نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
كل ما يشغل باله هي حليمة , إبنته الكبرى , التي من المفترض أن تتزوج بعد ثلاثة أسابيع , سوف يحتاج فيها إلى مصاريف وتكاليف كبيرة لإتمام الزواج .
خرج مبكرا إلى مرسى القوارب , وبصحبته إبنه احمد , الذي يصحبه دائما إلى البحر للصيد , إذ كان الجو مناسبا تماما لذلك , وكانت الأمواج ساكنة , والرياح الشرقية...
تعودنا في كل ليلة ما إن يأتي منتصف الليل حتى نغط في نوم عميق ، لكن الليلة الأمر مختلف تماما.!
تخيل جاءوا بإنسان إلى جوار منزلك وقاموا بتعذيبه ، ويظل يصرخ ويتألم طوال الليل فهل ستستطيع حينها أن تنام ، أو تجلس في بيتك براحة وهدوء ؟!
بالضبط هذا ما حدث ، لكن مع فارق بسيط وهو أن الذي يتعرض للتعذيب...
مستلقيتان في حديقة صفراء قرب كيس النفايات الذي كتب على وجهه وبخط واضح هدية الحاج (نصر المنصوري دامت بركاته).
كل واحدة منهما حملت قطعة من الجبن المنتهي الصلاحية، ورغيفا صلباً له صوت مزعج حينما يطبقان عليه بأسنانهما، وتحت مطر خفيف. تضحكان وتبكيان، تضربان بعضهما، ترفع كل واحدة ثوب الأخرى، تارة...
تفتح صندوق الذكريات تقلب فى الصور، وهى بمريول المدرسة والضفائر، يطالعها التفاخر والتعاظم، كم كان وجهها جميلا يشع نضارة، صورة لها فى إحتفالية بعيد الأم كم كانت رائعة وهى ترتدى ثوب أيض يشبه ثوب العرس الذى لم ترتديه، إنهمرت دموعها كالمطر، صورة أخرى وهى فى نضارة الشباب ورحلة للهرم، تتدافع الصور...
بعد أن تناولت الغداء في المطعم فوجئت بشاب من العاملين في المطعم يقف أمامي ويسألني وهو مضطرب :
- أنت الأستاذ محمد مصطفى العمراني كاتب القصص ؟
- نعم .
صافحني بحرارة وقد أكتسى وجهه بفرحة عارمة ، وحين طلب مني الانتظار لثواني قلت : ربما يريد التقاط صورة معي ، من المؤكد أنه من القراء القلائل للعبد لله...
((1))
المشهد ليلي .. رؤية ضبابية .. المسرح يعج بالجماهير, فجأة , تُطفأ الأنوار .. وتفتح الستار, مطر, ضباب , صقيع , أصوات عالية , هتافات, هنا وهناك , صور ممزقة , فوضى عارمة , الناس في كل مكان , أتوا من كل صوب وحدب, والشوارع مُلأت عن آخرها, وجوه كالحة عابسة , حزينة , ووجوه ناضرة , ناظرة , وهي...
وقفتُ جامداً أمامه لدى وصوله وأنا ألعب مع أصدقائي في الشارع قرب الدار حتى صرخ في وجهي، يؤكد حضوره بهيئته التي تزداد بعداً عن ذاكرتي خلال كل فترة أبدأ اعتياد حياتي دون وجوده فيها، انسقتُ وراء خطاه العسكرية إلى الداخل مطأطئاً الرأس.
يهصر أمي إليه بقوة، كفاه تمسحان ظهرها وخصرها، بالكاد أبعدت وجهها...
كان مساء من مساءات فصل الربيع من شهر نيسان، بعض الغيوم كانت تسير بسرعة، تلفت نظر الطيور التي تحلّق على ارتفاع لا بأس به، على يمين الممرّ في الحديقة العامّة مقاعد حديدية أشبه بالمقاعد التي توجد في محطّات القطارات القديمة، أشبه بكومة حديد صدئة من مخلّفات الحرب، على أحد تلك المقاعد كان يجلس...
خيّمتْ طبقة كثيفة من البخار المخمليّ على الوادي..
تكاد عروج السدر تعاقر قطرات الماء المتبخر..
كل شيء في الأفق يبدو لُجَيْنيا يتخلله فيء الأضواء التي تميس ما بين الضباب والبخار..
راح الزوج الروتيني يحاول خلق عُصْبة من النّجوم للّيل ليهدي لرفيقته مساءات رومانسية :
- ألا ترغبين في التسَوُّق..؟
-...
عادت من السوق في حالٍ لا تحسد عليه!
تحاشتْ النظرَ في وجهه بشكلٍ مباشر. ارتابَ من الأمرِ، وخشي أن حدثًا ما قد أصابها! حاولَ أن يستنطقها بأسلوب مختلف، قائلًا:
هل جلبتي لنا الفاكهة التي نحب؟! نظرت إليه، ردتْ بصوتٍ مختنق:
لا.
عندها أدركَ أن خطباً ما قد حصل لها، سيما في ظل كثرة التحرش التي...
الوقت مرايا مهشمة. مشارط الغروب تفتح الجراح المغلقة، و ترتل كتاب الحزن في قلب عجوز. على الحصير المتآكل بسطت المائدة. قرآن المغرب ينثال رخيما من الراديو. أبدا لم تنس وضع الزيتون و تزيين المائدة بصحن التين؛ كي يشق يحيي صومه بالعسل الرطيب. اتكأت على عصا قديمة، جثت أمام فرن الحطب القابع في ذيل...
تهب ريح عاتية شديدة، في عصر يوم ربيعي مثير للرمال والأتربة، أجلس في المحطة، أنتظر القطار الذي تأخر كعادته، أشرب القهوة التي يفضلها معظم أبناء جيلي سادة.
أمسك بهاتفي المحمول أمرر الوقت؛ فطلبت شقيقتي أسأل عن أحوالها.
تلمح عيني، في أثناء حديثنا، منظرًا صادمًا!
سألتها في استياء:
- ماذا يحدث في هذه...
لم يذكر التاريخُ
أن أمرًا عظيمًا حدث في مثل هذا اليوم
الثامن عشر من فبراير/ شباط
لم يولد نبيّ،
لم يَعُمّ السلام بين متحاربَيْنِ،
لم بتضاعف دخل أبي.....
لا شيء يُذكر
ليكون مبرِّرًا مناسبًا لأن يختاره كتاريخ لمولدي
فأنا- كما رَوَت أمي- وُلِدتُ قبيل انتهاء ليلةٍ مقمرةٍ ذاتَ صيف قديم...
اتخذت مجلسها على الصخرة وأرخت ساقيها تداعب مياه البحر ..
كان الوقت ضحى .. نظرت إلى السماء وتمتمت :
ماذا لو أستطيع أن أمسك الشمس وأديرها إلى روحي التي فارقتها شمسها منذ أن ضاع منها حلمها .حلم فقدت معه ذاتها وكل رغبة في العطاء .
حلم رسمته في خيالها منذ الطفولة ..منذ بدأت تتهجى الحروف وتكون منها...