انقلب البيت رأسا علي عقب، أبي تأنق فوق العادة ، منذ دقائق يهرول في كل شبر غير مبال لمرض الروماتيد اللعين الذي أتلف عظامه ، عيناه زائغة ،يفتح الأدراج ويغلقها بشكل عشوائي مريب ، لا يرد علي سؤالنا بما خطبه، أقتربت منه ،ربت علي كتفه، هب فزعا قائلا بصوت يملؤة الحشرجة:
- أين هي؟
سألته بصوت حان:
-...
جلس هناك بعيدا، تظاهر بأنه لم يرني. وضع رجلا على رجل، تناول جريدة خاصة بالمقهى، شرع يتفحصها. لما رآه النادل وسار نحوه، أشرتُ إليه:
- سيشرب قهوة سوداء خفيفة..
انتبه صاحبي:
- أهلا سي..
يبدو أنه لم يتذكرني السي.. لم أتذكره أنا أيضا..
- كيف الحال شاعرنا؟
كان قد اقترب مني، مد يده صافحني، جرني...
لا أذكر كيف سرقني النوم، ولكني صحوتُ الآن لأراكِ نائمة بجانبي.
أوّاه من خجلي ممّا فعلتُ بكِ!
لا .. لا تستيقظي الآن، فأنا أخجل من عيونكِ التي قد تعاتبني عمّا اقترفت، وأخجل من خفق أجفانك التي قد تبكّتني عمّا ارتكبت، وأخجل من دموعك التي تخجل عن أن تسيل، وأخجل من خجلكِ الذي يتوارى ويتخفّى فلا...
قد تكون أجمل أمنيات البشر وأكثرها شاعريةً رغم استحالتها هي الخلود، وحين عرفوا أنها لن تتحقق تبدلت الأمنية إلى رغبةٍ في ترك أثرٍ يذكر بهم، ومن هنا خاض الإنسان حروبه وصراعاته بأسماء ٍ كثيرة وأثمانٍ كبيرة، فكتب ورسم وزرع وبنى كي يذكره الناس خوفاً من النسيان، كإعترافٍ ضمني بوفاء الحجر أكثر من أغلب...
هي حجرتي , خزانتي , أدخلها , وأرنو إلى زواياها ولحظات أجدني الهاربة منها , كل ما فيها مبعثر في الأركان , رفوف الخزانة صرت لا أعرف ما الذي صار عليها , وكأن حاجياتي ليست لي , لا أعرفها , لا تعرفني , أنتشل منها قطعة بعد قطعة , وتساؤلات تلاحقني من أين أتيت بها , هل اشتريتها ؟... أم جاءت لي هدية...
لا أعـتقد أني سوف أفشل في العـثور عـليه ؛ بعـد أن تأكد لي تماما ً قوة العـلاقة التي تجمعـه بما قرره لي منة مصير . لذا فأمر الوقوف عـلى مكانه غـدا سر وجودي ، فقـــــد صعقت عـندما كنت داخل مدار شديد القسوة ، وشعـوري بأني كنبتة صغـيرة محاطة بالأشواك ، وهي أشد قسوة مما كنت قد عـانيته . كان لهيب...
أذهب إلى العطارة لشراء بعض ضروريات البيت، في صباح يوم ربيعي رائع، أنتظر حتى يفرغ البائع من طلبات النساء أولًا، وكلما قل عددهن، اكتظ المكان بهن مرة أخرى؛ فسألته في ضجر:
- هل عندك ما يمكن قراءته حتى يحين دوري؟
أشار بكفه إلى كومة من الكتب والأوراق، دون أن يلتفت وقال:
- خذ من كتب الطلبة ما شئت...
حدث هذا اليوم شيْ عجيب، لم يكن ليخطر على بال أحد في العالم، أنا أجلس الآن في المقهى أمام المتحف السلجوقي في مدينة قيصري، أفكر بالذي حدث، وأشعر بالرعب، لا تهمني أمواج النساء الجميلات اللواتي يرتدين البناطيل الضيقة والتنورات القصيرة والقمصان التي تبرز سررهن في غدوهن ورواحهن امام المقهى، أفكر بالذي...
نزل الخبر على الأنترنيت كالصاعقة. لقد اعتقلوا حاكم المدينة. تلفنت الزوجة لقائد الحزب فوجدت الهاتف مشغولا. انتظرت أكثر من ساعة ليتصل بها:
ـ ألو لالة أسماء!
ـ ألو السيد الرئيس!
ـ بالله عليك ، قل لي ماذا يحدث؟
ـ نحن نعمل كل ما في وسعنا لتجاوز هذه الأزمة. أعطينا بعض الوقت.
ـ الله يلعن والديهم، ما...
القصة التي أرويها لكم، وأَملُك كل خُيوطِها، تقَعُ أحداثُها بين أشخاصٍ ثلاثة، رابعُهم حاضرٌ بظله فقط، فيبدو هامشيًا، لكنه الشخص الذي زرع اللغم تحت أقدام الجميع.
الثلاثة.. أطباء، الدكتور منتصر، يعمل رئيسًا لأحد أهم أقسام المستشفى الجامعي، لذلك لن أذكُر القسم، الدكتور منتصر؛ أشهر الأطباء في تخصصه...
في الشرق العربي يخجلُ الإنسان من فتح الهدايا، يتركها مكانها حتى يغادر الضيف، ثم يفتحها، ينظرُ إليها يلعنُ الضيف ويرمي بالهدية.
مرت سنوات عليه في الغرب، تَعَلَّم خلالها كيف يفتحُ هدية، كيف يبتسم، يشكر مقدمها وكيف يستخدمُها حالاً بوجود الضيف إذا ما اقتضت الحاجة.
كان يوماً ساحلياً، صيفياً بامتياز،...
قالت الأعين مقال لا يقوله خطيب ، هذا ما حدث في لحظات، رفعت حاجبيها الرفيعة المرسومة رمقتني بنظرة استخفاف:
- شرط!!!
- نعم ؛ سأرعاها مقابل عشرين جنيها في الساعة.
قال حسام بغضب مبالغ فيه :
- في الساعة؟!!!
أجابت ابنة الحسب والنسب بعنجهية :
- ليكن، أعطها .
أكملت، وقلبي يحدث دويا هائلا:
- وأقيم...
/الجزء السادس/
إنتشر الخبر وتسرّب بين الأولاد في كلّ أزقّة البلدة ، والكل صار يعلم أنّ المدعو ( زكور الصّخلة ) الملقّب بأبي ( درخوش ) وهو صاحب حمير ( التّشباية ) التي يقودها صباح كلّ يوم أحد ، من أيّام الرّبيع ، إلى البازار ليتكسّبَ بها بضعة نقود . حيثُ كانَ...
{لو فارقتني صورة النصاعة في مسرى الأزمنة، فلي من بعد ذلك
العزلة والخلوة، وترك المجرى للهوى المستدام، فطريق السلامة
من سحر الوجود بمواجهة البرية التي لا تتسع إلا لما هو مرتقب وآمن}...
وقف أمام ذلك الجدار العتيق يتأمل رسمه البديع واللوحة المرسومة بيد فنان بديع الصنعة، ذلك الفيل المرسوم بعناية وتفاصيل دقيقة وهو يرفع إحدى قدميه الأماميتين لتهوي على رأس رجل مكتف الأيدي مربوط الأرجل، وحشد من الناس حوله يشهدون الواقعة، وفي ظلال الرسومات هناك فتاة تتأمل المشهد بعين حزينة وكأن...