قصة قصيرة

كان متجها لغرفته عقب عودته للمنزل بعد يوم عمل طويل . سمع صوتها مشربا برنة ساخرة : - إلى أين ؟ . التفت إليها . كانت كالعادة داخل المطبخ غارقة في الزيت وعصير الطماطم . كانت تعلم أنه سيأتي إليها قبل أن يرد ، كان دائما يكره التحدث بصوت عال ويفضل التحدث بصوت خافت . دلف إلى المطبخ بنظرات متسائلة...
بأصابعٍ اعتادت إمساك الكوب بثبات، راح عبدالجليل يتلذّذُ بشرب الشاي، مُثيرا حفيظة عبدالمنعم صاحب المقهى. فهذا هو الثالث الذي يملأ به جوفه، دون أن يدفع مقابله فلسا واحد. ولا بدَّ أن مشكلة عبدالجليل كانت تُلحُّ عليه. فبعد أن كان المقهى قِبلة الناس، خصوصا في أيام العطل والأعياد. يفدون إليه ليشربوا...
« ربما كان علي أن أجعل كل جزء في حياتي يحوي جزء من كل جزء في حياة الأناس الآخرين ، كما في الرواية ، حيث كل جزء يتصل حيويا بالكل » عبد الرحمن منيف كان أثاث الحجرة مبعثرا في جميع الأرجاء. مؤكد أن الجميع رحلوا على عجل. لم يكن لديهم متسع من الوقت. رحيل تحت الإكراه.. هكذا بدا لي المكان لأول وهلة...
في مصادفة لا تفسير لها؛ عثرت بين أوراقي ومذكراتي العلمية على ورقتين في نفس اليوم. لست أدري كيف ضلت كل منهما الطريق إلى مكانها الطبيعي فجاءت حيث وجدتها. إحداهما كتبتها بخط يدي ليلة مبيتي بالقاهرة في بيت صديق لي قريب من المطار، إلى حيث أتوجه فجرًا لأستقل الطائرة المتجهة إلى كوبنهاجن، أما الأخرى...
حين يتصفح الموت ألبوم العائلة، أي عائلة، وليكن أفرادها الأم وطفلتها في النص السابق، وزوجها وابنهما في النص قبل السابق، سينزع الصورة التي يقف فيها الأب مزهوًّا بنفسه، يلفّ ذراعه حول زوجته المشغولة بطفلتها، بينما يتطاول رأس الابن مستعجلًا المستقبل. كم تبدو العائلة سعيدة ومثالية في هذه الصورة، لكن...
"وحين ترتحل ذرة الغبار عبر ريح الخلود عابرة معها سماوات قارات العالم ، تظل خاضعة لإرادة الريح ، مع ذلك فذرة الرمل لا تقاوم لأنها تنتظر اكتشاف قرار الريح الأخير ..اكتشاف مهبطها الأخير...تصبح نشوة الدهشة أقوى من الرغبة في الحرية ، إن التسلية هي الدهشة والدهشة هي التسلية...يتكاملان ليهزما ثقل...
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 04 - 2010 دخل دون داميان بسرعة مرحلة فقدان الوعي مع ارتفاع درجة حرارته الي ما فوق‏39‏ درجة وأحسست روحه بعدم الارتياح بدرجة خطيرة كما لو أنها تقريبا تحترق‏,‏ ولذلك فلقد بدأت تستمع نفسها وتنسحب باتجاه القلب‏,‏ وكانت الروح تمتلك عددا لايحصي من المجسات مثل أخطبوط...
أجلس الآن بعيدا عن قريتى وأهلى ودارى وخطيبتى التى أعشقها منذ صغرى بعدما تعاهدنا على الزواج فور انتهاء امتحاناتى فى دبلوم الصنايع وسط ترحيب وفرحة أهلنا وناسنا الطيبين .. أتيت هنا إلى بيت خالتى فى المدينة البعيدة حتى أهرب من سطوة وجبروت تلك التى تصرعلى هدم حياتى بأكملها وتشكيلها حسب رغبتها الدنيئة...
وصل الخبر، توقف اللعب. مسح بوحنوش مخاطه الفوسفوري بكُمّه في حركة تشبه حركة عازف الأرمونيكا وتحرك تتبعه كتيبة من أطفال ليكتسح الجميع مراحيض المدرسة. - واش هنا؟ - لّا، فديك الجهه... دفع بوحنوش الباب بقوة ليفتحه لكن اللوح الخشبي، لم يتزحزح. - اخْرجْ يا ولد القحبه ولّا ندخل نوكّلها ليك. واش تتولد؟...
لم يعُدْ للعجوزِ فاطنة في الآوِنَة الأخيرة مِنْ موضوع للحديث سِوَى موتِ زوْجِهَا، كُلَّما زارتها جَارةٌ، أو زَارتْ جارةً، أو جلست مع مجموعة من النساء أمام أحد الدُّور عند الأصيل، تروي حِكايتهاَ. ها هي تبدأ، إنَّ بقية النِّساء لَيُصْغِينَ إليها بِكُلِّ اِهتمام رغم أنَّهُنَّ قد سمِعْنَ القِصَّة...
تركت مبنى الأريسكو حيث مكاتب مجلّة العربي ، بعد أن قدّمت مساهمةً ، وعبرت الشارع باتجاه جريدة السفير الواقع مبناها في نزلة السارولاّ... لا أعرف أسماء الشوارع في الحمراء ولا متى ينتهي شارع ليبدأ آخر . خبرتي في بيروت وشوارعها قليلة ، كل ما أعلمه هو أنّ تلك الشوارع تسحرني ، وتترك في وجداني انطباعات...
تلفت حوله في حذر.. وقد راعته مهابة المبنى . تتصدر واجهته أعمدة حجرية ضخمة، متوجة بزهور لوتس، أضفت رقة ونعومة على الحجر . وقبل أن يخطو، لمح عربة أجرة تقف أمام الباب العريض، مؤطر بثمانية مفتوحة الساقين على اتساع الباب، وتمس قمتها بداية الدور الثاني، المنساب في زرقة سماء، تسبح فيها على مهل رقائق...
كنتَ تظنني مثل عشيقاتك الفائتات، سأقبلُ بانمحاق كبريائي بين رحى غرورك، لا لشيء سوى توهمك عجزي عن الانفصال عنك، فأنا تابعُكَ الذي تستحضره بومضة ضوء وتمزّقه أشلاء بضغطة زرّ. أعلمُ جيدًا بغضك لي، أتلمسُ لك في بعض الأحيان سيلاً من الأعذار، فظهوري على نحو مفاجئ أفسد عليكَ العديد من نزواتك المحمومة،...
لم ألتق من قبل بشخص مغتبط بشكل مزمن هكذا ، إن مجالسة هذا النوع مقلقة جدا للمصابين بقنوط مزمن مثلي. ليس جيدا أن تقترب من شخص لا يشعر بالطاقة السلبية الكئيبة التي تشع في أعماقك كيورانيوم أسود. ومع ذلك كنت أرى في غبطته بصيص وجود للحياة التي لم استطع الإيمان بها الا غيبيا. قال لي صديق أربعيني قبل...
لملم أوراقه ببطء .. استدار قائماً .. نظر في ساعة الحائط .. بينما الشمس تنعكس من الزجاج .. يخرج نظارته السوداء .. من جاكت البذلة الرمادية , يرتديها .. يقترب من الدولاب .. يمسح بيديه ذات العروق الناتئة أحد الرفوف .. يمسك دوسيهاً .. تآكلت ألوانه الرمادية.. ينفض عنه التراب .. يحملق بعض الشيء.. نحو...
أعلى