سرد

تذكَّر الآن أنَّ له أختا تكبره بأعوامٍ قَلائل ، سَاقَ القدر إليها رَجلا مُسّنا في عمرِ أبيها، لكنَّه طَيّب القلب، وفوق هذا وذاك موفور الثَّراء ، من صِنفِ الموسرين الذين تَربَّوا في العزِّ منذ نعومةِ أظفارهم ، أكرمها غَاية الإكرام ، وأغَدقَ عَليها من مَالِه ما عوَّضها فَارق السِّن ، وأنبتَ في...
قبيل مغرب تلك الليلة كنت عائدا من عرس أحد زملاء الدراسة ، هبطنا من ذلك الجبل ، في الطريق وقد بلغت نشوة القات الفاخر ذروتها قررت قتل عباس غالب زميلنا الذي كان يضايقني في الفصل ، قلت أخي الذي يرافقني : - سأقتل عباس غالب .. توقف عن المشي وسألني : - ايش قلت ؟! - سأقتل عباس غالب ، والله ما يمسي هذه...
شعرتُ بتعبٍ شديدٍ جراء التسكعِ لأكثر من ساعتين، مررتُ بكلِ الطرقات ،علّني أراهُ أو أجدُ ما يدُلني عليه. توقفتُ لألتقطَ أنفاسي تحتَ نُخيلة ، لقد ظللتْ تلك النخيلةُ جزءاً من كتفي الأيسر حتى منتصف فخذي ، حاولتُ الاختباءَ بجذعِها فلم تحميني. استجمعتُ قوايَ واستأنفتُ السيرَ ، وأنا دائبُ النظر في...
صوتٌ غريبٌ في المقابر. خَرفَشة واضحة، مصحوبة بطَقْطَقة تُشبه عِظامًا تَتكَسَّر. يقف يَتَسمَّعُ، وهو يخطو في هذه الساعة الفَجريّة. صَفير الكروان يتدرَّج صاعِدا من مكانٍ ما. نصف قمر في السماء، ينشر نوره الشحيح، يُظهِر شوارع ضيقة، على جانبيها مدافن مُسوّرة، تحكمها بوّابات ولوحات رخام بأسماء...
أرادت سمكة أن تواجه القرش وتقف معه ندا للند، تعجب القرش وقال: سمكة تنافسني وتتحداني وأنا ربّ البحر؟، دعا رفاقه وأعلن عليها الحرب، ولما علمت السمكة أن القرش سيشن على الأسماك حربا ، جمعت كل الأسماك و أطلعتهم بالأمر و قالت: القروش تريد إزاحتنا فلا بد من حيلة للحفاظ على وجودنا ، فجأة ، شاهدت...
تهبط من إحدى السيارات، التي دخلت الموقف للتو، تنجذب إليها الأعين. أربعينية، طويلة، بيضاء، تستر جسدها الممشوق بعباءة سوداء، و تتدلى خصلات شعرها الناعم من تحت طرحتها الخضراء، عيناها أخلصتا للضدين الأبيض الرائق، و الأسود الحالك، فأظهر اللونان جمال بعضهما البعض، و أضفا على عينيها سحرا و جاذبية،...
-(...ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) صدق الله العظيم..، أوصيكم ونفسي. احفظوا القرآن يحفظكم..، في رعاية الله، ألقاكم غدا. بمشيئة الله. انصرفت الفتيات، تهيأت إيمان هي الأخرى، بعدما جمعت أجراً رمزياً. تجمعه شهرياً مقابل تطوعها، كذلك تبرعات أهل الخير، وضعتها في مظروف أخضر، خرجت من...
أقترب منها بحذر، أعرب لها عن إعجابه الشديد بها ، ابتسمت له ثم تركته وانصرفت . كل يوم يبحث عنها كي يوطد علاقته بها ، فقد شغلت تفكيره مذ رآها اول مرة ، والذي يحيره أنها تبتسم ثم تغادر دون كلمة . أخيرا قرر أن يضع حداً لهذا الشعور بالإيجاب أو السلب. رآها من بعيد تصعد درج الكلية ، هرول في آثرها...
