سرد

أرسلت الشمس وسط جزر من الغيوم القطنية المتناثرة شعاعاً أضاء واجهات المحال التجارية بلونها القرمزي. نزل من غرفته الواقعة في الطابق الثالث وهو يركض على السلالم ويقفز بنقلات سريعة بحيث يخطو سلمين مع كل خطوة، حتى خرج الى الشارع واختلط مع صخب السيارات وحركة المارة، يدس يديه عميقا في جيبه وكأنه يبحث...
علامة فارقة سيجارته التي في يده ، معقود قِرانها منذ اول فجيعة المّت بروحه ، دخانها الذي يعبّئ المكان يرسمُ ذات المشهد دون خروج عن النص ، هما عنوانان – يده وسيجارته - لأيامٍ تعيد نفسها . ساقهُ التي اَلْقوها كيس القمامة بقيمة وطنٍ بخلَ عن لحظةِ اتكاءٍ له ، خيالهُ الذي يتكسرُ على الزاوية من الغرفة...
جُلُّ أوقاته يقضيه مُنفردًا في مكتبه كأنَّ شيئًا هامًا يشغله، وكلما فاجأته يُغلق أجندة يُطالعُ فيها شيئًا ما، ويُداوم على الفعل ذاته كلما انفرَد بالأجندة وكلما فاجَأَته. ساورها القلق، تبدأ في مراقبته، وجدته يضع الأجندة أمامه كلما جلس إلى المكتب، ويُغلق عليها درجًا خاصًا إذا غادَره، وفى...
واقفاً كنت فوق رصيف محطة قطار "طهطا" الأرصفة تتساقط عليها رذاذ مطرٍ خفيف والمحطة شبه خاوية , انقبعتُ في ثيابي , احتضنت حقيبتي , منكمشاً في نفسي من شدة البرد .... انا الان في شهر طوبى الوقت قبل شروق الشمس بدقائق, نظرت في ساعة المحطة , مللت الانتظار , توجهت لناظر المحطة أسأله عن تأخر القطار الروسي...
أرخى الليلُ ستاره الثقيل على مخيم الامعري الواقع جنوب رام الله،فَسَكنتْ البيوتُ المتراصة المُتعبة من شقاءِ الحياة وضنكِ العيش،ونامت الأجساد ُ المنهكة طلباً للراحة،لتصحوا بعد سويّعات على يوم لجوءٍ جديد،وفصلٍ من العذابات التي بدأت رحلتها قبل أكثر سبعة عقود،ولم تنتهي بعد... بيتٌ منزرعٌ في قلبِ...
الطعنة - 1 - القادمون من الخلف يفوزون دائما ويحرزون أهدافا جميلة ... هكذا يقول مذيع الكرة في التلفاز ... وهكذا يأتي الناس من الخلف ويطعنونك ... ليفوزوا ... وهكذا قال لنفسه قبل أن يغادر ويمضى إلى حال سبيله ... عقرب الساعة مستمر في الدوران ... لا يلوى على شيء ، وحذاؤه الأسود القديم تمزق نعله ،...
مؤكد أننا جميعا مررنا بهذه التجربة؛ نسطر خواطرنا أو ندون نتفا من سيرتنا الذاتية؛ ننقد شاعرا أو نسرد مقالة؛ نرسل بأوراق ذات قلوب أصيبت بسهام الحب، كل هذا يذهب مع الريح تذروه، إنها نتف صغيرة في عمر الكتابة الأولى تمتاز بحلاوة البدايات الجميلة، لكنها سرعان ما تختفي بين طيات الزمن، قد يعثر أحدنا على...
كانت سماؤنا صافية و شمسنا مشرقة وهاجة، حين رن هاتفي، وجفت من رنينه الصادم و استعذت بالله. آه، صديقتي مريم المرحة تدعوني لاحتساء كأس شاي معها، لم أمانع فأنا احتاج هذا اللقاء لتقليص كم التوتر الذي أعيشه هذه الأيام، بحثت عن معطفي وحقيبتي اليدوية وضعتهما بسرعة فائقة،لكنني لم أجد مفتاح سيارتي، بحثت...
لم تكن بي رغبة أبدا لحضور هذا الزفاف، لكن إصراره وإصرار أهله جميعا على اصطحابها معه؛ جعلني أصر أنا أيضا علي الحضور، ربما هناك سبب آخر أهم هو أني لا أريد أبدا أن ترافقه في سفر طويل ومناسبة مفرحة يتحرران فيها من وجودي، عرفت أن أمه استاءت جدا حين علمت أني سأشاركهم السفر، فرحتها بها واضحة لم تشأ...
ظَلَّ عمره يَتشوّق ابنا ، يَحمِلُ اسمه ويبقي ذِكره بعد فَناء، هَكذا حَال أبناء الطِّين ؛ لابُدَّ وأن يرَوا أثرهم بعد الرَّحيل عَلامةً عَلى الفَلاحَةِ ، فالجدران وأشَجار الكَافور والنَّخلاتِ المُعمِّرات أطلال تُكابِّر ، تُذكِّر الحَيّ بالميتِ ، الشيخ ” محمد الأبيض ” انتظر حَتّى احرقه لهيب...
في نفس العام، الذي تم تصنيفي فيه عالمياً.. كأحد أعظم ثلاثة معماريين.. تم أتهامي بتهم مارقة. ما أغربها، أمقتها..( تآمر على الأديان، إرهاب هندسي), التي شغلت الإعلام..،.. منع النشر عنها، بأوامر.. لا أدري مصدر قوتها، تراجع معظم المحاكم..، اعتذارها بعدم إختصاصها، إحتجاج إحداها.. الأكثر طرافة.. بأن...
١- لا ترجح الكفة يا صاحب ليس في كل رواية الشر يهيمن، المساء أنهار وجبال، نحن نحقن هذا النهر في عروقنا ونقدس عواء الجبال، الحرية عواء ونقيضها تغيير الموجة، هذه المدينة حافظت على حشرجة صوتها، صحيح أنه دميم ولكنه نال التثنية منّا، لا أعرف شيئًا أهم من أن يستبسل المرء لأجل صوته وقلبه، الصوت عليه...
حين وصل قاسم سعيد قريته " أكمة الغراب " بعد سنوات من الغربة في السعودية لم يخطر بباله لحظة واحدة أنه سيدفع ذلك الثمن الفادح لشقاوته مع تلك الطبيبة قبل أشهر .! نحن في منتصف الثمانينات لا هواتف ولا اتصالات ، الليل قد انتصف والجميع قد أسلموا أنفسهم لنوم عميق ، لا صوت سوى صوت بومة في الأكمة ، وكلاب...
خرجت ذات صباح ندي تلقفتني الساحة الدائرية والمطر الذي تحول فيما بعد الى نعومة كالدغدغة . ما زالت القطرات تلمع على الاشجار والعصافير تتطاير بنزق وثمة في الجانب الآخر صبيان يتقافزون كالارانب البرية يحملون الحقائب ويتناوبون ضرب كرة صغيرة ويهمون بعبور الشارع . لهفي على الطفولة وهي تغادر دفء الفراش...
لم آبه يوماً لحفل زفاف أو سرادق عزاء، كنت أعرف أن الأضواء ستنطفىء، والزينة ستختفي، وأن الجموع التي غالباً ما تكون غفيرةً عند الفرحة (عكس وقت الحزن) ستتلاشى وكأنها لم تكن، كنت أشعر أن كليهما أمرٌ عابر لأشخاصٍ عابرين لا مكان فيهما للصدق أو الحقيقة (إلا فيما ندر)، حيث يبدأ (الوجهان) في الظهور...
أعلى