سرد

" لا يستمتع بمحاكمة الكمال إلا أصحاب النقائص" كان الجلوس بصالة الانتظار في عيادة طبيبة الأورام مثير للقلق، ومع دخولها برفقة والدتها لتلك الصالة، اصبح الانتظار يستحلف الزمن ليمضي ببطء حتى يلتقط هذا صورتها خلسة، وترسل تلك خبرها حصراً على قروبات الفراغ. كانت تعلم ان الأخبار في هذا البلد تنتشر...
يوشك أن يعنف ظله ذاك الذي كان شاهد عيان لمسيرة حياة شائكة وضبابية المعالم وهو يحتضن كيس تبغه، لم يكن يحسب أنه في يوم ما سيركن الى كرسي هزاز يشركه شعوره بموج البحر الذي نال من حياته الكثير، قد يكون عشق غربة البحر وكثرة الصراع مع امواج عاتية ليل مظلم، رفقة لا تخلو من أنانية وغصة تمرد، عصب عيناه...
كعادتي كل يوم أطفئُ أنوار غُرفتي وأضع رأسي علىٰ وسادتي لأخلد للنوم، قبل أن تجتاحني ذكريات مُوغلة في الحُزن. صعدتُ الحافلة بتؤدة وجلستُ وحيدًا إلّا من لحظة يتيمة تتكرر أمامي دومًا. وجهكِ العجائبي، ذاك وجه لم أرَ مثله وأحسب أنني لن أراه أيضًا مرة قادمة! ولِأوَّل مرة أعجزُ عن رسم خريطة...
تلك السيدة الكبيرة في السن، أم وأخت لابنها فادي. تعامله مثل معظم الأمهات المصريات كأنه طفل صغير، تخشى عليه من ابتعاده عنها ولو لأمتار قصيرة. لم أدرِ ما هذا الخوف الشديد عليه من أن يبتعد عنها هذه الأمتار البسيطة، رغم تجاوزه سن الأربعين بعامين. لم يتزوج إلى الآن.. برر ذلك بخوفه من أمه التي سيطرت...
(١) بدأتْ بطني في التّمدّد، أحاول تخبئتها، أجعلها دوما مشدودة بقماش؛ حتّى طُبِع عليها أثر واضح، أمنع نفسي عن الأكل، إلّا لضرورة قصوى، أنام عليها لتتبدد، وأستيقظ على تمددها، في كل مرّةٍ تفشل محاولتي؛ ألعن أبي فيها. شعرتُ بخطورة الموقف، حين أحسست بحركةٍ ما داخل بطني، تزداد يومًا بعد الآخر، شيءٌ...
في الصباح الباكر لأحد أيام الشتاء، فتحت باب الجراج لأجد إحدى إطارات السيارة قد تفرغ هواؤها، ترجلت على الرصيف على أمل أن تلحق بي وسيلة توصلني إلى عيادتي، بعد دقائق من السير أحجمت عن فكرة انتظار وسيلة، وقررت أن أتمشى قليلا ما دامت العيادة قريبة والوقت يسمح بذلك. الشارع مزدحم بالباعة الجائلين ومليء...
نزلتُ من المواصلات منهكا، تائها كعادتي، حائرا مثل البقية، هنا في باحة صغيرة خارج المتحف الوطني الكيني يستنشق الجميع الهواء الطلق من دون دفع أية ضريبة ... مارّة متألقون، سيارات فارهة وأخرى تعود لوحاتها إلى حقبة دانيال أراب موي، سمراوات تنسيك نظراتهن أحزان الليالي الكالحة، بطالة في كل مقعد وزاوية،...
