سرد

خيّمتْ طبقة كثيفة من البخار المخمليّ على الوادي.. تكاد عروج السدر تعاقر قطرات الماء المتبخر.. كل شيء في الأفق يبدو لُجَيْنيا يتخلله فيء الأضواء التي تميس ما بين الضباب والبخار.. راح الزوج الروتيني يحاول خلق عُصْبة من النّجوم للّيل ليهدي لرفيقته مساءات رومانسية : - ألا ترغبين في التسَوُّق..؟ -...
عادت من السوق في حالٍ لا تحسد عليه! تحاشتْ النظرَ في وجهه بشكلٍ مباشر. ارتابَ من الأمرِ، وخشي أن حدثًا ما قد أصابها! حاولَ أن يستنطقها بأسلوب مختلف، قائلًا: هل جلبتي لنا الفاكهة التي نحب؟! نظرت إليه، ردتْ بصوتٍ مختنق: لا. عندها أدركَ أن خطباً ما قد حصل لها، سيما في ظل كثرة التحرش التي...
وصلني كتاب (استنطاق الذاكرة الأزلية للإنسان) كهدية.. قبلته، عكفت عليه.. حتى أنهيته، بنهايته قائمة بمؤلفات كاتبه. راقني عناوينها، اخترت معظمها..، أقتنيتها..، واظبت على قراءتها، اكتشفت كنزاً معرفياً.. لم أكن أتخيله. فالمؤلف أحد علامات علم النفس، أسطورة زمانه، زبدة أقرانه، فخر أيامه.. لعمق أبحاثه...
الوقت مرايا مهشمة. مشارط الغروب تفتح الجراح المغلقة، و ترتل كتاب الحزن في قلب عجوز. على الحصير المتآكل بسطت المائدة. قرآن المغرب ينثال رخيما من الراديو. أبدا لم تنس وضع الزيتون و تزيين المائدة بصحن التين؛ كي يشق يحيي صومه بالعسل الرطيب. اتكأت على عصا قديمة، جثت أمام فرن الحطب القابع في ذيل...
تهب ريح عاتية شديدة، في عصر يوم ربيعي مثير للرمال والأتربة، أجلس في المحطة، أنتظر القطار الذي تأخر كعادته، أشرب القهوة التي يفضلها معظم أبناء جيلي سادة. أمسك بهاتفي المحمول أمرر الوقت؛ فطلبت شقيقتي أسأل عن أحوالها. تلمح عيني، في أثناء حديثنا، منظرًا صادمًا! سألتها في استياء: - ماذا يحدث في هذه...
لم يذكر التاريخُ أن أمرًا عظيمًا حدث في مثل هذا اليوم الثامن عشر من فبراير/ شباط لم يولد نبيّ، لم يَعُمّ السلام بين متحاربَيْنِ، لم بتضاعف دخل أبي..... لا شيء يُذكر ليكون مبرِّرًا مناسبًا لأن يختاره كتاريخ لمولدي فأنا- كما رَوَت أمي- وُلِدتُ قبيل انتهاء ليلةٍ مقمرةٍ ذاتَ صيف قديم...
اتخذت مجلسها على الصخرة وأرخت ساقيها تداعب مياه البحر .. كان الوقت ضحى .. نظرت إلى السماء وتمتمت : ماذا لو أستطيع أن أمسك الشمس وأديرها إلى روحي التي فارقتها شمسها منذ أن ضاع منها حلمها .حلم فقدت معه ذاتها وكل رغبة في العطاء . حلم رسمته في خيالها منذ الطفولة ..منذ بدأت تتهجى الحروف وتكون منها...
عفوك العطوف سيدي، لم أكن لأجرؤ على التبجح في عهد الحرية أبداً، ولا التشكي من القوانين والإجراءات التي اتخذتموها للمحافظة على النظام والمد الثوري الذي رصفتُ كل آمالي طريقاً معبداً في انتظار قدومه، فقط كنت أتمنى أن يطول بي الحلم ولو قليلاً، علّي أنسى بعضاً من أبجدية اتهامات لم أفقه من معانيها...
