سرد

توقف قطار السادسة صباحا في محطة مصر ذلك الصرح الذي يشبه في كثير من تصميمه محطة لندن، تناسق بين أجزاء المكان، براعة في تشيكل قضبان الفولاذ، يبدو أن المحتلين كانوا يبنون لقرون تمتد، مضت ساعتان تقريبا، عندما خرجت من البيت والليل يلم أستاره، أدركت القطار قبل أن يغادر محطته التي تحمل عباءة الزمن،...
ومن معاني الهجرة ، ليس أن ترحل من بلد الى بلد ، بل من ذكرى الى ذكرى بما تحمله من أحداث وأحاسيس،عليك إذا، أن تقتلع من ذاتك شجرة كاملة من الأصوات والألوان المتصلة بكل منها،لإدراكك بأنها لم تسكنك، إلا بعد أن رمت في نفسك ،بتلك اللحظة الزمنية التي أنشأتها وجعلتها تلازمك. فالذكريات ليست بعض الأحداث...
عندما أرسل نزار قباني رسالته الشهيرة من تحت الماء، وصدح بها عبد الحليم متغنّياً بكلماتها، إني أتنفّس تحت الماء، إني أغرق، كانا كلاهما على البرّ. وتهيّأ لنزار إنه غاص في البحر، وتذكّر وهو يهوي إلى قاعه الفكريّ بأنه لا يعرف فنّ العوم، وظلّ يردّد، إني أغرق، إني أغرق، منتظراً من حبيبته أن تنتشله من...
يحلم دائما بالسفر الى " بلاد الجن و الملائكة" منذ ان قرأ هذه العبارة عند طه حسين،و اطلع على سيرته... هو الان موظف محترم ، ومولع بالكتابة ، نشر عدة درسات ونصوص بالجرائد والمجلات، وديوان شعر . خبت فكرة السفر الى باريس مع الانغماس في اجواء العمل و الالتزامات الاسرية . لكن خلال الفترة الاخيرة وضع...
احتشد المشترون في سوق النخاسة حيث كلّ بَخس بما لا يستحقّ يُباع، والأثمان تأرجحتْ ارتفاعاً وانخفاضا حسب قيمة الظاهر من المعروض، وما يُجيد العارض من وسائل الخداع والتمويه التي أجمع الفقهاء، في ذا السوق، على أنها حقّ للبائع مشروع بالاتفاق، ما دام الراغب أعمى البصيرة، من عماه لا يُميِّز الغثّ من...
رآها نائمة في حضن أمه المتشحة بالسواد مثل ليلة بقمر شاحب، كانت صفراء الوجه، ممصوصة الخدين كليمونة ذابلة، وفي عينيها الحمراوين يتحرك بؤبؤاهما يمنة وشمالا وهما تائهان. وكانت اللعينة "الكورونا" قد سيطرت كليا على سنتي عمرها فتركتها تتنفس بصعوبة، فيما أمها تمسح عن وجهها الذابل العرق المتصبب من...
الأولاد يقذفون الحجارة، فيرتاع الطير وتتساقط الثمار من فوق الأشجار، أعمدة النور شحيحة الضوء ومازالت اللوحة رمادية، عبثا تبدل الكؤوس ولا يطيب لها الشراب، تعيد ترتيب مواسم الغياب، فى غيابه تمدد الوجع وأكتسى القبح واجهات البيوت والشوارع، وطاولات المقاهى، إرتعش بين أصابعها القلم، وتراجعت الكتابة...
يتحدث بقوة فارهة عن الثقافة ويؤمن باستحقاقه لكل شيء حتى بالالوهية، المزيفون حوله خلقوه هكذا، لا ذنب له سوى اتباع أناه. لم يكن صديقنا عاديا، روائيا جيدا، لكنه يؤمن بالتوحيد في كل شيء، هناك إله واحد، هناك افضل وأجمل، فلا يؤمن بتعدد الجماليات وبالطبع هو ما يستحق الاول الافضل. ابن روائي مشهور...
قبل الحادثة بأسبوع تقريبًا، كنت هناك، أمرُّ مصادفة. أنظر من نافذة الباص على بروفات العرض العسكري، الذي يجري بهمة، وثمة خاطر يغزوني عند رؤيتي للآليات العسكرية، وطوابير الجيوش، أمام النصب التذكاري للجندي المجهول، هاجس ملح وتشاؤمي. لا أدري ما الذي جعلني أتخيل وقوف دبابة تحديدًا، واستدارة برجها...
أقدّم رجلا وأؤخر أخرى... فلا أنا وصلت المكان ولا عدت أدراجي، توقفت هنيهة لأحزم أمري لكن صعقني إيقاع الطبل الرتيب بضرباته المتتالية تردفها دقات طبل الطاسة النحاسية يمتزج الإيقاعان - معلنين عن رقصة برع* الثنائية - اقتربت غير مصدق أن جواس أعلن علي الحرب ! يهرع الناس عبر أزقة البيوت الطينية،...
إنها السابعة والنصف صباحا، هدوء يعم شواطئ البحر الكاريبي وكأن أمواجه في نوم عميق، ثمة نسائم تداعب أوراق الغابة المطلة على شمال المطار، وفي الشرق ما وراء سلاسل الجبال لم تبرز الشمس أنيابها بعد. برودة ساحرة ترحّب الضيوف وتودّع المغادرين، أجنحة طائرة تقارب ملامسة المياه ثم تنحدر نحو المدرج في...
كست وجهه سحابة الخوف و القلق، وهو يقول: - يا عمنا من فضلك لا تقترب. - ياولدنا لا تخاف ماعندنا أي نية سيئه تجاهك وتجاه عنزاتك.. كل ما في الأمر أحببت المنظر الجميل .الذي عاد بي لا شعوريا إلي الماضي ..وأحياء لتلك الذكريات الحلوة...اقتربت من الماشية ، حتى أخذ صورة تذاكارية مع منظر المرعى..هذا كل...
إنفرط الدر حين وطأت قدماه الأسفلت، وهجره للقرية الطيب أهلها والمشاعر النبيلة، حمل حقائب الأشواق، وإرتعدت فرائسه بعد أن هاجره الدفء، لا شىء سوى الوحشة والوحدة حوله لهم ضجيج صاخب يطحن عظام الصمت، بعدإفتقاده لحبيبته التى أدار لها ظهره وهى تلوح بيدها، المرمرية التكوين، ما عداها عدم، إبتسامتها تسقى...
استيقظ عبد السميع قبل الفجر بقليل. استغرب كيف لم يسمع صياح الديك. نفض عنه الغطاء، وأشعل المصباح، ثم ارتدى جلبابه، وتقدّم بضع خطوات، ووضع النعلين في رجليه، وخرج من الغرفة. أخذ آنية بجانب الحائط، وملأها بالماء من الخابية . أشعل الفُرن، ووضع فوقه الآنية. فهم لماذا لم يَصح الديك، فالسماء ملبّدة...
ثلاثينية اغوته بملابسها الملتصقة والتى تكشف اكثر مما تخفى، وتزوجته وهو العجوز الثرى فى ضعف عمرها، إشترى لها شقة فاخرة وأودع لها رصيدا بالبنك، عوضا عن سنوات العمر الفارقة والغابرة، كانت تعمل فى شركاته، صدته حين حاول التحرش بها، قائلة له : بالحلال رغم علمها أن لديه أحفاد من زوجتيه السابقتين،...
أعلى