سرد

اجتاز نادر خان بوابة القاعدة الأمريكية في( كابل)، ولم يخضع لتفتيش أو أي اعتراض من الحرس الرئيس، لقد أُذِن له بالدخول لأنه يحمل معه ديكاً أحمر الريش! لو أنَّ ذلك حدث في الأيام العاديَّة لكان ذلك غريباً بالفعل، ولكن الأمر لم يكن كذلك في ذلك النهار الصيفي لأحدي أيام الجمعات. ولكن البداية كانت...
وزَّعَتْ الشُموع المُعطَّرة في أرجاء الصالون العابق برائحة الورد، الذي تَصْدحُ في فَضائه موسيقى "ريمسْكي كورسَاكوف" (شهر زاد). اعتنَتْ كثيرًا بزينتها وملابسها، حاولَتْ القَفز فوق الدَّقائق في انتظاره، تساءَلَتْ: لماذا رفضَ إرسال سيارتي الخاصة له لأكفيه عَناء المواصلات العامة. قبوله...
..لا الصوت ولا الضوء. أسرع منه, كلاهما عرفنا سرعته, ما أود السؤال عنه.., لم نتمكن منه.. فائق للغاية, عجزت عنه تصوراتنا, لا شبيه له في الأداء, منذ بدء الخليقة إلى يومنا.., مخترقاً كافة الأكوان.., ما بعدها, كبر شأنها أو قل.. أتعرفونه..؟ وجدتني انا وغيري نتساءل: ــ أهذه محاضرة في الألغاز أم في...
بعد ليلة طويلة قضيتها في بحثٍ شاقّ استحوذ على فكري وأذهب النوم عن عيني، بكّرتُ في الخروج إلى المكتب، فاجتمع عليّ في الطريق غبشُ الضباب الذي لفّ أجواء بغداد أمس والتعب وقلّة التركيز بسبب الأرق.. بعد عمل ساعتين في المكتب، قررتُ الخروج لمراجعة دائرة حكوميّة في منطقة «الشوّاكة» بجانب الكرخ من بغداد،...
فى أحد شوارع القاهرة الكبرى كان يسير متجهمًا كعادته ، تاركًا قدميه تقودانه إلى حيث توقف أمام المقهى البلدى بحىِّ الحسين ، وقد مازجته رغبته الكبرى فى فضح البشرية . ( تقول التقارير إنه وعندما خرج من بطن أمه كان يبكى كثيرًا ، لكنه كفَّ عن عادته تلك عندما تحدرت الدموع من عينيه فوق شفاه قومٍ لا...
يتحسس الخُطا، وببطء شديد يتحرك على إيقاع نغمات هادئة، يتمايل بجسده وهو يراقصها ليلة الزفاف، يمسك بها بحرص شديد كأنه غريق يتشبث بطوق نجاته، اتسعت ابتسامته أوسع من شحمتي أذنيه، عاهدها أن يكون وأن يكون وأن يكون. لم يدر بخلد الحاضرين إلا جبال السعادة التي ستعيش فوق قممها تلك الفاتنة، أخذوا يرسمون...
لماذا يجب علي أن أصحو من النوم؟ حاولت الإجابة على هذا السؤال أكثر من مرة؛ ربما لأنني أكره الليل؛ ينسج حولي رداء من الظلام؛ تدخل الدنيا في ثبات؛ تزورني أطياف لا أكاد اتبين ملامح أصحابها، رجال لايرتدون غير الأقنعة؛ يتبين من عيونهم أنهم يدبرون لي مكيدة؛ أستدير جهة الحائط فتنشق الحجرة عن مغارة...
كان للسيدة العجوز مع زهرة نبتت على عتبة بيتها حديث الأم الى بنتها، فقالت: حدثيني إيتها الزهرة الجميلة ،، لماذ توقفت عند هذا المكان المظلم،، كيف ترين الشمس من هذه الزاوية البعيدة ، ليتك كنت سنبلة تطفئ موجة الجوع المتوحشة،،لماذا أتيت لوحدك الى ارض العطشى ،، السنابل وحدها صنو الحياة ،، لماذا أسرعت...
