سرد

الشياطين أيضا كانوا يعرفون خبر الأمطار الغزيرة المُحتمَلة. ليس ذلك غريبا، وكل النشرات والصفحات الرئيسية لمواقع الأخبار على النت؛ نقلتْ توقعات هيئة الأرصاد الجوية، وإعلانها من مساء الجمعة أن يكون الثلاثاء التالي هو الأسوأ، في ذروة الموجة الباردة التي تعصف بالبلاد. هذا الشيطان، الذي يهوى...
- ربما تستطيع اليوم أن تذهب لصرف المعاش .. حين فتح عينيه على ندهتها من الغرفة المجاورة كانت ساعة الحائط ذات البندول النحاسى تشير إلى التاسعة .. صمت للحظات وهو يستمع لصوت الرعد فى الخارج , انقبض قلبه لأن المطر لم يتوقف طيلة الأيام الماضية .. رد علها بأن الأمر ليس بهذه السهولة التى تعتقدها وراح...
يصيحُ بألمٍ ، صداع...صداع، يضعُ كفَّ يدِه اليمنى بشدةٍ على مقدمةِ رأسِه ثم ينقلُها على مؤخرةِ رأسِه ، يستمرُّ الألمُ وهو يتوجعُ ويتمتمُ بصوتٍ منخفضٍ صداع... صداع، تقفُ أختُه الكبرى الحكيمةُ بأوجاعِ الرأسِ وهي تنظرُ إلى ضوءِ الشمسِ يلمعُ في جانبِ العتبةِ على سطحٍ زجاجي، تسألُه كأنكَ تعرضتَ...
دائما ما كان يمثل أبي شخصية ناجحة متفانية ومنضبطة ليكون بذلك مصدر فخر واحترام بالنسبة لي وبفضله كنت انا ذلك المدلل الذي لم يتجاوز وقتها سن المراهقة ووالدتي نتمتع في بحبوحة من العيش الكريم ولم يكن لدينا ما ينقصنا على الاطلاق ، فأبي يحمل شهادة عالية في ادارة الاعمال واحد الناجحين في عالم التجارة...
شعلة في بداية ثورات الربيع العربي شاهدت البوعزيزي يُضرم النار بجسده و يهرع بلا وجهة على الطرقات ، منذ ذاك الحين و أنا أفهم أنَّ الثورة هي أن تشعل فتيل النار في داخلك، و تركض عبثاً في جميع الاتجاهات. نجاة كما أن الشمس تشع كل إشراق قد هُيأَ للقلب أن يكون قلباً كانت الرؤية مجروفة خارج نطاق...
كان على الموت أن يأخذ روحاً صغيرة، لطفلٍ صغير، في مدينةٍ صغيرة، في مكانٍ ناءٍ على سطح كوكب الأرض. في اليوم الموعود نزل، نظر في ساعته فوجد أن الوقت لا يزال مبكراً، وكان مكتئباً جداً فقرر أن يتسلى قليلاً، فتنكر في هيئة عجوزٍ بلحيةٍ بيضاء كثة وشعرٍ مسترسلٍ بلون الثلج، تمشى قليلاً عبر طرقاتٍ غير...
هل قابلت يوما سيده استحقت لقب أمراه استثنائية ؟ حين طلبت مني صديقتي أن أحضر إحدى حفلات الطبقة المخملية، في سفارتنا بالخارج وألقي بكلمة حول المرأة ودورها في المجتمع، قبلت بعد إلحاح منها لأني في الحقيقة لا تستهويني مثل تلك الحفلات. . دخلت القاعة على استحياء، ابحث عن مضيفتي التي كان من اللائق...
جلباب مهلهل مثل أيامه، شعر أشعث متشابك يكاد يكون كفروه خروف، وجه ضاعت ملامحه بذقن وسواد وجه.... يدفع بنفسه ضد الرياح التي قلبت كيانه رأسا على عقب، أسقطته فتطايرت الأوراق التي يمسك بها وهو يصرخ.... اللعنة ما بك تدفعين بي أولستِ ممن باركتي حوله؟؟ اولستِ احد الذين عمدتهم بالماء المقدس؟ أولستِ من...
متعب جدا باستحضار كلمات أغنية... كانت يوما تملأ الفضاء الفاصل بين نافذتي وشرفة الجيران، مطلعها يلحّ على تلافيف دماغي ويدور في ظلام المكان، افتقاده لنافذة يجعله أشبه بقبر... ليس القبر بمصطلح مناسب لهروبي المؤلم، لأعود إلى الأغنية، انشغالي بها أنساني قدميَّ المتورمتين. ومرت الأيام نعم تذكرتها...
ما إن دخلت الى حجرتها ، حتى تذكرت هذا النفق المظلم الذى كانوا يعودون منه وهم فى طريق العودة الى بيتهم .. كانت ترتعب حين يعبر القطار المجرى ويهز فوقهم سقف وجدران النفق .. فى تلك اللحظة يصبح النفق أجمل مكان فى الدنيا .. يضغط على يدها ، يترك كفها ويلف خصرها بذراعه ، يهبط بذراعه وبكف يده يتحسس...
بنى له بيتا خلف أشجار التِّين الشَّوكيّ في حقل مهجور بظاهِرِ المدينة. مسكنٌ من غرفة واحدة، سقفُها من قصب وسيقان النباتات، فوقها ألواح من المعدن والحجر، بينما تتدلى منه، في الداخل، رزم بها ملابس وفواكه جافة، تتمايل معها أنسجة رقيقًة مهلهلة تصيد به العناكب طعامَها. وعلى الأرض حصير، وفراش محشو...
كعادتي جلست أختم صلاتي علي سجادتي، جاء صوت بكائه المعهود، علي مدار اليوم يأتيني صوته من العمارة المجاورة لعمارتنا، منذ شهر و هذا الصوت يطربني، يحدث فيَّ شيئا لم أتوقف له إلا في هذه اللحظات، أمسكت بنفسي و أنا متلبسة بهذا الشعور، أيبكي هو و أنتشي أنا! لِمَ؟ تذكرت أني في كل مرة يصلني صوت بكائه...
كانت الحياة على هذه النقطة من الأرض باهتة كصرخة طفل أصم، تفوح منها رائحة الفناء. حياة ذابلة كأوراق الخريف على أرصفة الصبر، ولولا وقع خطانا وصرير أحذيتنا ولهاث أنفاسنا ودقات قلوبنا المتدفقة لأعلنت الحياة عن نهايتها. انها رحلة الموت المؤجل. قبل ان تنشف الدماء التي سالت في حرب عبثية راح ضحيتها...
أزيز الصراصير من حولي غطى على الصمت لتبدأ حواسي في الاضطراب و ذاكرتي في الصحو لتعود بي إلى إثنين وثلاثين عامًا إلى الوراء .. أنه الكابوس المختبىء في زوايا العتمة وفي صمت الجدران وتحت الجفون .. الأزيز يعلو كالموسيقى المنبعثة من الملهى المطلة إحدى واجهاته على النهر .. والآخر على مقبرة...
كانوا قد أزالوا أشجار الكافور العتيقة، ليمدوا سورًا حجريًا يحجب الترعة عن عابري الشارع الذي رصفوه وجعلوا اسمه طريق النصر. كنا نسميه الكافوري، ونهرب إليه من حر البيوت لنذاكر في ظل الأشجار، أو نعبر الجسر الخشبي إلى الناحية الأخرى من الترعة، حيث نخلات قليلة متناثرة عند الحقول. لم يكن لأي منا حقل...
أعلى