سرد

<ج3 > النهر يجري .. يجري , فلتجر ايها النهر الابدي طافحا بمخلفاتهم وملغّزا بعضها في قاعك .. تتغير عليك الظلال .. تتغير اشكالها كل يوم وانت تتقبل تحولات اغصانها وجذورها ...الرسائل المعطرة الحميمية مطبوعة او مكتوبة بخط يدوي مع زهرات وقلوب حقائب السفر التي تهرات.... درّاجات الصغار الهوائية , بوقات...
زارتني ومعها كارت صغير وحقيبة هدايا أدخلتها إلى غرفتي، فأنا في حالة صحبة لنفسي اليوم؛ فلقد اعتدت أن أجالسها يوما من كل شهر. كانتا عيناها تلمعان وكأنها تعيش قصة حب، سألتها: لمن تهدين هذا الكارت ومن هو ذلك الفارس؟ ضحكت ضحكتها الناعمة ذات صدى الاتزان النفسي الذي أفتقر إليه، - بابي، أبي، بابا،...
في أعماق الليل حيث يلتقط قلق الأرواح و تأوهات الشجن ، تترقب الأحلام وجهتها القادمة . هنا في غمرة الظلام المتلبس بقمر صامت و نجوم مندثرة ، تتطاير الأماني المنكسرة ، تتلاشى ضحكات الأمال المغشاة بالبكاء . تنتشر الأحلام في خيوط الوهم و تتناثر كبريق القصص الخرافية الودودة ، تمضي حياتها كالنقطة...
في البيتِ الحزينِ . يجلسُ على الأرضِ واضعًا راحتيه على فخذيه. يطوحُ رأسَه يمنة ويسرة مبتسمًا . تعلو ضحكتُه عاليةً كلَّما سمع صوتَ القطارِ الذي يمرُّ من المحطةِ التي يطلُّ عليها بيتُهم . تنظرُ إليه أمُه في أسى ؛ فلمْ يعدْ الآنَ ذلك الجسدُ الصغيرُ الذي كانت تحملُه . صار اليومَ رجلاً لكن لا تتعدى...
استيقظ كعادته في الآونة الأخيرة بوجه شاحب وعين منتفخة من أثر الأرق والنوم المتقطع، لا يكاد يكمل أربع ساعات متقطعة . دفع الغطاء وذهب إلي المرحاض يتوضأ، ثم عاد فصلى وذهب إلى المطبخ ليعد الفطور، وكان يرفع شعار (الجودة بالموجودة ). جبن وأعواد جرجير وما تبقى من خبز الأمس ، تناول الإفطار والظهر أوشك...
في طلعةِ تسوّق قُبيل المغرب، وقعَت عيني اليوم على منظرٍ لطالما لفتني أمثالُه، منظر يُثير فيّ -كلَّ مرّة- معاني مؤتلفة ومختلفة في آن، إنّه منظر جَدّ يُمسك بيد حفيدٍ من حَفَدته! نظراتُ الحفيد مُعلّقة بوجه جدّه تدور معه حيثُ دار، ونظرات الجدّ مُنتقلة مع كلّ ما يتحرّك حولهما ويدور، كأنّها تُغلّف...
أن تكون بريئاً في هذا الزمن ... جريمة أيضا. صامتة دوما، لم أراها تبتسم إلا ذالك اليوم عندما حيَيتها بلُغتِها، إبتسمت لي وعيونها البُنيّة تكاد تبكي، كانت أجمل إبتسامة رأيتها بعد التي على وجنات أمي. ذهبَتْ بخطى ثابتة إلى خارج المقهى، إستنشقَت هواءاً طلقاً وكأني أحرجت صدرها ثم رجَعَتْ حزينة إلى...
