أخاف فراقا لي يقولُ
تحار العقولُ
وما فكر:
في الغياب ينتحب المكانُ
في الإياب ينتحر الزمان
المذكر
بين خط الاستواء
وقطب عينيها
أيكون الناي أسير...
هكذا انت أيتها السماء
ترتبين طاولة الغسق
ليغيب الرفاق
بعد العشاء
وراء الأفق ...
عنب ارجواني
تعتصرينه غيما
لليل أعبس
أنهكته سنة فيروس
أشرس
فأدمن الأرق...
والدّن ملؤه
روح ملائكة صهباء
تناور مع العسس
تجعل من الخطايا
تذاكر
لسهرة ماجنة
مع جن الإنس...
هكذا انت
أيتها السماء الماجنة
من نافذتك
قيء الرصاص...
هنا
في رحلة الملح الاخيرة
البحر أيضا لم يقل شيئا
أدار ظهره للريح
ولم تتراقص الامواج
في غسق جنوني
كما في الموجة الأولى
والغزلان
ايضا لم تهرب
كعادتها
ولم يأت
الرعاة هناك بليلهم
يخطفون الوادي من الجان
حتما
سيطل فوق رؤوسهم
وحش يعود من الخرافة
ربما للوهلة الأولى
هنا
تتداخل الازمان...
هل كانوا شُهُباً
هبطت في غير أوانٍ
فاشتعلتْ ،
وأضاءتْ ،
وخَبَتْ ؟
هل كانوا عشّاقاً للتحليق العالي ؟
أم كانوا أخوة َيوسف َ
لا يعقوب َ لهم ،
لا فرعون َ ولا قارون ،
لا كَيلَ ولا مكيال ،
مطرودين من الجنّةِ ،
مطرودين من الحانات ؟
.
لم يبق َلهم
من هذا الليلِ
سوى خيطِ...
عامٌ يموت الآن
يلفظ ما تبقى من مآسيه
ويدفن نفسه خلف البعيد.
عامٌ يموت الآن
تحت تزاحم الأضواء
والضحك البليد.
عامٌ يفيض الآن في الكاسات
دمعا فاترا
عامٌ يسيل الآن
من عَرَق الطُهاة.
عامٌ بليدٌ، مات.
ماااااات.
يا غفلة الموتى
وهم يتضاحكون
ويشربون النخب من عامٍ مضى
في صحة العام الجديد.
عامٌ بليدٌ...
بحر هرب من رذاذه العاري
ترك شغاف موجه
وزبده عرضة للريح
قد يدفء الغابة عود ثقاب
لكنك ..
لن ترد المراكب الهاربة
ولن تفرغ الاخدود بالمزراب
يعلو صوتها رأس البرج
وتختم قولها ... بلا ..؟
رنين أجرس قد يصل
وكل الثنايا حراس
فلما علقت نحاسك الصدئي
في مسمار السقف ..
وتعللت بالاغواء
عادت ...!
الريح لمواسمك...
نكتب عليه اللانهاية حتى لاننسى
لا عجب ان غادرتنا الأمواج صامتة
حاملة ذكرياتنا الشحيحة
لا عجب ان نستنا تلك الرمال
وقد بنينا كل أحلامنا الصماء
ثم تركناها في مهب الحياة
نركض نحو كومة القش
نبحث عن نهاية صالحة للبقاء
ذات ليل
وجدت حلما ينام فوق وسادتي
كان ينظر لي بأذنه ...
ويحدثني بلا عقل ممزوج...