تَسلَّل عِطرُها في هُدوءٍ ليُعلنَ فَجأةً عن مَجيئها. سَرَى العَبَقُ الزَكيِّ في أرجاءِ القاعةِ فالتوَت الأعناقُ تَحيدُ عن مُتابعة المُحاضِر المَاتع، واشرأبَّت إليها في شَغَف.
تَهادَت بين الصُفوف في شُموخ لا تَعبأ بهَمهمة الانبهار ولا بالعيون الفاحصة، بلغَت المقعد المُخصص لها الذي تَصادَفَ...
استيقظ من نومه مبتسما , فمازال يستشعر دفئها و يغمره سحرها ,جلس نصف جلسة أسند رأسه لقائم السرير , يقطف من حلمه الجميل وعند قطفة لذيذة قال : ماذا تريدين منى يا بلقيس ؟ كأن شمسا طلعت من بين الأمواج أضاءت عتمة عمرى , كان عناقا رطبا حانيا صحوت فلم اجدك بين يدى . عدت مرة أخر تسبحين وتركتنى ؟
وقعت...
تخطر في فستانها الوردي؛ فتضحك الشمس لشمس أخرى، ظهرت للتو في وجه البنت، الذي أشع منه الضوء، بينما راح شعرها الأسود الناعم يعلن عن وجوده بنشر العبير في أرجاء المكان. ثمة فناء واسع، يقع مباشرة أمام البيت المبني بالحجارة العتيقة، التي احتفظت بصلابتها رغم مرور السنين. للفناء سور عال...
لا يستطيع إخضاع القصة لرؤى وإحتمالات مسبقة لأنه يتحرك مع الشخوص، يعيش بهم ومعهم وكثيرا
ما يتركهم يتحركون بحرية فى سياق يختلف عما يرغبه، متفهم لأدواته وحرفية كتابة القصة التى كثيرا ما تأتى فى شكل مختلف وغير متوقع، لكنه مرضي للأحداث والنهايات،
قرب شاطئ البحر وعلى صخرة وحيدة جلس يتأمل اللوحة...
في البلاد البعيدة تهرب الجنيات المسلسلة بقيد حديدي، تمعن في التخفي وراء أشجار الجميز العملاقة، يقال إنها عند منتصف الليل وحين يكون الظلام شديد العتمة تتجول في الممرات الخلفية وراء البناية العتيقة المنزوية في العزبة القبلية، تشعل جدتي موقدها الحجري وتغذيه ببقايا أشجار الكافور التي نخرها السوس، في...
الوقت مبكر والضباب كثيف، قررت أن تبكر بالخروج لتضمن مكانا فوق الرصيف، رأت عمود النور منهكا يبث الضوء خافتا وكأنه يتثاءب، أيضا الرجل الأربعيني الذي يسند ظهره إلى العمود كان يتثاءب، رد تحية الصباح بصوت شاحب، ولم يلتفت إليها، وكانت السيارات القليلة التي صحت مبكرا، تمرق مسرعة، تومض لثوان قبل أن...
يركب الباص يوميا أو علبة السردين كما يسميه، لاتراه وسط الزحام إلا وهو مدفوعا مسحوقا مضغوطا
لا يستطيع التنفس حتى نزوله للمصلحة التى يعمل بها،
أناقته ضاعت فى الزحام، لمعة الحذاء إنطفئت، بذلته الوحيدة إتكرمشت، يمسح حذائه فى رجل البنطلون أثناء صعوده سلم المصلحة، الأسانسير للمدير وكبار الزوار فقط،...
استغرب النزلاء الضجة الكبرى التي أحدثتها صافرة الإنذار، و ترددت التساؤلات و الفرضيات ،
_ماذا يحدث؟
_ من يفتح لنا البوابة؟
_ من؟ ....
ازدحمت الأصوات و اختلطت الفوضى الداخلية بالفوضى الخارجية ولم يظهر أحد من الأعوان أو الحراس.
_ فرصتنا الأخيرة في النجاة، هيا نتعاون لاقتلاع كل الحواجز ...
كلماته تتماسك كلما توالت فى جمل مترادفة تسرى خافضة راجفة، فيسرى الدفء والطمأنينة فى أعماقها، تعيش الحب الذى عصف بها، وأستقبلته بطريقة الذوبان فى أول نهر يصادفها، وهى لا تعرف بعد العوم، مستسلمة لوقدة الحلم،
رسم لها لوحة فاتنة، ألوانها دافئة صافية، شموسها تشرق لا تغرب، أشجارها مورقة مثمرة نضرة،...
ضَربهُ الحنينُ إلى الماضي، فعاد ليقرأَ ما سَجَّلهُ في مذكراته من ذكرياتِ صِباه.
كانا يتلازمان ذهابًا وإيابًا لمسافةٍ تبلغ عدة كيلو مترات طَوال أيام وسِنيِّ الدراسة وسط حشدٍ من التلاميذ، وكانت وسيلة الانتقال الوحيدة هي الدَّواب (الحَمير) لمِن كان حاله مَيسورًا، أما باقي التلاميذ وهم كُثر؛...
عالم المصارعة الحرة ليس شبيها بالحياة، بل هو حياة بأكملها، تجد فيه كل ما يخطر ببالك من حوادث ومن قصص وهواجس ومشاعر : محبة وبغض، حقد واستحسان، أدب وتجريح، صداقات حد العمق وعداوات بلا حدود.
كان من عادتي ان اختار صويحباتي بتأن كبير وتمحيص اكبر، فلا أهب محبة قلبي الا لمن كانت اهلا له.
رغم انهن طيبتا...
ها أنا أجلس وحيدا منبوذا في برد الليل ، انتظر بفارغ الصبر يومي الأخير على هذه الأرض الفائضة بالأكاذيب والخداع ، أجلس خلف سور قصير في مزرعة أصبها التصحر ، أتأمل السماء من فوقي وهي تودع زرقة الليل الباهتة ، لتستقبل أول خيوط اشعة الشمس المطلة بحياء من خلف الغيوم ، لماذا يتلكأ النهار غير مبال...
بدأت الحكاية مساء الأربعاء... الكل يعود لمسكنه، بينما هو يسرع للمسجد الكبير في هذا المخيم، المسجد الذي إعتاد على خطوات قدمية في كل فجر ومغرب، ليكون من المشائين في الظلمات، أصحاب النورين، أدى المغرب حافيا... عاقد العزم على أن يغادر أيضا حافيا من أمام محراب بيته، مؤكدا ببصمات قدم الشهيد، وقد...
في الكون أسرار أهل الطريق لديهم منها الكثير لا يبوحون بها إلا لمن خلصت نيته، يعرفونهم بسيماهم، يتناثرون في الوادي والدلتا عقود جمان، يمشون بها، يفكون بعض ألغازها، شيخ مبارك يجوب الحارة عند منتصف الليل، يطرق الأبواب الغافية وراء السكون، يمسك بمفتاح منقوش عليه " لا غالب إلا الله" مخطوط من جلد عنزة...