صرير الباب مؤلم منذ أن غادره السجان، كانت تتردد كل يوم في المواجهة، ازداد ألم الأقفال و اكتظت الأحزان بصدرها المكلوم، تحلم بانفراج هم و انجلاء الغم... هل أقتلع الباب أم أعالج الصدأ أم انتقم من الأقفال! _ أحتاج للحديث معك فالأمر لم يعد يحتمل التأخير أكثر ، احضر قبل أن ينهار البيت على رأسي...
تلكَ القريةِ البعيدةِ في تخومِ ذاكرتهِ ، النائمةَ الآنِ ، على ذراعِ الفراتِ ، وذلكَ الصبيُ بسنواتهِ العشرِ ، يرتدي دشداشتهُ المقلمةَ البازة ، يتنقلَ بينَ الترعِ الصغيرةِ ، تحتَ ظلالِ غابةِ النخيلِ ، يلتقطَ " الجمريّ " ذلكَ التمرُ غيرُ ناضجٍ الذي يتساقطُ لوحدهِ ، غيرَ أنَ ما يحصلُ خارجَ بستانِ...
في عنبر الجراحة أفرغت عاملات النظافة محتويات السلال الممتلئة بالقطن، و الشاش، و المحاقن ، و الإبر المستعملة في حاويات القمامة، و حرصن على سكب (الفنيك)، و المطهرات، و تنظيف درجات السلم، و الردهات، و الجدران، و غرف المرضى، و أسرتهم، و قمن بنزع الملاءات القديمة الملطخة ببقع الدم، و فرش ملاءات...
كان الطلق...وكانت صرخة أمي...وكنت أنا. عندما خرجت إلى هذا العالم,أول ما شد انتباهي, وجه أمي الغريب. نظرت إلى عينيها:عين ترقص من الفرح وعين تدمع من القرح...تأملت شقتيها: شفة تنوح كئيبة وشفة تدندن سعيدة...نظرت إلى أذنيها: أذن تخرج عبر نافذة الغرفة, تعود كلها استغراب,فيكفهر وجه أمي وتسيطر الكآبة...
إنخفض منسوب النيل، لم يُحصد محصولٌ في ذالك الموسم المشؤوم، تجمع رجال القرية للتشاور في إحدى أمسيات الصيف أمام راكوبة حاج عبدالله الرحالة، الرّجل الستيني النحيف مستطيل الوجه بارز الإبتسامة رغم فقره، الودود رغم غربته، عُرف بالسخاء عند أزمنة الشدّة والصلح عند الفتن والرأي عند المحن، قدّم لهم الجبنة...
ان كنت انفصلت منه وجفت محفظتي وترحل للمتوسطة ابني و ماتت امي وابي واخي فلا يعني ذلك انني ساتقبل قبري...ها اني اقاوم موتي الروحي بكل ما املك من اعصار الاصرار والتمرد .الم تسمعوا بي انا (عسل العيون ) اتركهم يضرمون رغبة من عطر ظلي . انا المتأوهة بصمت الوحيدة كرب لم يكتشفه احد ومثل انجيل في مطبخ...
زماننا خدعة محاكة بحرفية، حتى التاريخ لن يجرأ على تغيير حكاياته، التاريخ يرضخ دوماً للمنتصر. أتخيل أحياناً موقف أبنائنا حين يكبرون بعيداً عن وطنهم، هل سيقولون أننا فعلاً كنّا مجرمين وإرهابيين، هل سيصدقون الكتب والحكايات التي سيرويها المنتصر، أم أنهم سيبحثون بين سطور القصص عن كلام ينصف أباءهم. في...
غاب السندباد عني، وانقطعتْ أخبارُه، حتى خشيت أن يكون وراء طول الغياب طارئٌ مزعج أو مصاب. تقصَّيتُ أخبارَه في الموانئ والخانات بين التجار، فلم أجد مجيبًا على سائل. وتابعت برامج المغامرين على الفضائيات فلم أحصل على طائل. فـ"غسلتُ منه اليدين"، وخلدتُ إلى اليأس الذي هو إحدى الراحتين. أما قرَّائي...
أعلى