سرد

(انّه لم يتعرّف على أيّ ... منّا) قالت فاطمة لنفسّها وهي واقفة خلف نافذة غرفتها، تراقب عبدالله الجالس تحت شجرة الزيتون. فمنذ عودته من الأسر أعتاد كلّ صباح بعد إنهاء فطوره الجلوس على الكرسي المصنوع من جريد النخل، لا يفعل شيئا غير التدخين بشراهة، والاستغراق في عالم لا يعرفه أحد غيره. كلّ يوم يمرّ...
كتب لها أحبك، بعدها أطلق ساقيه للريح، لا يدرى هل مزقت رسالته، أم أخفتها بين دفتي كتاب، أم كومتها فى قبضة يدها، غير مبالية بالمكتوب فيها، وأطعمتها للريح، فى اليوم التالى إلتقت عينيها بعينيه، فاحتوته وإبتلعته، شوقها يماثل شوقه، فتحت له بوابات العشق، أحبها فتوقفت الأرض عن الدوران، يتكىء الصباح على...
زفرات اسى حارقة ، تملكت فؤادي .. استدار ظلي الي ادني موطئ قدمي، صرت مكشوفة في عراء تحت شمس لاهبة، لا احد يستطيع أن يمنحني ظلا جديدا للانطلاق ، و الافلات من وعثاء كابوس لازمني كطيف اينما رحلت ،../ تطاردني نظرات اوصدت ابوابها ، " بجرم علق بي ردحا من الزمن ،، لا امت له بصلة.. في ذاك العمر الزاهر...
يجول بناظريه في أنحاء القاعة، ويتفقد الوجوه القلقة.. عشرات.. وعشرات.. وكل يحمل رقما.. ولكن رقما واحدا فقط سيحالفه الحظ.. فهل يكون هو ذلك المحظوظ؟ يدس يده في جيبه، ويخرج قصاصة مطوية، يبسطها، ويعيد قراءة الإعلان: "شركة........... تعلن عن حاجتها إلى محاسب حديث التخرج.. ويشترط في المتقدم ....." تحين...
جاء في الكتب العتيقة أن كائنا غريبا سيخرج من جوف النهر؛بدأ العرافون يضربون الودع؛ فقد اقترب زمانه! أقسم أحدهم بأنه بعين واحدة؛ إصبع إبهامه أطول من قرن الخروب؛ أسنانه منشار عم شنقار! تلك حكاية ؛ تطوع أحدهم وأخبرنا بوصفه؛ رأيته؛ كم كان طيب القلب! يتغدى بشطيرة خبز ووعاء لبن من بقرة حمراء فاقع...
كان لدينا عنترة والزير وابن ذي يزن يرطّبون ليالينا في بلاط الحكواتي ، ويداعبون خيالنا المتجفّف ، وكانوا يُعيدون إلينا ماء الوجه ، إزاء القهر والقنوط والنكسات المتتالية والهزائم المنكرة ، فنقوّم شاربَنا المتدلّي ونرطّب نهايته بلعابنا ليشرئبّ كمنقار الباشق ، فنعود رجالاً على نسائنا فقط ، ونعِدُ...
أشار قائلا الى من تأخر خطوة خجلا : هشام صديقى مهندس مدنى، هنا اليوم لتهنئتى بعيد ميلادى، حدثته عنك أول دفعة البيولوجى، معزومين انا وانت فى افخم المطاعم، شكرته على العزومة، وكرم الضيافة، هامسة فى أذن المضيف : ماذا قال لك عنى ؟ بعدها توالت اللقاءات، ونشب الحب سهامه فى قلبيهما، فى أقل من عام...
اقترب النبي منها بوجل وبعد أن حنى رأسه قال: - إلهتي المبجلة .. على طرف لساني كلمات تأبى إلا أن ألقيها أمامك .. هل تسمحين ؟ كانت الإلهه تنظر عبر النافذة حينما التفتت لتقول: - تكلم أيها النبي .. أراك قلقًا كأنك لم تنم منذ سنين. فقال وعيناه متقدتان من الوجد: - لماذا يا مولاتي حينما عرفتك ولد في...
هبط الليلُ على الفضاء حولي، وخيّم على بيتي الكارتوني الملأى حيطانه وجدرانه بالثقوب والتشققات، حين بدأت أسأل أين عساني ذهبت؟! لم أدر ِ متى كانت آخر مرة رأيُتني فيها، ومنذ متى لم أعد اليّ. كان بيتي خاوياً مني، لكنني شعرت بافتقاده لي. لم تردعني الظلمة التي زحفت على المكان بسرعة، عن البدء بالبحث...
البنت الصغيرة، إسمها فرحه، أبعد ماتكون عن الفرح، عاشت فى بيئة متواضعة، متوسطة الجمال، بداخلها طاقة إيجابية من الحب، تكفى العالم وتفيض، توقفت عند الشهادة المتوسطة، كانت ترغب فى الجامعة، لكن المسافة بين ماترغبه والإمكانيات بعيدة، محبتها ورقتها، تضفى عليها جمالا، تفتقر إليه الكثير من البنات فى...
مرّ وقت طويل جداً وما يزال واقفاً بجانب النافذة، منصتاً لصوت المطر المنهمر بغزارة. لم تكن لديه الرّغبة في الخروج من المنزل. تمنّى أن يمضي اللّيلة قربها. يشرب قدحاً من الشاي منتظراً رحيل اللّيل بهدوء، بعيداً عن الخوف والتّرقب من هذا المجهول الذي ينتظره في الظلام. - هل تتركني وحدي؟ أيّقظه صوتها من...
لم يكن يشغله سوى رغبته في التعرف على موقع الممر ، ولكن المعالم القديمة اندثرت تماما ، اذ كان هناك شاطىء رملي تتناثر في أرجائها جحور الكابوريا ، وبقايا أعشاب وقناديل بحرية قذفت بها الأمواج ، وكانت عشة البوص تقع في مواجهة صخرة مرجانية تخترق حافتها المدببة الماء على بعد رمية حجر من الشاطىء ، وكانت...
تراكمت السنوات على وجهه، صارت خطوطا ومنحنيات تشبه دروب حارة المتاهة في كفر أبو ناعم الذي يقبع خلف شريط القطار الواصل بين دسوق وقلين بلاد يغطيها طوفان من الذباب والبعوض، الناس هنا تنام على وقع أقدام عساكر الإنجليز يتطوحون سكارى من خمارة الزغبي. أهل الكفر يخافون منهم على أبقارهم ونسائهم؛ يضعون...
دون الثلاثين بقليل جميلة، تابعها وهى تتنهد فى راحة، أغمضت عينيها وإبتسامة مقتضبة تداعب وجنتيها، طوى الصحيفة وشرب فنجان القهوة دفعة واحدة، حتى لا يشغله شئ عن التحديق فيها، المقهى يتخفف من الرواد، والشمس ترتدى حلل الغياب، متمسك بالحياة رغم قناعته أن الإنسان يولد ليموت ! وبين الميلاد والموت،...
قِـطط تعُـج فضاء المدينة شرقا وشمالا. ! وتستعمر الازقة والزقاق غـَربا !بحيث تتجول فيه بتوأدة ! وتنتشر في والدروب والشوارع جنوبا ،؛ وتسترخي جسدها بغنج ؛ أينما شاء لها دون خوف من المارة ! ولا وَجـَل من الراجلين! إنها قطط فاسِـيَّـة : قيل أنها كانت تخاف من ظل طفل ! وتـَفـِر لحظة تصفيق أحَـدهم ! لكن...
أعلى