سرد

وهو يدلف الشارع جيئة وذهابا أحس بالجوع والتعب. أدخل يده إلى جيبه، لا يملك غير ثلاثة دراهم ثمن سيجارتين. رغم أن مظهره الخارجي لا يوحي بأنه متسول، فهو لا يستطيع الجلوس في المقهى، سيُحرجه النادل أمام الزبائن، ويطلب منه أن يشرب شيئا. رأى كلبا صغيرا يجلس في حضن امرأة جميلة، قال في نفسه: ـ كم هو محظوظ...
الفريسه في شركة عالمية .. الكل من حولها ثنائيات، صداقة..حب.. مصالح.. حميمية... وجدت هذه التكتلات الثنائية وهي جالسه تتابع الأحداث في محيط العمل، والهمسات والنظرات والروائح الخلابه التي تتطاير من حين لآخر ما بين المتحابين أو أصحاب المصالح، ورغم أنها زوجه إلا أنها رأت لا بد أن يكون لها روائح حتى...
ترامت شائعة وكثيرا ما تتوالى إحداهن من أفواه أولئك القابعين في تلك البلدة التى تختزن الأقاويل لزمن تنكسر فيه أصلاب الرجال أمام سطوة الزمن، أن عم عبدون- وذلك لقبه الذي أطلق عليه- يسحر للنيل؛ منذ كانت في كفرنا خيول وإبل تشق صمت الليل؛ وهجانة يمسكون بسياط تلوي ظهور الناس، عبدون جاء مع فيضان النيل؛...
طلبت منه صيدلانية المستشفى أن يوقع تحت اسمه في الورقة التي قدمتها له، حتى يتسلم حصته من أدوية السعادة وراحة البال. حدّق في خانة التوقيع وقد بدت عليه علامات الحيرة. سألته الموظفة إن كانت ثمة مشكلة لديه. خجل أن يقول إنه نسي كيف يكون توقيعه. فكر بأنّ التوقيع ولاشك يحمل حرفاً او اثنين من اسمه او حتى...
أمضيت يومي مشغولاً بالتفاصيل الصغيرة التي تشبه الكمثرى. لكني ما أن فتحت الحاسوب وقرأت التأريخ الملعون *(الثاني والعشرين من أيلول) حتى استيقظت في ذاكرتي كل الذكريات القديمة التي ابتلعها النسيان فصارت في العدم لكنها لم تزل مؤلمة تلامس القلب وتترك فيه غصة اليمة. كنت في السادس عشرة من عمري، عصر ذلك...
في وقت متأخر من الليل، أضاء الشموع، وشرع يرتب نفسه للنوم، وسواء أكان الوقت صباحًا أم مساء، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا؛ كان هناك دومًا ذلك الضيق الذي لا يفارقه لحظة؛ لأن الحياة بالنسبة له ليست أكثر من مجرد مكان خانق رغم أنها لم تصل به إلى الدرجة التي تجعله ينهيها بنفسه؛ فمتى ينتهي هذا الألم؟! كان...
أقبل المساء، هأنذا أسابق أطفالي إلى الجلوس أمام التلفاز، جلست وبي لهفة يشوبها القلق بين اليأس والأمل، أخيراً قد أتى هذا اليوم، بل هذا المساء، سيتمُّ بعد قليل إذاعة اسم الفائز في مسابقة رمضان الكبرى، لم أكن أتوقَّع أن يأتي هذا اليوم، بل لم أكن أتوقَّع أن أشارك في هذه المسابقة من الأصل، لولا أنَّ...
اعترضت بشدّة ،مع علمها أن اعتراضها لن يغيّر من قراره شيئا. هي تعرفه حين يصمّم على أمر معين. توقعت منه أن يبيع كلّ شيء إلا الباب. - هل يوجد عاقل في الدنيا يبيع باب بيته . (من حقّها أن يناقشها بما انها زوجته )قال في نفسه (لاسيما أنّها هي من ابتاعت الباب علّها تقتنع وتخفّف من حدّة غضبها). لكنّه...
تحول الأمر لشرخ يصعب التئامه، ترك ندوبا على وجه علاقتنا الأسرية زاد من دمامة وجهها. البداية همس بين ابنتيّ سرعان ما تحول لصوت عالٍ يطالب بضرورة تغيير هذه السيارة ؛ نشعر بالإحراج أمام أترابنا اللواتي يركبن أحدث الموديلات. تساءلوا في استنكار ممزوج بالعجب: لم تصر على الاحتفاظ بها؟ حين تكون الإجابة...
دَخَل الْغَابَة و الْخَوْف يُلاحِقُه ، مَرَّة يُرْعِبُه عُوَاء الذِّئَاب الَّتِي تَجْعَلُه يتعرق دُونَ تَوَقُّفٍ، الركضُ عَلَى القَدَمَين خير وسيلة تخطر على باله ، لكن وقوعه أرضا...... جعل عقله في سجن مظلم، و على الفور استلم قلبه المبادرة و دونما وعي... ركض عَلَى أربعته ، وَبين هذا و ذاك...
ثوبها الضيق يلتصق بجسدها، يبرز مفاتنها، كعبها الفضي اللامع يحدث إيقاعا حالما هي تمشي على إفريز الشارع شعرها الكستنائي يتهدل على كتفيها العاريين. عيناها الخضراوان تعلنان عن ثورة غضب تعتمل في أعماقها: أمام عمارة من ثلاثة طوابق تتوقف. تنظر إلى ساعة يدها، ثم تتخطى بوابة العمارة، صاعدة السلم في...
أعلم أن هذه مدينة بلا قلب يرحم الأيتام؛ فالجميع هنا مصاب بالفقد، به وحشة لا تملؤها أندية المدينة الصاخبة؛ رغم هذا حوائطها ومبانيها صماء معجونة بالغلظة، تبدو مثل زوجة أب ألقت بصغاره في العراء وجلست تمشط شعرها وتضع عطرها الشهي، ترتدي له قميصا أرجوانيا؛ يتناسى صغاره، تمزق أمعاءهم الكلاب، ثوبي بقيت...
بجتاحني طوفان من الحزن، أشعر أنني أؤدي دورا تافها فوق خشبة مسرح اللامعقول؛ يضرب الهذيان عقلي؛ ثمة مشاعر متناقضة، نظرت في المرآة فهالتني تلك التجاعيد التي تجذرت، بحثت بين أوراقي عن شيء أفتقده، تعودت أن أدون أهم أحداث عمري؛ نجاح أو زواج، قصاصات تكون تذكارا من الزمن الجميل، لا أدري ما الذي جعلني...
عندما سألني موظف الاستقبال عن اسم الطبيب الذي أرغب في مراجعته همست: "الدكتور نعمان"، ولكن الملعون رفع صوته قائلا: "الطبيب النفسانی؟"، فأجبت بصوت خافت :"نعم"، قلتها وانا أشعر بالحرج الشديد، وشعرت بالناس الذين تزاحموا حولنا يرمقونني بنظرات متباينة، رأيت في عيون بعضهم شفقة، وفي عيون البعض الآخر...
يقع ضريح سيدي " دمين" في وسط باحة واسعة، تحيط به القبور من جميع الزوايا. ما إن تدخل المقام، حتى تشم بخورا يصعد من المباخر الفضية، ذلك البخور الذي أرخى على المقام دثارا من الوقار و المهابة؛ فتسري في بدنك القشعريرة. و لكن ما إن ترى الستان الذي يغطي الستر و المقام، حتى ترتع عيناك في حقل أخضر؛...
أعلى