سرد

المظلة والمعطف الطويل والثلج وشعرها الساكن على الاكتاف.. هم فقط السائرون في الشارع الطويل الخالي من الناس.. تسير ولا تأبه بالثلج الذي يضرب مظلتها بنعومة...تسير لعلها تجد جوابا لاجوبة تغلي في جوفها المحترق...وتتلقب في رأسها الاستفهات الكبيرة...ترى هل وصلت معه الى نهاية الطريق.. ؟؟هل إنتهى كل...
في اليوم التالي لوفاتي، حضر كل نساء العائلة لزيارتي كما تقضي التقاليد. كان ثمة لغط وضجيجٌ وعويلٌ بدد هدوء القبر، فتململ جيراني، وداخلني بعض الونس، ميزت صوت زوجتي ملتاعاً ممطوطاً -يا سااااابعي...يا جاااااملي...سبتنا لمين يا خويا؟! هنروح فين، وهنعمل ايه بعدك يا غالي أطرقت موجوعاً، واستبد بي الحزن،...
لن أستنجدَ بأحد، سيقولون إنّني خرَّفتُ وسيخبرون أولادي، وهؤلاء لن يرحموني من عتابهم القاسي. ابني الكبير، بحجّة عطفه عليّ، سيجد مبرراً لسوْقي معه إلى المدينة، وأنا أمقتُ السكنَ هناك بعيداً عن أرضي وبيتي، بيتي! كيف لي أن أستدِلَّ عليه في هذا الظّلام الدّامس... أستحقُّ ما أنا فيه، ما لي ومواعيد...
استند الرجل الخمسيني بيده على حافة الصندوق المعدني، مال على الصندوق محدقا في محتوياته، لم تفزع القطط الثلاث الباحثة عن رزقها. بدت وكأنها تعرفه، تألف ملامحه المكدودة وشعره الأبيض الأشعث. أفسحت القطط لكفه مكانا دون أن تخمشه، فشاركهن التنقيب، يقبض على كيس بلاستيكي لم تصل له القطط أو عافته، يرفع...
لم يظن يوما أنه سيكون حاكيا أو عابر سبيل مثل تلكم الفئة التي اتخذت جوانب وحواشي ظهره ليكونوا كُتاب عرائض او مدوني بيانات، مذ كان وجهه وسطح ظهره قد غطي بالتراب والحفر حتى ألبسوه حلة جديدة، كسوا عريه بعد أن داست عليه عشرات الآلاف من احذية ونعل مختلفة منها مستهلك كصاحبها ومنها ملمع كضاربي الابواق...
اجتماع سّري ( 1 ) جهّزت الحمّام لزوجها . أخرجت من الدولاب الخشبي ( قمباز الروزا الأصفر ) ، رشت العطر على الحطة والعباءة ذات اللون العجمي . بحثت عن زوج جرابات غير مثقوب . حكّت جبينها بإصبعيها تحاول تذكّر ما نسيته . تنحنح الزوج دلالة الانتهاء من الاستحمام . أسرعت نصرة لاستقبال زوجها تحثّه على...
في مَكَانٍ ما حيث وضَعت الطَّبيعةُ مولودهَا البِكر ، يَحبو نَحو النُّور ، بقعة ريّانة ما بينَ الماءِ ورِمالِ الصَّحراء الذّهبية، يتجلى الجمالُ كيومِ خَلَقَ الله الأرضَ وأرسى فِجَاجَها، لا يشوب الأجواء كدر من قُبحِ الحياة ، شَاء القديرُ أن تنمو تَحتَ لحافِ السّماء الفضيّ ، قصة حبٍّ خَالدة خُلود...
الليلة ليلة رأس السنة والمطر خارج نافذتهما التي وقفا من خلفها يرقبون إلتحام السماء والأرض بالماء، كأنه الودق، العاشقان اللذان اختارا مسارهما معا، ذلك المسار الذي يرفضه المجتمع دينيا وأخلاقيا، بينما تحتفي بذلك الاقتران كافة الأوساط والمحافل في العالم الأول، بل ومماثلوهما يتصدرون سدة دوائر صنع...
أيام طبرق1941 وضعت (عويشة) آلامها جانباً وأقفلت أبواب قلبها مؤقتاً، وتناست أو ادّعت تناسي (حَمَدّ) وجمعت صبايا العائلات المعروفة -أصحاب الحقاف*- لتجهيز بعضها لاستقبال العائلات القادمة من طبرق تقول عويشة: نحن في الخوف وفي المشقة واحد نقتسم ما نملك معهم حتى تنجلي هذه الغمة. هذا صباح مختلف على...
مر بالقرب من متجر (ديكاتلون) ، راهن على انه سيدخل بشرط ألا يطلب منه أحد الإدلاء بجواز التلقيح رغم توفره على نسخة منه . أما إذا فعلوا ذلك ، فسيغير الاتجاه إلى مقهاه القريبة من المكان . لبس الكمامة ، وأنزلها أسفل شفتيه ، انفتح الباب الزجاجي من تلقاء نفسه . مر بجانب رجل أمن يقف على اليسار . اتجه...
عندما كنت أمر على مقام الشيخ عثمان، يعوي جسدي من الخوف، تختلط في ذاكرتي الغضة كراماته، أكابد مشقة كبيرة في فهم تجلياته على أهل القرية، لا أفرق بين بطشه وقسوته كما سمعت، وبين بسط يده الحانية للنسوة اللاتي يشعلن الشموع ويحرقن البخور قرب عمامته الخضراء الملفوفة على شاهد قبره، حتى يرق قلبه لحالهن،...
اقترب الهجانة من "البربخ" ثمة قول: هذا المكان تسكن عنده الجنية التى خرجت يوم مقتل العمدة، ولأن الحكاية في ليالي الشتاء الطويلة تحتاج المسامرة، وتثير الخوف فقد انزويت في ركن السرير جوار الحائط الطيني ذي الرائحة العتيقة، والتى تشي بأنفاس أجدادي الذين سكنوا المنزل العتيق، جدتي ماهرة في السرد ،ومن...
فتح عينيه، وهو صغير، في مكتبة خاله، كان مدرسا للغة العربية وعاشقا للقراءة... مكتبته عامرة بدواوين الشعر و الروايات والقصص وكتب الفكر والفلسفة والتاريخ و حتى الشطرنج و الطبخ والموسيقى .. كانت الكتب مرقمة حسب تاريخ شرائها.. قال خاله أنها تجاوزت الألف منذ شهرين .. وخاطبه : إنها مكتبتك لأنك الوحيد...
لفحتني نسائم الوادي، المحملة بما تردده الجبال من صدى أصوات رفاقي،وهم ينشدون: حني... حني ياكمشة التراب عصدر البطل إللي مفارق الحباب أمي يا أمي قومي طلعي ع الباب وودعي آدم زينة الشباب جلست على صخرة أشيع قريتي، التي اقتلعت منها للتو، وأتأمل بيوتها الغارقة في وادي البؤس، المتكئة على ويلاتها، راح...
أعلى