سرد

ضَربهُ الحنينُ إلى الماضي، فعاد ليقرأَ ما سَجَّلهُ في مذكراته من ذكرياتِ صِباه. كانا يتلازمان ذهابًا وإيابًا لمسافةٍ تبلغ عدة كيلو مترات طَوال أيام وسِنيِّ الدراسة وسط حشدٍ من التلاميذ، وكانت وسيلة الانتقال الوحيدة هي الدَّواب (الحَمير) لمِن كان حاله مَيسورًا، أما باقي التلاميذ وهم كُثر؛...
عالم المصارعة الحرة ليس شبيها بالحياة، بل هو حياة بأكملها، تجد فيه كل ما يخطر ببالك من حوادث ومن قصص وهواجس ومشاعر : محبة وبغض، حقد واستحسان، أدب وتجريح، صداقات حد العمق وعداوات بلا حدود. كان من عادتي ان اختار صويحباتي بتأن كبير وتمحيص اكبر، فلا أهب محبة قلبي الا لمن كانت اهلا له. رغم انهن طيبتا...
كان يوماً مَهيبَاً عمَّتْ فيه الدَّهْشَةُ ، غمرتْنا فيه سحاباتُ التعجُّبِ من تصاريفِ الزَّمانِ وتقلُّبِ الأحوالِ . فبعدَ أنْ كان البيتُ المواجِهُ لبيتِنا مِلْكَاً “لعبد التواب” الرجلِ المعروفِ بالورعِ والتقوى ، الذي عاشَ وحيداً صامتاً ووافتْهُ المنيَّةُ فجأةً ولم تكنْ له زوجةٌ ولا...
ها أنا أجلس وحيدا منبوذا في برد الليل ، انتظر بفارغ الصبر يومي الأخير على هذه الأرض الفائضة بالأكاذيب والخداع ، أجلس خلف سور قصير في مزرعة أصبها التصحر ، أتأمل السماء من فوقي وهي تودع زرقة الليل الباهتة ، لتستقبل أول خيوط اشعة الشمس المطلة بحياء من خلف الغيوم ، لماذا يتلكأ النهار غير مبال...
بدأت الحكاية مساء الأربعاء... الكل يعود لمسكنه، بينما هو يسرع للمسجد الكبير في هذا المخيم، المسجد الذي إعتاد على خطوات قدمية في كل فجر ومغرب، ليكون من المشائين في الظلمات، أصحاب النورين، أدى المغرب حافيا... عاقد العزم على أن يغادر أيضا حافيا من أمام محراب بيته، مؤكدا ببصمات قدم الشهيد، وقد...
في الكون أسرار أهل الطريق لديهم منها الكثير لا يبوحون بها إلا لمن خلصت نيته، يعرفونهم بسيماهم، يتناثرون في الوادي والدلتا عقود جمان، يمشون بها، يفكون بعض ألغازها، شيخ مبارك يجوب الحارة عند منتصف الليل، يطرق الأبواب الغافية وراء السكون، يمسك بمفتاح منقوش عليه " لا غالب إلا الله" مخطوط من جلد عنزة...
كولن ولسن كاتب بريطانى، لا يكتفى بالقشرة الخارجية، يغوص داخل النفس البشرية، بمشرط جراح ماهر، يعرف دقائق النفس وآلامها، كيف تقرأ له تلك الفتاة التى لا يتجاوز عمرها الربع قرن ؟ إنه وهو الأكبر سنا، يجد صعوبة بالغة فى قراءته، ملامحها تفتقر للجمال، لكنها تتسم بذوق رفيع وتناسق رقيق فى ملابسها،...
مبدؤه الأول.. (أعظم عصابة مكونة من شخص واحد.. يخطط, ينفذ, يحصد, يحفظ سره.. فلا ينال منه أحد) مبدؤه الثاني. بيدك أن تجعل الآخرين. يتحدثون عنك بما تحب. مهما كانت سريرتك وأفعالك.. لمبدئه الأول.. أستباح أموال الآخرين, أثري أيما ثراء, لم يكتشف أمره أحد.. ولمبدئه الثاني.. أنفق بسخاء. ليقترن ذكره...
لحظاتٌ متسارعةٌ تمر وربما من أجمل وأسعد اللحظات سحبني برفق أول مرة تلتها سحبات لافتة. إنحنيت قليلًا. إصرارًا ممزوجًا بتوسل أثار استغرابنا، لمحته على وجهه. - ببيبيتي تسلم عليكم عمو وتريدكم . اليوم غدانه سمج. فدوه عمو. حبوبي عمو لازم تجونّ. والذي زاد استغرابي إعادة توسلاته باللهجة الخليجية وكأنه...
لم أعبأ أثناء سَيْري بشارع سعد زغلول المُزدَحِم إلا بمَوضِع قدَمي، يكفي أنْ أمُرّ بسلامٍ من بين المُتسَكِّعينَ وهُواة الفُرجَة على "الفاترينات" كنتُ قادمًا من المنشية مُتعجِّلاً لألحَقَ بموعدٍ هام في فندق ما بمحطة الرمل. يَدٌ تَمتد من الجهة اليُسرى فتَلمس كتَفي، لم أُصدِّقُ ما رأيت،...
بالأمس في ساحة واسعة قريبا من المدرسة، حيث درستُ وحيث تعلمتُ أصل القراءة وأصل الكتابة وأصل الحساب وقفت طويلا. على جنبات الطريق ألوف من الزائرين أتوا من زمان بعيد. هذا أبو بكر يمشي الهوينى. عصاه التي بيديه كمثل عصاة أبي وعيناه مثل أبي. حسبته هو. مشيت إليه وقبلته فاستفاق ومد يديه إليّ. سلام عليك...
صدمته تجربة الحب الاولى فى حياته، او كما يسمونها التجربة البكر المتعثرة، التى اعطاها الكثير من قلبه وعقله، واورثته الهموم وهزت كل كيانه، كتب فيها ديوان شعر حروفه تقتر وجع، استقبله القراء بحفاوة بالغة، انه الحب الذى فجر فيه كل هذه القصائد، وهو ايضا الذى كاد يكسره، لولا ثقته فى الحياة انها مازال...
سبعة وعشرون عاماً، أربع روايات لم تنشر. هو عمره الاخير. أول رواية كتبها. كانت "إبداع البرتقال", والثانية "ميراث الأرواح" والثالثة "تناسخ الأفكار".. كانت رائعته الأخيرة "رغبة التفاح". دفن وحيداً.. في مدفن جديد لأسرته. بجواره شجرة برتقال جافة. لم تثمر من قبل.. في العام التالي. أثمرت الشجرة. ثمرة...
رغم الاجواء الباردة التي لفت تلك الليلة،فقد طفى على السطح مشهدان من مشاهد ليالي المخيم العنيد الذي إعتاد أن يُكَسِّرَ مجاديف الموج والريح،الاول لأدهم،الثاني في الفرسان الاشقاء الاربعة الذين يسهروا لينام المخيم بأمان،فقد تجمعوا هم وبعض رفاقهم خلف موقدة النار يحملون بنادقهم بانتظار الغزاة ...
وقف مشدوها لاهثا أمام فتنة السكرتيرة الثلاثينية، جمالها وحده لا يخصها إنه جزء من الهبة التى تجلبها إلى العالم عليها أن تتقاسمه معه، إبتسم لهذا الخاطر، وهى تستلم منه مصوغات التعيين تكبره بسنوات خمس أو أكثر قليلا، أخرجته من شروده لها حضور إنثوى من الصعب تجاهله قائلة : مر فى الغد كان لابد أن يخضع...
أعلى