نثر

لأنك آخر حكايات عمري وأجملها، فأنا أضيف إليها كل يوم سطراً جديدا، وأطلقها عصافير تبهج صمت سمائك، وأخرجك من خشوع العُبّاد، إلى مرح الطيور اللعوب، أو أطرزها خيوطاً ذهبية على حواشي ثوبك المسبل في وقار، أو أنسج منها وشاحاً يعانق جيدك في حنان عاشق، أعرف أنها تتيه بك الظنون، وأنت تترقبين نهاية...
لأننا ندرك متى ستسقط الشمس ومتى سيركلها القدر بقدمه صنعنا الفلك بمعلقات سوق عكاظ كي نمخر بها في بحار النفط وغزلنا الشباك بأحبال الخيام وقلنا للعالم أننا لانصطاد إلا يوم السبت رغم أن الشمس لاتدري مانخبئه لها وما نعرفه عن الطيور التي ابتلعتها في يوم قائظ وعن السحب المعبئة بالبكاء وانصهرت حين مرت...
كانت حياتك أقصر من سيجارة دخنها معلم على رواق قسمه بعجالة... وانصرف إلى تلامذته كان يجب أن تفسر الحياة بطريقة أقل تعقيدا من استيهامات الفلاسفة والشعراء... كان من السهل ان ترتئي مثلا إلى أن سبب الزلازل التي تودي بحياة آلاف البشر في سائر العالم راجع فقط لامرأة عجوز تدغدغ بلاط بيتها بمكنسة ...
1 كالعادة، يخرجُ من قَريته، متسلِّلاً في أول الليل، من دِويم إلى دِويْمَات و( كَمّْبُو) بخاصته. من خَرْبَشةِ مكانٍ إلى خَرْبَشةِ مكان بصدره. تخرجُ من نفسه بُثُور تَشْبَه النَّوم والتَّثاؤب. فيعرفُ أنَّه أول الليل، كأنما هو ظُلمةٌ تحيا بظُلمة صغيرة، جزءٌ من ضفيرة الظُّلمة الابدية، التي عرفها...
إنني أخشى أنه قد لا يختشي ويتركني لأطيح أنا فيها بمعاول المهنة ثم لا ينصاع أن يتمرَّد ويتوطَّأ في ثقته شموعاً ذائبةً لاهِبَةً، مما استفْرَغَتْهُ محميَّاتُنا المتفسِّخَةُ على حوافِّ التهيؤ والنقص والصِّفر والسديم والنقل والكَسْر والتَّقريب والعدول. ولا يمهلنا حتَّى إلى العُشرة، وما نكاد نُنَطِّقُ...
لعلني أدركت أن كل خطواتي التي خطوتها أمست جداولا تفضي إلى شلالات هادرة من الشوق كنت لا أدري مالذي يجعل قدمي خفيفة عائمة كلما اتجهت نحوها ولا أدري مالذي يدفع جسدي وكأنه مشدود في شراع تدفعه الريح كيفما تشاء كنت أمخر بقدمي على يابسة تتفجر ماءا من خلفي حتى وجدتها ذات مساء واقفة في شرفتها تحصي...
منذ زمنٍ ليس ببعيد، كنتِ طائراً حُرّاً، يجوب الفضاء العريض، والآن أنت حمامةٌ آمنة، في عشّها الوثير الوطيد... حينها بدأنا نتهجّى لغة الحُبّ، وكأننا طفلان جمعتهما غرفة صفٍّ واحدة، تحكي لي حكاية فأحكي لك أخرى، أنت في مقتبل العمر، وأنا رجعت بخطاي للوراء، ومحوت سنوات النضج، وأفرغتٌ سلّة خبراتي على...
يحق للجميلات الغرور اسع اليها... فوق غصن الياسمين لن تقابل وردة تمشي نحو من طلب الرحيق فالجميلات .. زهور... وللجميلات حقوق ليس عند العالمين لهن ان يضحكن .. ان يبكين.. ان يرقصن... ان يهمسن... ان يرفضن.. ان يحطمن داخلك الخزف... وعليك ان تبقى منتبها..وتقبل بالغياب وبالحضور... لا تحاول.. ضبط ساعتك...
الحياة التي تكورت بترقب وتلونت قبل وجوب الخطر هي الحياة التي تتدحرج أمامي كل صباح كحبة طماطم ناضجة سقطت دون قصد من امرأة حامل كانت تتسوق أو وقعت من صندوق على عربة يدفعها رجل وفير الصحة الحياة التي لاتعرف سوى هذا السائل الأحمر الذي يحييها هي نفس الحياة التي يعتصرها الألم تماما كما تعتصر أنامل...
عناق لظلّ مارلا - مارلا! ما الذي صنعه بنا الزمان يا مارلا؟ هل تشعرين بالبرد يا مارلا؟ أما زلتِ تنامين في مواقف الباص وعلى الكراسي العابرة من تعبك؟ ما الذي فعلناه يومًا دون أن نلقي له بالًا يا مارلا حتى رمتنا الأقدار بهذه الطريقة البشعة.. كُل هذا البعد يا مارلا!! كل هذه الطرق المستحيلة بيننا...
تتَلألأَ بين ثُلمة شفاهك لألئ بديعة... وتلمعُ ابتسامتك كالفجر الرطيب.. نظرات عيناك تروادني عن فرحي .. تقتلعني من جذور هدوئي.. لتُنبتني من جديد علي أرض حزنك.. لكني أُدرك انك حين تموضعت علي هيئتك تلك – كآله اغريقي – لم يكن يهمك سوي ان تهب قلبي الارتعاش ليردد بينه وبين جنباته : إني ندمت.. ...
وتأملت فيها الحياة ككتاب لم يكتب بعد أليست سر التدوين.. . "أيها الغارقون .. تحلو بصبر الموت" قلت وفي قيعان التراب ممالك للصمت ومراكب حلم ساجية لم تعبر نهرا من قبل كانت طيفا فوق سماء شفاه باسمة في زمن العسل السدري.. كانت سنابل قمح.. للفلاحين الفقراء.. وزهورا للعشاق.. وبهوا لفلاسفة الوهم...
الزمان: الساعة الثانية صباحاً.. المكان: غرفة - ذات طابع بنفسجي – للمرة الاولي تتحول في ناظري الي لون كوبي قمئ.. وبالتحديد .. امام مرآة لم تكلف نفسها يوماً عناء اخباري باني اميرة زماني .. لم تسكرني قبلاً بمديح يكال لي بغير حساب .. ووصف جمالاً لا املكه.. دونما داعي.. لتفعله الان... وكعادتي ...
أتسلّقُ أحلامي إليك،أعرّشها على نوافذك العالية،مثل نبات اللبلاب،أعدتِ إليّ زينة الدنيا،بعيد أن تساقطت أوراقها في خريفٍ مبكّر،أعدتني إلى شغب الطفولة،وتهوّر الصبا وشغف الشباب،واختصرتها معاً في لحظة عمر.. ،هجرتُ قصائدي العالية،وتعابيري الفخمة،وأصخت بسعادة إلى أغاني صباح بالعامية المصرية...
الحياة كما أن لها جسدا لها أيضا ظل وجسدها هذا القبو الذي تسبح فيه كرات الدم في سباق لاينتهي وظلها هذه الكائنات الرخوة الهشة التي تجري لمستقر لها داخل الروح ونحن أشبه ببالونات منتفخة وملونة تطيرنا الأقدار ولانعلم من منا سيسقط على أسنة السيوف أو الرماح ومن منا ستلهو به الريح ومن منا ستتسرب...
أعلى