صفحةمن مذكرات مدمنة تائبة ، روحي طلعت وأنا بفتش على شغل، كان وقتھا لي سنة سنتين وأنا ضیفة ثقیلة على البیت ومستھلكة منتظمة للموارد. المهم.. من حنان الصدیقات وحبھم لي البعرفو وبقدرو جداً، كل كم یوم كده بیرسلوا لي "رابط" إعلان عن وظيفة ، وكان آخر إعلان جد مُشجِع، مفصل علي بالملي، فقمت استعدیت...
يهبط السلم بتمهل شديد، تنقر عصاه رخام الدرجات بإيقاع بطئ، يتناسب مع ما يستغرقه من زمن بين كل درجة و أختها، يخترق سمعه صراخ الجارات، و صخب أطفالهن، و صيحات السكان الجالسين أمام الشاشات عقب إحراز هدف في مباراة، اشتعلت للتو. تقبل الأصوات عالية مزلزلة من خلف أبواب الشقق الموصدة. يبتسم ابتسامة...
الساعة العاشرة ليلاً وأنا على عجلة من أمري ، أريد العودة إلى منزلي فقد تأخرت والسماء بدأت تمطر وبرد صنعاء على أشده ، برد متوحش يغزو مفاصلي ويلفح وجهي ، أوقفت سيارة أجرة ودون أن أفاوض السائق بالأجرة فتحت الباب ورميت بنفسي على المقعد ، أخبرته بالمكان الذي أريده فهز رأسه ومضى بصمت . بدأ المطر...
قال لي فتى في السابعة عَشْرة: ما لك تُدِيم النّظر إليّ، كأنّك تعرفُني، يا شيخ؟! قلتُ له: أعرفُكَ وتُنكرني، يا فتى! قال: وأين عَرفتني ومتى، وأنا لا أتذكّرُك؟! قلتُ: التقيتُك قبلَ سبع وعشرين سنة، مِن يومِ النّاس هذا.. كُنّا -أنا وأنت- رفيقي دَرب، أو قل: كُنّا واحداً، إنْ شِئت! تعجّبَ الفتى قائلاً...
في طريق عودتي من طبيب الأسنان مساءً، مِلتُ إلى مقهىً معروف بجانب الكرخ من بغداد. اخترتُ أن أجلس خارجاً، رُغم القَرّ والصِّرّ.. اتَّكأت على الأريكة بفراشها الوطيءِ الوثيرِ.. وضعت رِجلاً على رجل وأخذتُ نَفَساً عميقاً من هواءٍ مُنعش لم يُكدّره سوى نُسَيمات دُخان من أركيلة جارٍ على طاولة قريبة...
وجد نزارغالي بعد أن أُغلِقَ باب القطار أنه الراكب الأخير. توقف هنيهة ليستعيد أنفاسه ثم بدأ بالتخطي في الممرات باحثًا عن مقعد رقم 26 وما أن عثر عليه حتى ألقى بجسده عليه مادًا يده في جيبه الشمال ليتأكد من أن المسدس ما زال في مكانه. انتبه للفتاة الجالسة قبالته والتي كانت تنظر إليه بطرف عينيها وهي...
(1) وكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها،أخذ يمضغ القطعة تلو الأخرى من الكيس البلاستيكي المتأرجح في يده اليسرى، السرور يجتاح عالمه الطفولي، والدهشة تزغرد في عينيه، أثناء عبوره أزقة السوق الريفي، بدكاكينه التي تبدو أقدم وجودا من "ود النَمِيِر" و "سلطان بلد الضُلُّمه"، وكل تلك "الحجاوي" التي تشعل بها...
أعلى