من الوقائع ما يُوشك أن يُرسِّب في وجدانك أننا نعيش في مجتمع مُتهالك وآيل للسقوط، على الرغم من أنه لا يوجد مجتمع بلا جريمة، وأن هناك الكثير والكثير، لم يسقطوا بين براثن الاتهام. ولكنك في النهاية تتملكك الدهشة وتشعر بالرعب ولو للحظات.
جَنَّ عليها الليلُ ولم يَعُد زوجها عند مُنتصفه كما...
الزمان: 13/1/2018 - 1:45
المكان: السلطان - إسم كتب على لافتة الكافي الذي منه بدأت تسيطر على حياتي، تلك القادمه بقوة دفع رباعي نحو قلبي.
لم يكن مجيئها قبل هذه اللحظة يعنيني، وأنا أجلس مع رفقاء جمعتني بهم الحياة.
حتى وضعت أقدامها أمام طاولتنا وأول خطواتها على قلبي.
تبادلت التحايا مع الجميع...
"لا تناقش قضايا حياتك مع مهندس أبداً يا ولد"
هكذا أخبرني رجل كبير في السن قبل سنوات وهو يخرج مبسم الأرجيلة من فمه ليخبرني بذلك بكل جدية، ولا أعرف التجربة القاسية التي مر بها، ولكنني لم أتبع نصيحته حين اتصلت بصديقي المهندس لأخبره باقتراب موعد زواجي من نانسي. فهتف:
- نانسي من؟
أجبته: لا تعرفها...
امتنعت عني، حرمتني من حقي الشرعي..، لثلاثة شهور..، لا شيء يمنع من جانبي. تتهرب بأسبابٍ..، تتفنن فيها. حتى مللت، تجنبتها..، استبعدت فكرة إجبارها.. ( كل شيء بالخناق إلا فعل الحب فهو بالإتفاق )، خاصة أننا تزوجنا عن حب.. ما كان يشغلني. فيما بعد زواجنا..، بعد مفارقة الحياة، رحيلنا للأمجاد السماوية...
أصبح بطيء الخطى وئيد الحركة ، تأكد من ذلك وهو ينزل درج السلم الذي كان يطويه في الماضي؛ تحت قدميه صعودا وهبوطا برشاقة متناهيه ، خطواته أيضاً أثناء السير أصبحت كسولة ترجمة و تعبيرا عن نفسه العازفة ؛ عن المشاركة في أمور كانت تدعوه أقل منها أهمية وأتفه للاندماج وتأخذ بتلابيب نفسه منغمسا بداخلها...
مازلت اتذكر .. ومازال شيء من الخوف يحضر مع كل تذكّر .. فحين يقبل معلم التأريخ نحو الصف، كنت أرقب خطواته من خلل الشباك حيث كانت رَحلَتي وزميلي، وكلما اقترب من الصف، كنت أسمع تلك الأصوات المخيفة التي تحيطه وتتقدم معه، حتى كنت أخاله مذياعاً يبثها .. حمحمات خيول وقرقعة سيوف ودوي مدافع ونداءات...
مثل القطط تأكل وتنكر، عندنا منها واحد احترنا في أمره، لايكف عن النونوة صباح مساء؛ باتت تعتقد أنه جني أو مؤاخي أحدا منهم، حين مات البهلول الكبير؛ أطلقوا عليه "أبو قرن"لأنه عتيق في الحياة، منذ ما يقارب مائة عام وهو يدب في أزقتها، يعرف كل ما خفي وكثيرا ما لعب بالبيضة والحجر؛ لم يترك ماعونا إلا قلبه...
كل ما يشغل باله هي حليمة , إبنته الكبرى , التي من المفترض أن تتزوج بعد ثلاثة أسابيع , سوف يحتاج فيها إلى مصاريف وتكاليف كبيرة لإتمام الزواج .
خرج مبكرا إلى مرسى القوارب , وبصحبته إبنه احمد , الذي يصحبه دائما إلى البحر للصيد , إذ كان الجو مناسبا تماما لذلك , وكانت الأمواج ساكنة , والرياح الشرقية...
تعودنا في كل ليلة ما إن يأتي منتصف الليل حتى نغط في نوم عميق ، لكن الليلة الأمر مختلف تماما.!
تخيل جاءوا بإنسان إلى جوار منزلك وقاموا بتعذيبه ، ويظل يصرخ ويتألم طوال الليل فهل ستستطيع حينها أن تنام ، أو تجلس في بيتك براحة وهدوء ؟!
بالضبط هذا ما حدث ، لكن مع فارق بسيط وهو أن الذي يتعرض للتعذيب...
مستلقيتان في حديقة صفراء قرب كيس النفايات الذي كتب على وجهه وبخط واضح هدية الحاج (نصر المنصوري دامت بركاته).
كل واحدة منهما حملت قطعة من الجبن المنتهي الصلاحية، ورغيفا صلباً له صوت مزعج حينما يطبقان عليه بأسنانهما، وتحت مطر خفيف. تضحكان وتبكيان، تضربان بعضهما، ترفع كل واحدة ثوب الأخرى، تارة...
تفتح صندوق الذكريات تقلب فى الصور، وهى بمريول المدرسة والضفائر، يطالعها التفاخر والتعاظم، كم كان وجهها جميلا يشع نضارة، صورة لها فى إحتفالية بعيد الأم كم كانت رائعة وهى ترتدى ثوب أيض يشبه ثوب العرس الذى لم ترتديه، إنهمرت دموعها كالمطر، صورة أخرى وهى فى نضارة الشباب ورحلة للهرم، تتدافع الصور...
بعد أن تناولت الغداء في المطعم فوجئت بشاب من العاملين في المطعم يقف أمامي ويسألني وهو مضطرب :
- أنت الأستاذ محمد مصطفى العمراني كاتب القصص ؟
- نعم .
صافحني بحرارة وقد أكتسى وجهه بفرحة عارمة ، وحين طلب مني الانتظار لثواني قلت : ربما يريد التقاط صورة معي ، من المؤكد أنه من القراء القلائل للعبد لله...
((1))
المشهد ليلي .. رؤية ضبابية .. المسرح يعج بالجماهير, فجأة , تُطفأ الأنوار .. وتفتح الستار, مطر, ضباب , صقيع , أصوات عالية , هتافات, هنا وهناك , صور ممزقة , فوضى عارمة , الناس في كل مكان , أتوا من كل صوب وحدب, والشوارع مُلأت عن آخرها, وجوه كالحة عابسة , حزينة , ووجوه ناضرة , ناظرة , وهي...
وقفتُ جامداً أمامه لدى وصوله وأنا ألعب مع أصدقائي في الشارع قرب الدار حتى صرخ في وجهي، يؤكد حضوره بهيئته التي تزداد بعداً عن ذاكرتي خلال كل فترة أبدأ اعتياد حياتي دون وجوده فيها، انسقتُ وراء خطاه العسكرية إلى الداخل مطأطئاً الرأس.
يهصر أمي إليه بقوة، كفاه تمسحان ظهرها وخصرها، بالكاد أبعدت وجهها...
كان مساء من مساءات فصل الربيع من شهر نيسان، بعض الغيوم كانت تسير بسرعة، تلفت نظر الطيور التي تحلّق على ارتفاع لا بأس به، على يمين الممرّ في الحديقة العامّة مقاعد حديدية أشبه بالمقاعد التي توجد في محطّات القطارات القديمة، أشبه بكومة حديد صدئة من مخلّفات الحرب، على أحد تلك المقاعد كان يجلس...