وقف في الشباك ينتظر إطلالتها التي صارت رحيق حياته والمتنفس الوحيد بعد يوم عصيب مليء بهموم ومشاحنات العمل. وأخيرًا، بدأت نافذتها الخشبية القديمة تنفتح ببطء لتكشف عن ذراعين شديدي البياض لافتي النظر، وكأنهما مصباحين نيون متوهجين، يشع نورهما؛ ليغويه ويناديه أن يرتمي في حضن تلك الجميلة الناصعة...
الـصـدمـة التـي تـلـقـتـهـا ســلـمـى اليـوم كـانـت قـاسـيـة! فـصـديـق والـدهـا ـالـذي تـنـاديـه عـمـو سـلـطـان_ حـاول أن يـقبـلـهـا عـنـوة كـان يـوصـلـهـا للـجـامعة كـعـادتـه كـل صـبـاح وهو في طريقه لعمله، فـفـوجـئـت بـه يـنـحرف بسيارته نحو شارع خـاوٍ مـن البـشـر ثـم يـحـاول أن يـفـعـل فـعـلـتـه...
وضعت على رأسي الوسادة بيد أن الصوت أبداً لم يكف عن نخر طبلة أذني.. تقلبت يميناً ويساراً لكن القطة العنيدة تجيد الملاحقة بصوتها الطليق.. ميو ميو ميو مياو.. مياو مييياااووووو استسلمت أخيراً ورفعت الوسادة البيضاء.. لكزتُ المصباح الصغير بإصبعي لأعرف كم الساعة، إنها الثانية صباحاً، ألا تنام تلك القطة...
منذ أحببت الوحدة وألفتها ، أصبحت أضيق كثيرا من الضجة التي لا فائدة منها ، يصيبني بسببها ألم حاد في رأسي عندما يثيرها زملائي في العمل حول أمور تافهة مثل مباريات كرة القدم ، واعتدت الهروب منها ومن روتين الجلوس على مكتبي بالعمل الحكومي باللجوء إلى المقهى القريب ، طلبا للهدوء الذي أستمتع فيه...
كنتُ أعيدُ صياغة برنامج حياتي ،وأسألُ نفسي أسئلةً جديدةًوجوديّةً ،ترى ماذا يريد الانسان ليكون سعيداً!؟ وحصلتُ على الجواب بعد الانفراد لمدة أسبوعٍ كاملٍ وحدي يريدُ أن ينام جيداً ،ويستيقظ بطمأنينةٍ يشربُ قهوته على صوت فيروز ويباشر عمله،وعليه أن يمشي ساعتين متواصلتين لأنّ الأفكار العظيمة تتخذ أثناء...
بحثَ وليد حالَما أستيقظ عن هاتفهِ النقال، انتهتْ محاولاته بالفشلِ. بدأ ينادي بصوتٍ عالِ على والدته المنشغلة بإعداد الفطور، استغرابها كان كبيرًا وهي تسمع منه كلمة النقال، قالت له: ربما تقصد هذا، وأشارت إلى الهاتف الأرضي. كان يظن أنها تمزح معه بينما نظرات والده نحوه أكدتْ أن هناك شيئًا غريبًا قد...
عندما عاد المعلم مقبول حسن من المدرسة في الظهيرة كان في غاية الإرهاق والجوع ، فمنذ الصباح لم يذق لقمة .! فتح باب منزله ودخل ، لم يجد زوجته وأطفاله ، شعر بارتياح لمغادرتهم إلى منزل عمه ، على الأقل هناك سيجدون الطعام الذي يشتهون . لم يتسلم راتبه منذ أشهر ، وحتى السلة الغذائية التي كان يستلمها من...
أعلى