الرأس تتمايل نحو الأسفل وصوت شخيره ينبهه إلى وجوب انتقاله من غرفة المعيشة حيث التلفاز والكنبة إلى غرفة النوم حيث فراشه العنيد الذي يأبى إلا أن يبقيه متيقظا في سهرة مملة وكأنه موصول بجهاز كمبيوتر يعمل بمجرد أن يشعر بتمدده عليه. ويبدأ الروتين عادة بتجوال عينيه في أنحاء الغرفة من وضع الرقاد مع عقل...
..لا الصوت ولا الضوء. أسرع منه, كلاهما عرفنا سرعته, ما أود السؤال عنه.., لم نتمكن منه.. فائق للغاية, عجزت عنه تصوراتنا, لا شبيه له في الأداء, منذ بدء الخليقة إلى يومنا.., مخترقاً كافة الأكوان.., ما بعدها, كبر شأنها أو قل.. أتعرفونه..؟
وجدتني انا وغيري نتساءل:
ــ أهذه محاضرة في الألغاز أم في...
في حارتنا باب خشبي كبير، دار عليه الزمن، جعلته الفئران ملهى ليليا، كنت أخاف المرور جواره، عليه تصاوير مفزعة، تسكن الشياطين البيوت العتيقة التي هجرها أهلها، سمعت عنه حكايات روتها جدتي؛ يوما ما كان يضج بالحياة، نوافذه كانت مشرعة، البنات الجميلات كن يترآين من نوافذه، شعورهن السابحات مثل اغصان...
خار مهزوما بعد مقاومة مستميتة لشمس حارقة وأرض جافة، ألقى فأسه، حاول تجفيف وجهه بكمه الذي تحول لإسفنجة مشبعة بالطين والعرق، لاذ بالشجرة الرابضة على رأس الحقل، رأى ظلها الباسم مقبلا، نهض حاملا عنها الجرة وبؤجة محكمة الربط، ارتكزت على ركبتيها نصف جالسة تفرج البؤجة عن أرغفة عجفاء، قالت بأسى: ثلاثة...
واصل سيره في خطه المسترسل نحو الأمام كالعادة ،توغل أكثر فأكثر، لاحظ شيئا ما ملقى على الرصيف شكله مغر،انحنى ليكتشفه .
آه! التقط الشريحة ، قلبها يمنة و يسرة، لا خدوش بها إذا دسها خفية في جيبه بعد تفكير و تأمل .
راوده الشك و بعض الهواجس فراح يسأل نفسه :
– ما الذي تحمله قطعة صغيرة كهذه، و لمن...
أحسَسْتُ أنَّ عقلي توقَّفَ عن الاستيعاب، أنَّ ذِهني لم يَعُد قادرًا على فصْل الخُيوط عن بعضها، أنَّ عَيْنيَّ ترى السَّطر الواحد من أوراق تلك القضية، سطرين أو ثلاثة، على هيئة تموُجاتٍ ترُوحُ وتجيء.
توقَّفتُ فورًا عن القراءة، فما جدواها إنْ كان من يَقرأ لم يَعُد يفْهَم ما يقرأ. رحِم الله عُمرَ...
لم أكن راغباً في السؤال عن المكان، فكرت أنه جارح لمشاعر أهله.
في البداية اعتقدت أننا في الفيوم، لكن لهجة عامل النظافة أخبرتني أنه من وجه بحري، أنا نفسي تعجبت من رجل ينحني كالنساء ليمسح بلاط النزل، سألته: في أي البلاد نحن؟
ظل منحنيا على البلاط ولم يرد. لكني كنت مهتما بالبحث عن إجابة.
أين أنا...
تساءلَتْ في صراع يستعر بداخلها:
"هل أستبدل ميكانيكي بطبيب؟! ماذا يقول الناس والأهل والمعارف على عتبات بيوت القرية؟! هل يشمت بي طليقي وعائلته؟!"
تجلس وحيدة تصارع حيرتها، لا تقوى على اتخاذ القرار؛ تعلم أن الناس سوف يلوكون سيرتها كثيرًا، لكن ليس في مقدورها التوقف عن التفكير، لم ولن تحجم عن الانشغال...
كفرس جامح يركض لاهثا في صحراء شديدة القيظ خلف سراب لا يراه احد سواه . يجر قدميه ، يخطو بوهن في رمل ساخن خلف الذي يخايله، وأنا كنت أعدو خلفه بخطى متسارعة ، أحاول دائما أن أصل اليه لكنني دوما لا استطيع ، يردد في أذني : سأصل في هذا العام... سأصل في العام القادم .
: لا تقلقي لقد قربت المسافة ، سأحصل...
بغير يقين ما، وليس على أي درجة من التأكد، ما زال على وضعه هذا. ورغم عدم احساسه بالتعب أوخدر القدمين، فهو يدرك أن وقوفه طال أمام هذا الباب.
لماذا يقف هنا؟ لا يدري. ولماذا هو دون كل البشر يقف هذه الوقفة؟ هو باب وليس بوابة إن كنت من هواة تأنيث الأشياء، فالتأنيث يقتضي رقة ما، غير أن هذا الشيء متين...
لا سبب لكتابة هذه القصة. سوى أني تعبت.. من كثرة حكيها, لكل من سألني. لمّ أسميت ابنك بهذا الأسم..؟, هاهي بين أيديكم, كما حدثت.., لكم الخيرة في فهمها..
انتقل إلى إدارتنا زميل.. سمعنا عنه كثيراً, بناءاً على رغبته. أصبح بيننا, تأكدنا من أخلاقياته, التي يتحاكى بها الجميع, بعيداً عن الأساطير, سوف...
تلفت فإذا كل من يقف على الرصيف ينظر إليه؛ تعثرت خطواته؛ بدا عليه الارتباك؛ تساءل:
أكل تلك العيون مصوبة ناحيتي؟ أسرع في مشيته؛ كادت قدمه تخذله!
الساعات الأخيرة؛ وصية أمه؛ تلك الأحلام التي ترفرف أجنحتها في خياله! الناس يتذكرونه؛ لقد كان حديثهم عنه الليلة الماضية دافئا؛ ترى ما الذي دعاه لأن يعود...
لسنوات ظلت في حقيبتي القديمة، ملفوفة بعناية في غلافها الأزرق ، فكرت أكثر من مرة في فضه لكنني اكتفيت برائحتها التي أصبح بإمكانها أن تغير طقس المكان وأن تخرجني من زمن فقد روائحه .
شغلني مصدرها : هل هي ميراث من جدتي التي كانت تعشق هذا النوع ، أم هي من بقايا ما تركته والدتي الراحلة وقد ورثت التعلق...
عجز عن إسعاد نفسه، وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن ينفض الغبار والفوضى من رأسه فلم يفلح،
تقلص الجمال وساد القبح فى كل شئ حوله، التلوث السمعى والبصرى حتى المرأة التى أحبها، والتى تشبه فى الكثير ثمر الخوخ، أصبحت كالورد الصناعى، لا طعم لا رائحة مصبوغه بالألوان، منفوخة...