سرد

لم أعهدها تمرض، كتت ولم ازل وسوف ابقى اجد فيها طودا شامخا وجبلا اشم لا تهزه الرياح. هي التي لن تتكرر، لا يعيدها التاريخ، فهي من منحتني الوجود والتأريخ والقوة والثبات. لست اظن ان هنالك اعطر من لفظة امي، ولا الذ من كلماتها ولا اجمل من تظراتها، وقد صدق من قال ان اعظم الحصون هو حضن امي. انفلانزا...
بمجرد وصولها إلى المرعى، تقطف الفتاة شيئا من الكلأ الأخضر، وتمده إلى عنزاتها. وما إن تدنو إحدى العنزات، حتى تطوقها بذراعها اليسرى، بينما تبدأ يدها اليمنى في اعتصار حلمتي الضرع برفق، يناسب طباعها الهادئة كفتاة تشبه اليمام، تتنقل بين عنزات خمس حلوبة، مثلت ألبانها مصدر رزقها الوحيد. تغطي آنية...
حالة من الطوارىء غير العادية، تنشط لحظة وصول الرجل المهم، الى المبنى الفخم، يفتح باب السيارة، الحارس الخاص الذى قفز من السيارة، مثل لاعب سيرك بل أمهر، الجميع فى هرولة لإستقباله وتحيته، يجيب عنها باإيماءة خفيفة من رأسه، حتى يختفى عن الأنظار، ويغوص فى كرسى مكتبه الوثير، يرشف فنجان قهوته بااستمتاع،...
ظهيرةُ يومٍ مُشْمِس (سَــرْدِيَّــة) شاهدت مـحطة فضائية إخبارية، أَطَلَّت منها الـمذيعة ترتدي بزّة صفراء مُنطفئة، شعرها أسود لامع، فأبطأت غارقاً في تَـمَلّيها، مُتلمّساً حسنها، ثـمّ تَسَلَّقت عيناي على جيدها الـمرمريّ الـمرتشف للضوء، أشرب فنجاني وَأُكملُ مُتأمِّلاً خدَّيها الـمُتورِّدين...
انتهى نضال من بناء وتأثيث منزل فخم بأربعة طوابق في موقع مطل على أحياء المساكن الهشة في مدينته العريقة. جهز نوافذَه وسطحَه بأحدث آليات الترصد التكنولوجية قبل شهرين من الاستحقاقات البرلمانية لبلاده. دخلَه اليوم الأول لوحده وخصصه للتأمل في أحوال ومعاناة ماضي حياته المملة. وهو مسجى على أريكته...
للمرة الخمسمائة ينتابه هذا الشعور بعد ذهاب الأنثى. وحين أطفأ سجارته بقى قليلاً في المقهى دون أن يرى شيئاً أمامه. كان غارقاً في التفكير. وكان يطرح سؤالاً على نفسه، هل يعمق تلك العلاقة بحيث يذهب بها لأقصى مداها الجنسي أم يُبقي عليها عذرية. هذا هو التقسيم الكلاسيكي في علاقاته المستمرة منذ الشباب...
لم تهزها العواصف او تخيفها الأعاصير يوما، لم تعرف معنى للتواني والكسل، حملت منذ صباها مصاعب الحياة على كتفيها وسارت بها الى حيث بواكير الشباب الأول. منذ طفولتها، أحبت المصارعة الحرة، لم تستطع ان تبوح بما تحب لصويحباتها، فكل فتاة تعشق الراحة والجمال والدعة والسعادة، وهي لم تك لتختلف عنهن شيئا،...
ما أن ترجل من السيارة حتى أشار له السائق أن يتقدمه ليصعد الدرجات نحو البوابة الزجاجية، ألقى السلام على الحراس دون أن ينتظر ردا ؛ فقد تعود على تجاهل الجميع له من السائق إلى الحراس إلى المسؤلين الذين يستدعونه كل بضعة أسابيع . يتجه نحو غرفة الانتظار، يجلس مسترخيا على الكنبة الجلدية فربما تمر ساعة...
إبتسامتها تسقي جفاف الروح، سكرها زيادة يتحاشاها مرضى السكر، الصبح يستمد من وجهها الإشراق والضياء ، غمرت كل من حولها بالحنان ، وغرست الزهور في أرض لا ينفع فيها الزرع فأينعت وأزهرت، لها قدرة مدهشة علي إمتصاص التعب والقلق، والربت بحنو بالغ على المشاعر، يغالب دمعة حبيسة أصرت على السقوط، فى غيابها...
مجتزا من فصل من رواية (أمي وحكايات المدينة عرب) للروائي محمد سيف الدولة الفائزة بـ(جائزة الطيب صالح – مركز عيد الكريم ميرغني) بعنوان (مساوي) (مساوي) رأيت كما إِنَّ السماء دنت فوشوشتها نسائم العِشاء كان الليلُ يمضي بتؤدةٍ ووقار نحو ثُلثه الابتداء. آخذنا ذكاء الموضع هنا سيُولدَ الخير وتشرق...
تذكر وهو في الحافلة ذاهبٌ إلى عمله انّه لم يَعدّ أصابع قدميه عندما استيقظ من نومه، مثلما اعتاد أن يفعل صباح كل يوم. اضطرب، أحسّ بخوفٍ شديد، والتفت يميناً وشمالاً، ينظر للركاب بتوتر متخيلاً انّهم يراقبون كل حركةٍ يقوم بها ويعرفون كل كلمةٍ يفكّر بها. ومما زاد من خوفه وتوجسه انّه قد نسي اليوم أنْ...
لا يَزالُ لوقعِ رَحيلهِ لوعَة يأسف عليها أهل القرية جميعا ، تتجدّد شُجونها غمّا، كلّما تناثرت "كيزان"طلع ذكور النّخيل ، يملأ غبارها الغيطان ، في مثل هذه الأثناء ، وبينما الوجودُ يُراقِبُ في كمدٍ ظِلال المَغيب ، ماسِحا بكفهِ رؤوس النَّخيل ، اقبلَ " بركات السِّكي" يُنوحُ نواح الثّكلى، ويندبُ حظّه...
زمان كانوا يقولون- عن كفرنا حين يتجمع في الزاوية ويحدث صخبا، تتحرك الأقدام ويثور الغبار، تشعر بالفعل أن هذا أمر خارق للعادة- مولد وصاحبه غائب. كبرنا حتى لم يعد يأبه بنا أحد، نمشي غرباء، ثمة أمكنة تتذكرنا، إنها تعرف من تركوا مشاغباتهم على جذوع أشجار الكافور العملاقة التي تقف مثل الحارس الأمين. لا...
فجأة توقف بث الفيلم الذى كانت الأسرة تتابعه، لتصدمهم نشرات الأخبار عن بدء الحرب وحصد الأرواح، صور أشلاء القتلى مروعة، وإنهيار المنازل، الأطفال فى تدافعهم يصرخون يبكون، طفلة صغيرة لاتجد دميتها التى كانت تلعب بها منذ دقائق، شقيقها الصغير إختفى تحت الأنقاض، الحرب مروعة نتائجها كارثية، المنازل بكل...
في القطار من القاهرة إلى اسكندرية جلس أمامي رجل وأجلس ابنته الجميلة إلى جواري وقال ضاحكاً: - أوعة تعاكسها. كنت في الثامنة عشر من عمري، وكانت الفتاة في السابعة عشر. لم انبس ببنت شفة، ليس بسبب والدها الذي تركنا أكثر من مرة ليدخن. ولكن لأن الخوف من الأنثيات الجميلات كان يعقد لساني. في تلك اللحظة...
أعلى