لَيسَ تمَّةَ ما يُفصِحُ عن اَثَرِ مرورِها سوى رائحةِ العطرِ التي تتشظّى عند نافذتهِ ، نافذتهُ التي اَدْمَنَتْ الترقُّبَ بعينينِ وَجِلَتينِ لِمرورها ، تماماً كما اَفصحَ هذا الماءُ الذي تَسللَ الى رُكْبتيهِ عن نَهْرٍ حينما اَجْثَوْهُ عنده ، قطرةُ الماءِ التي كانت حُلُماً يَفتكُ بها سرابُ اللهاثِ...
المكان لايتسع لنا ، الغرفة الضيقة حيث نجتمع انا واخواتي ، لا اتذكر متى اتيت هنا او كيف اتيت ، الاخريات يشبهني كثيرا ، نكاد لانفرق بين واحدة واخرى ، الشمس لاتطلع على المكان ، ااااه متى سينتهي الكابوس ؟ يجب ان اجد حلا ؟ أأهرب ؟ لا لا ...العار ، الضياع ، الى اي جهة سأقصد ؟ ياالهي مالعمل ؟ اكاد أجن...
البروفسور نابغ خبيرٌ في مجال القوة "الكهرومغناطيسية"،كان يعمل مدرسا في إحدى الجامعات المرموقـــة،فعشق طالبة ً كانت تدرس في كلية العلوم في الجامعة التي كان يعمل بها،وتعمَّق العشق بين المدرس وطالبته حتى أصبح حديث الجامعة،وذات يوم،وأثناء التحضير لحفل التخرج لطلاب الكلية المذكورة،وفيما كانت الطالبة...
من حيث لا يتوقع حدثت المعجزة التي بدلت كل شيء، كان ذلك عقب زيارة ابن عمه المخرج التلفزيوني عبد السميع أول أمس، تغدى معهم ملوخية وأرانب، وبينما هو يأكل التفت اليه واللقمة في منتصف الطريق بين يده وفمه وقال له:" تيجي تمثل معي يا بهاء؟". هز بهاء رأسه بالموافقة من دون تفكير، أما أمه فبانت عليها...
بابتسامة مرسومة على شفتيه .. لا يعرف كيف يمنحها لكل مريض، وهو يوقن أن سويعاته في الحياة معدودة، وأن كل شيء يقوم به فقط.. لتأخير مهمة ملك الموت قليلا . تلك الابتسامة كانت تثير غيظ وضيق الحاج بطران في الأيام الطويلة التي قضاها طريح الفراش بغرفته المطلة على النيل في المستشفى. يتسائل : كيف...
اعتقدت أنَّ كُؤوس الحُبّ سَتصفو، وموائد الغرام ستظل قائمة لا تنفض، وأنَّ عهود العِشق والوفاء سَتبقى على حَالها لا تُمس، تَعاهدت هي و”حسن” صغار على الإخلاصِ حَتَّى نهايةِ العُمر ، لم يكتف منها بجَمالها الفتَّان ، ولا ذكاؤها المُتوقِّد ، وحِرصها على أن تُعمِّر بيته بخيراتٍ الدُّنيا تُعَاونه على...
ثمّةَ هاجسٍ ينتابني في هذه الأيام، أشعرُ بأنني فقدتُ القدرةَ على الكلام مع هديرٍ من الهذيان يضجُ برأسي. كانت آخر مرةٍ رأيتُه فيها منذ أسبوع، وهو يجلس في ذلك المقهى المظلم في السوق المسقف، لا أعرف ما الذي يعجبه في ذلك المكان البارد الذي يرتاده الحرفيون وذوو المحلات ! يجلس طويلا لعدةِ ساعاتٍ،...
أعلى