سرد

لا حديث للناس في مراكش إلا عن الصهد. عاصفة رملية تجتاح المدينة. عندما تمتزج كثافة الغبار بقوة الرياح الساخنة، وتسقط الأمطار، وتتهاوى الأشجار، ويتحول النهار إلى ليل، والناس تطلب اللطف من الله، يصبح الجو حامضا إلى حد القيء. الأخبار تنقل بأن شجرة سقطت على رجل بعرصة البيلك فمات. قال عبد الله وهو...
دخل الإشكيمو إذن المدرسة الخاصّة وأقام في المبيت الخاص التابع لها والتزم بأن لا يزور خاله في حيّ الزياتين إلاّ مرّة في الشهر. وكانت الثلاثون يوما تمرّ عليه ثقيلة، ثم صارت لا تعني شيئا فسرعان ما انخرط صاحبنا في شبكة علاقات أنسته الأخوال والأعمام وأنسته الأب والأمّ أيضا. قال: كنت أعتقد أنّ الهذبة...
(أحيانا تخوننا الحيلة، لأننا نحب بصدق) ------------------ تحدث معنا أحيانا أمور تكون خارجة عن نطاقنا و إرادتنا و لا نعرف اسبابها كما لا نعرف ماهي الحلول التي ينبغي إيجادها ، فقد يحدث أحيانا سوء تفاهم مع من نتواصل معهم و لأسباب نجهلها، حتى نقف على حقيقة أن الذي نتواصل معه اتخذ موقفا سلبيا،...
بعد أيام من بقائي في الفندق انتقلت للتو إلى هذه الشقة في الفيصل بالقاهرة ، ما كدت أستقر وأرتب ملابسي في الدولاب حتى طرق البواب بابي ، سلمني عقد الإيجار وأعاد لي الجواز بعد أن صوره ثم حك رأسه قائلا : ـ مش عايز حاجة يا أستاذ محمد ؟ ـ لا متشكر الشقة أستأجرها صديق لي ، وبدوري دفعت الإيجار ودفع هو...
ما أن عثر الجندي بوشار على حجر جديد حتى أسرع به ليفك شامبليون رموزه ، حجر آخر وُسِمَ بنقوشٍ لم تمحها نيران الزمن ، يعكف عليه شامبليون يسجل في أوراقه ما نطق به الحجر : فزع الصغير من نومه على صراخ أمه وهي تلتقفه وتحضنه وتجري به مسرعة في الحقول بين نساء وأطفال ، الكل يعدو بعيدا ، ورجال...
"وجاء يتهمني أمام المدينة وكأنها الأم، ذلك أنه يقول إنني مخترع آلهة" ‏ سقراط إلى حدود اللحيظات التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة، ظل المعلم سقراط محافظا على صفائه ورباطة جأشه وسخريته اللاذعة والعهدة على الرسام جاك-لوي دافيد، الذي خلده في إحدى أشهر لوحاته الفنية، مادا يمينه عن طيب خاطر وبثبات وعزم...
رسالة مفتوحة إلى شهداء فلسطين مأمون أحمد مصطفى كل حرف هو بالحقيقة بداية، وكل كلمة خطوة تسير لتقطع خط البداية، وكل جملة انطلاقة، انطلاقة للتحرر من قيود الجمود والتصلب، انطلاقة لا يعرف معناها ولا يدرك مغزاها إلا من رجف قلبه وهو بعيدا عن أجسادكم مع رجفات أنفاسكم وهي تجاهد الموت والمستحيل،...
في قاعة عرشه المزدانة يجلس على كرسيه الذهبي الصاخب ، تحت أقدامه أحراس بينهم بيدبا بلا قرطاس أو قلم ، وبخيلاء وعنجهية ينظر دبشليم نظرة قاسية فيصيب الحرس زعر في حين يرفع بيدبا ناظريه للملك مفتر الثغر في مهابة - حرقنا قراطيسك وكسرنا محبرتك ، وبلغني أن لديك جديدا ( يقول دبشليم ) يجيب الفيلسوف...
من هو على صواب؟ ------------------------- كنت جالسة أتناول وجبة الغذاء، و كانت الطاولة التي أمامي شاغرة ، و فجأة أقبل الإثنان معا، مرّا بقربي و هما يتبادلان الإبتسامات و اليد باليد ، جلسا ، أخذ هو القائمة الخاصة بأنواع الأكلات و المشروبات و المقبلات، و كانت هي تنظر الى مرآتها من الحجم الصغير، ثم...
(الحبُ لا يَفْنَى ولا يَسّقُط بالتقادم) وسامةُ المطربِ الشاب وخليطُ قسماتِهِ الأوروبية بمسحةٍ يعْرُبية! تركها فيه ميراثٌ طويل من الأجيال المتعاقبة، جيل يسلِّم لجيل وجينات مُتَوارَثةٌ لا تنقطع ، وصوته وهو يؤدي أغنيةخوليو إغليسياس ، سرى كل هذا بين المدعواتِ والمدعوٌّين كنسمات عطر ٍ توقظ الروح بعد...
جلستْ على حافة سريرها الضخم الشديد اللين، والغشاوة تكسو عينيها بعد أن كشفتْ عنها الغطاء فأحستْ بالبرد على الفور، وأصطكّت أسنانها، وذلك حينما بدأت البرودة تتسرب عبر كل إصبع من أصابع قدميها. ألقتْ نظرة في المرآة المُعلقة على الجدار، أطمأنت أن وجهها يبدو كما هو. دست قدميها في خفها الأخضر الزغب،...
تركني ساجدا، انطلق بسرعته، التي لا نعلمها، يقينا لا مقياس لها، اخترق غلاف الأرض، مجاهل مجرتنا..، مجرات أخرى..، في اتجاه غطاء كوننا المرئي، قبيل أرضية الكون الأعلى، على مرأى بصره، رأى ما يراه أمثاله.. جند القضاء والقدر متأهبة لملاقاته، حاول اختراقها، متجنبا صداما أزليا، هيهات، التدافع الذي حدث...
لا حديث للناس في المقاهي والبيوت إلا عن قرية في عمق الجبل. قيل بأن سكانها يعيشون مائة وأربعين سنة، ولا تعرف الأمراض إلى أجسامهم سبيلا. بعد هذا العمر المديد، يموتون واقفين مثل الأشجار. عبد السلام النحيلة كما يلقبه أصدقاؤه، قرر أن يتأكد من هذه الحقيقة بنفسه. قد يعثر عند هؤلاء على وصفة سحرية لوقاية...
"يا ربي ولد جميل يعوّض لي ما فاتني و يروي ظمئي ! يا ربّي مكتمل الخلقة أفرح به و أشارك به النّاس صغيرا ،يا ربّي يسندني كبيرا و يحمل نعشي في يومي الأخير !" ختمت نبيهة صلاة الصبح لذاك اليوم بهذا الدّعاء ككلّ صلواتها ثم سلّمت و نفضت سجادتها و غادرت غرفتها لتلتحق بالغرفة المجاورة. تشعر في هذا...
جثت "نورا" على الشاطئ، و راقبت بعينيها الشاردتين بيوت الرمل، التي شيدتها صغيرتها اللاهية، ثم انصرفت ببصرها، و انهمكت في تأمل فورة الموج، و الزبد. كان صدرها مثقلا بالهموم إلا أن رائحة اليود التي تسللت إلى صدرها ، منحتها شيئا من الانشراح، في حين لم يكف رذاذ الهواء الطري الذي تطاير في...
أعلى