لم تسر الأمور وفق ما خططت له. تعثر كل شئ وبت في نظر الكثيرين انسانا متهورا عاجزاعن تدبر أموره. كان بإمكاني أن أتحمل كل العواقب وحدي دون أن اعبأ بالأمر، لكن مشكلتي تلك اللحظة أن الآخرين سيشاركونني دفع الثمن. ماذنبهم؟ خرجت إلى الشارع باحثا عن اي شئ يسحبني لبعض الوقت بعيدا عن تلك الأجواء.كانت تلك...
كانتْ تقف ضمنَ الطابور الطويل.. الطويل.. الواقف بمحاذاة الرصيف تنتظر دورها علّه يأتى قبلَ أن يُغلَق الشُّباك. كانت ضئيلةً ممصوصةً كأنها عُودٌ يابسٌ في أرضٍ جدباء، لم ينزل عليها الغيث منذ زمان . اجتهد الزمان في رسمِ عَشَراتِ الخُطوط الدقيقة حولَ فَمِها وَفَوْقَ جَبهتِها وَخَدَّيها، وزاد في...
ترتدى ملابسها فرحة. عمها يعد حقيبة السفر. لقد استيقظت مبكرة رغم أن موعد قيام القطار فى التاسعة صباحا. زوجة عمها تساعدها فى ارتداء ملابسها, تعاملها – اليوم – معاملة حسنة على غير العادة. أخواها الصغيران نائمان مع أبناء عمها. هى الوحيدة التى اختارها عمها لزيارة القاهرة معه. ياه لقد شاهدتها...
بت أتساءل لم تظل القلعة أعلى الجبل تثير كل تلك الحكايات ؟ جميع سكان المحروسة يخافون منها، جن أحمر يصرخ في عتمة الليل، تبدو خاوية! هل ستبقى الأريكة دون أن يعتليها أتابك؟ تجري الخيول غير آبهة لما يدور في الحواري، نترقب موكبهم، يهتفون بحياة القادم شاهرا سيفه، أتسلل من بين الجموع، أبحث عن السلطان...
اُجبِرتُ - بعدما كُسِرَتْ ذراعُ ولدي محمد - على الذهاب للنادي مساء اليوم، ولا تذهبْ بنفسك الظنونُ أيها القارئ فتحسب – وأنتَ واهمٌ الوهمَ كلَّه – أن شخصا ما أجبرني على الذهاب، والحذَرَ كلَّ الحذر أن تكون متيقنًا أن زوجتي (زوجي) فعلَتْ ذلك!! كنتُ انتظر سارة حتى تنتهي من تمرين السباحة، وأنا لا...
-1- عندما أمسكت الهاتف الجوال وقرأت رسالته عبر المسينجر بعد انقطاع، قررت ان أرسل له آخر ماكتبت. وكان شيئا لم يكن. فهو مرشدي ودليلي وسيبقى هكذا بعث لي:صباح الخير يامتمردة !كيف حالك وحال أحبابك؟ واسترسلتُ أنا بالسرد الكتابي: هلا هلا أستاذ، سعيدة لأنك سألت عني في غياب تواصلنا قرأت عددا من...
عندما سمع الرئيس بأن أحد الجنود يرى عبر الجدران الإسمنتية ما يجري داخل الغرف، قال لهم أجلبوه فورا من الجبهة. في البدء لم يصدّق الرئيس أن يحقق إي أنسان في هذا العالم حلم طفولته بالنظر عبر الجدران ليرى ماذا يفعل الناس خلفها، ولاسيما في الليل، لذلك قال لهم أنه سيعدم الضابط الذي أبلغ عن الجندي مخترق...
بعدما تخلّى "س" عن شرب الخمر، لجأ إلى شراب التوسيرام. فقد شهدت الفترة الاخيرة توعية يومية من قبل بعض الملل أو النحل المتشددة، في التحذير منه وانزال اقسى العقوبات بمن يتعاطاه. كان يحسب أن ما فعله قفزة نوعية، وعمل شجاع لم يأت على بال أحد مثله من شاربي الخمر. وما زاده حفاوة بالفكرة، أن شراب...
أعلى